والسبب الثاني في جعل القوامة للرجل على المرأة هو: ما أنفقه عليها، وما دفعه إليها من مهر، وما يتكلفه من نفقة في الجهاد، وما يلزمه في العقل والدية، وغير ذلك مما لم تكن المرأة ملزمة به، وقد أشار إليه في الآية بقوله (وبما أنفقوا من أموالهم). وإذا تخلى الرجل عن ميزته التي ميزه الله تعالى بها فلم ينفق على امرأته، ولم يكسها، فإن ذلك يسلبه حق القوامة عليها، ويعطيها هي الحق في القيام بفسخ النكاح بالوسائل المشروعة، هذا هو ما يقتضيه تعليل القوامة في الآية الكريمة بالإنفاق، وهو ما فهمه منها المالكية والشافعية. هذا، ومما يجب التنبه له أن تفضيل الرجال على النساء المذكور في الآية الكريمة المراد منه تفضيل جنس الرجال على جنس النساء، وليس المراد منه تفضيل جميع أفراد الرجال على جميع أفراد النساء، وإلا فكم من امرأة تفضل زوجها في العلم والدين والعمل والرأي وغير ذلك. الرجال قوامون على النساء | مركز الإشعاع الإسلامي. وقال الشاعر: فلو كان النساء كمن ذكرنا لفضلت النساء على الرجال وهذه النكتة التي نبهنا عليها هي واحدة من بين نكت ذكر علماء البلاغة أن الإشارة إليها هي السر في عدول النظم القرآني إلى التعبير بقوله: (بعضهم على بعضهم) ولم يقل: بتفضيلهم عليهن، أو بتفضيله إياهم عليهن، مع أن ما عدل عنه أخصر وأوجز، ولكن عدل عنه لحكم جليلة، ونكت بلاغية يرى المطلعون عليها أن الآية في نهاية الإيجاز والإعجاز، ومن أراد الاطلاع على المزيد فعليه بكتب التفاسير عند الآية الكريمة: (الرجال قوامون على النساء.. ) [النساء: 34].
أما الآية الأخرى ففيه الإنكار، الإنكار على المشركين حين قالوا: إن الملائكة بنات الله، فأنكر عليهم نسبة الولد إلى الله ، وأن يكون ولده أنثى، فالله عز وجل منزه عن الولد كله الذكر والأنثى جميعاً، قال : لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:3-4]. الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله. والمشركون أثبتوا لله الولد وجعلوا ولده أنثى فعتب الله عليهم وأنكر عليهم ذلك، ونزه نفسه عن هذا سبحانه وتعالى. نعم. المقدم: بارك الله فيكم. فتاوى ذات صلة
وفي حالة عدم نفعه فإن الأمر يرفع إلى القاضي ينظر في القضية أويبعث حكماً من أهل الزوج وحكماً من أهل الزوجة لينظرا في القضية ويحكما بالجمع أو التفريق بينهما. وهذا معنى قوله تعالى في الآية التي جاءت بعد الآية التي شرحناها: ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا)(النساء:35) وخص الله تعالى في البعث من هو من أهلهما لأنهما أعلم بهما وأخبر من غيرهما. وننبه هنا إلى أمرين: الأول: أن كون الرجل أعقل من المرأة وأقدر على القيام بالأمور، إنما هو على سبيل الإجمال وغالب الأحوال، وإلا فكم من امرأة أقدر من كثير من الرجال، وأوفر عقلاً وأحسن تدبيراً وأشد ذكاء، ولكن أحكام الشرع مبنية على الغالب. الرجال قوامون على النساء.. كيف فهمها 5 من المفسرين - اليوم السابع. الثاني: أن ما أذن فيه الشرع من ضرب المرأة الناشز أذن فيه بضوابط وفي حدود غاية في الصعوبة، مما يجعل اللجوء إليه أمراً غاية في الندور، يكفي فيه أن نسبة الأزواج الذين يضربون زوجاتهن أكثر بكثير في المجتمعات الغربية منها في المجتمعات الإسلامية هذا على وفق إحصائيات نشرت من جهات مختلفة. وليس من العدل بحال من الأحوال أن تحسب أخطاء هؤلاء على الإسلام، وهذا يدل على أن من يحاول أن يشكك في عدالة الإسلام في هذا الباب إنما هو صاحب ساحب قصده سيء يحاول أن يصطاد في المياه العكرة.
( إن الله كان عليا كبيرا) متعاليا من أن يكلف العباد مالا يطيقونه ، وظاهر الآية يدل على أن الزوج يجمع عليها بين الوعظ والهجران والضرب ، فذهب بعضهم إلى ظاهرها وقال: إذا ظهر منها النشوز جمع بين هذه الأفعال ، وحمل الخوف في قوله ( واللاتي تخافون نشوزهن) على العلم كقوله تعالى: " فمن خاف من موص جنفا " ( البقرة - 182) أي: علم ، ومنهم من حمل الخوف على الخشية لا على حقيقة العلم ، كقوله تعالى: " وإما تخافن من قوم خيانة " ( الأنفال - 58) ، وقال: هذه الأفعال على ترتيب الجرائم ، فإن خاف نشوزها بأن ظهرت أمارته منها من المخاشنة وسوء الخلق وعظها ، فإن أبدت النشوز هجرها ، فإن أصرت على ذلك ضربها.
مواضيع ذات صلة
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه. انظر: طيب المذاق من ثمرات الأوراق، لابن حجة (ص:18)، وزهر الآداب وثمر الألباب (4/ 1046).
اقرأ أيضًا: "لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا".. تفسير الرجال قوامون على النساء - موضوع. تفسير الإمام ابن كثير وحكاية الصحابي أبو طلحة وعن قول الله عز وجل "وبما أنفقوا من أموالهم"، والتي تعني وبما ساقوا إليهن من صداق وأنفقوا عليهن من نفقة، و"فالصالحات"، وهم المستقيمات العاملات بدين الله وبالخير، و"قانتات" يعني المطيعات لله ولأزواجهن. وعن تأويل " حافظات للغيب"، أوضح الإمام الطبري، أنهم الحافظات لفروجيهن ولأنفسهن ولأموال أزواجهن عند غيبتهم عنهن، وللواجب عليهن من حق الله في ذلك وغيره، وعن " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن وأهجروهن في المضاجع وأضربهن"، أي أنه إذا رأيتم من نساءكم ما تخافون أن ينشزن عليكم من نظر إلى ما لا ينبغي لهن أن ينظرن إليه، واستربتم بأمرهن، وفعظوهن واهجروهن ولا يجامعهن، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "اضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضربا غير مبرح". وفي قول الله عز وجل "فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا"، تعني إنه في حالة الرجوع النساء إلى طاعة أزواجهن، فإنهم قد استجابوا لأمر الله، وحينها لا يجب المساس بمكروهن لهن، ولا يلتمس الرجال سبيلا إلى ما لا أحل الله لهم في جسد نساءهم إن الله ذو علو على كل شيء.