ومن جانبه قال منتج الفيلم حسين القلا إن "المواطن مصري" أشار بشكل لواضح إلى فكرة "اغتصاب لمكاسب حرب أكتوبر"، الأمر الذي اقتبس من رواية "الحرب في بر مصر". فقد قدم صلاح أبو سيف الفيلم عن رواية يوسف القعيد "الحرب في بر مصر " التي جاءت لتحكي قصصا عن النصر وتكشف نقاطا سودا في ثوب الملحمة الناصع. أما مدير تحرير جريدة الأهرام المصرية أشرف أبو الهول فانتقد تلك الفكرة التي طرحها الفيلم، معتبرا أن كافة المصريين استفادوا من نصر أكتوبر، بل رأى أن الفلاحين البسطاء هم أكبر المستفيدين من ذلك النصر خاصة بعد إحباطهم من هزيمة 67.
إلا أن أولى مفاجآت الفيلم و أبرز نقاط قوته أنّه قدم رواية مختلفة عن حرب أكتوبر، و كسر بذلك قالب التقديس الذّي بات فعلا حاجزا صلدا يحول دون مراجعة التاريخ أو تناوله بالفحص و التحليل (و هي للأسف أهمّ نقاط ضعف العرب جميعا). فالفيلم و منذ تتر البداية يمنحك إحساسا مختلفا، فأن يعمد "أبو سيف" إلى أن يستهل عمله بتصوير نصب الجندي المجهول في القاهرة و يرفقه بموسيقى أقلّ ما يقال عنها بأنّها جنائزية كئيبة، سيدفعك لطرح السؤال إن كان حقا ما تشاهده هو فيلم عن حرب التحرير، حرب أكتوبر أو لنقل التناول التقليدي لها في السينما المصرية، التي للأسف تجانب الموضوعية كثيرا ما إن تقرر توثيق حرب سيناء. خارج النص - فيلم المواطن مصري - YouTube. و لكن الإستغراب و المفاجأة سينتفيان ما إن نغوص في أحداث الفيلم و نعاين عن قرب الرؤية التي إختارها صناع الفيلم للحديث عن حرب التحرير، حرب مصر ضد الكيان الصهيوني، التّي كانت في الحقيقة إطارا عامّا لحرب أخرى أو "الحرب في بر مصر" كما سماها "القعيد". الفيلم لم ينفي بطولات التحرير، و لكنه لم يجعلها "ملحمة إلياذة" أخرى و إنما قدمها كما جرت دون إنتقاص أو مبالغة، في معالجة موضوعية قلما نراها في أعمالنا التي تميل للتحيز و العاطفة الشديدة سواء بسبق الإصرار أو دون قصد منها.
لا تسألوني عن دموع بلادي عن حزنها في لحظة استشهادي" وطنٌ بخيلٌ باعني في غفلةٍ حين اشترته عصابةُ الإفسادِ "فصرختُ والكلمات تهرب من فمي هذي بلادٌ لم تعُــدْ كبلادي لم أجد أفضل من أبيات الشاعر فاروق جويدة لأستهل بها حديثي عن فيلم "المواطن مصري"، ذلك الفيلم الذّي أتمثله دوما و منذ أولى مشاهداتي له كالصرخة المكتومة، المعلنة في صدر كل منا. تلك التي نخفيها وراء قناع بال و عديم الملامح من "الرضا بالقدر و النصيب" بدل أن نطلقها في وجه الفساد و الظلم.. "المواطن مصرى".. 30 عامًا على العرض الأول لفيلم صنع انطلاقة عبد الله محمود - اليوم السابع. فقد إتضح بأنّ الأمر لا علاقة له بالقدر و لا النصيب كما أفهمونا و أفحمونا طوال قرون. فإن لم يكن قدرا فما ماهية ما يحدث؟؟ و كيف نوقف ال"ساقية الدايرة" التي تفني أحلامنا قبل أعمارنا؟؟ فيلم "المواطن مصري" هو فيلم سياسي ميلودرامي مصري، صدر سنة 1991، مقتبس عن رواية "الحرب في برّ مصر" لصاحبها "يوسف القعيد" التي تحتل المرتبة الرابعة في قائمة أفضل مائة رواية عربية. أخرجها للسينما المخرج "صلاح أبو سيف"، و هو من بطولة "عمر الشريف"، "عزت العلايلي"، "عبد الله محمود" و "صفية العمري". نصّ صنفه النخبة كأفضل ما كتب العرب في القرن الماضي، مخرج له باع طويل في الفنّ السابع و كوكبة من نجوم قلما إجتمعوا في عمل واحد من قبل: كلّها بوادر مبشرة بعمل "فريد" أو لنقل "مختلف" عن موجة "سينما التسعينات الخفيفة جدا".
ناقش برنامج "خارج النص" فيلم "المواطن مصري" الذي أنتج عام 1991 واستند إلى رواية "الحرب في بر مصر" للكاتب يوسف القعيد التي اعتبرت واحدة من أهم مئة رواية عربية. طرح فيلم "المواطن مصري" الذي أخرجه صلاح أبو سيف، تساؤلات عن الفئة الحقيقية التي ورثت نصر حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، موضحا أن السلطة المصرية آنذاك وحلفاءها من المنتفعين هم من حصدوا المجد والخير. وقدّم الفيلم حكاية المزارع المصري صاحب الحاجة (عبد المجيد الذي قام بدوره الممثل عزت العلايلي) كوقود لحرب أكتوبر، إلا أنه لم يجن منها شيئا، في حين انتفعت السلطة بالانتصار وضنت على المزارع بخمسة أفدنة كانت تعينه على العيش باستقرار وكرامة. وقال الكاتب والناقد الفني آدم ياسين إن حرب أكتوبر كانت بمثابة تفريق بين "الذين عبروا والذين هبروا"، معتبرا أن الجندي الحقيقي البسيط الذي شارك في الحرب وعبر قناة السويس وضحى بروحه وجسده لمصر لم يحصل على أي مكاسب حقيقية على أرض الواقع. فيلم المواطن مصرية. وأضاف ياسين أن الرابح الأكبر من انتصار مصر وعبروا القناة هم مجموعة من الانفتاحيين أو من سُموا آنذاك بـ"القطط السمان". واستدل ياسين بحكاية الجندي المصري محمد عبد المعطي الذي اشتهر باسم "صائد الدبابات"، الذي كان له دور هام في الحرب إلا أنه لم يحظ باهتمام الدولة، حيث كان يقيم في منزل ريفي بسيط جدا وبحالة معيشية متدنية.
لم يخرج الفيلم عن تقليد الأفلام العربية التي كان الريف المصري محور أحداثها منذ أفلام الأبيض و الأسود (دعاء الكروان/ الحرام/ الزوجة الثانية…. )، فكالعادة كانت قضيته الأهم الفقر و الجوع اللذان يلقيان بظلالهما على بيوت الطين و عشش الفلاحين، و الفساد و الإستغلال اللذان يسكنان قصور الميسورين. مشاهدة فيلم المواطن مصري كامل. ثنائية شهيرة، بل هي "كليشيه" من أهمّ كليشيهات سينمانا العربية و المصرية خصوصا. إلا أنّ القصة هذه المرة كانت مختلفة أو لنقل أكثر مباشرة من سابقاتها و سمت الأشياء بمسمياتها في سابقة نادرة في أفلامنا و إن لم تكن الوحيدة. فالفيلم يروي حدوتة "مصري" إبن الخفير الوحيد المعفى قانونا من خدمة التجنيد، الذي يجد نفسه مجبرا على التقدّم للخدمة العسكرية بدل الإبن الثالث للعمدة حتى يوفر لوالديه و لأختيه ما يسد رمقهم، في فترة عرفت فيها مصر إضطرابات سياسية كثيرة إنتهت بقيام حرب أكتوبر سنة 1973. رغم حساسية هذه الفترة في التاريخ العربي، و رغم توقعات المشاهد ( معذورا) بأنّ فيلم "المواطن مصري" سيكون حلقة جديدة في سلسلة أفلام حربية أشادت بحرب التحرير، و بطولات زعمائها و قادتها العظام بكثير من المبالغة و بإنفعالية شديدة لا تحترم عقل المشاهد و لا الحقائق التاريخية حتى، كما هو الحال في "الرصاصة لا تزال في جيبي"، "الطريق إلى إيلات"….