_______________ (1) التحرير والتنوير 17/210.
{ مُهْطِعِينَ}: مُسْرِعينَ إلى الداعي، أو مُسْرعين مدفوعين إلى النار. { مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ}: رافعي رؤوسهم، مُلْتصقة بأعناقهم، وقيل: ناكسي رؤوسهم. { لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ}: لا ترجع إليهم أبصارهم من شدّة النظر، فلا ينظرون إلى أنفسهم، لكثرة ما هم فيه من الهول، والمخافة لمِا يحلُّ بهم. { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}: قلوبُهم خاوية خالية ليس فيها شيء لكثرة الوجل. و لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون. أو إنّ أمكنة أفئدتهم خاليةٌ لأنّ القلوب لدى الحناجر، قد خرجت من أماكنها من شدة الخوف. وقيل: قلوبهم قد تمزّقت من الخوف لا تعي شيئاً. قال سيد قطب رحمه الله في (الظلال): "والرسول صلى الله عليه وسلم لا يحسب الله غافلاً عما يعمل الظالمون، ولكنّ ظاهر الأمر يبدو هكذا لبعض من يرون الظالمين يتمتّعون، ويسمع بوعيد الله، ثم لا يراه واقعاً بهم في هذه الحياة الدنيا، فهذه الصيغة تكشف عن الأجل المضروب لأخذهم الأخذة الأخيرة التي لا إمهال بعدها، ولا فكاك منها. أخذهم في اليوم العصيب الذي تشخص فيه الأبصار من الفزع والهلع، فتظلُّ مفتوحةً، مبهوتة، مذهولة، مأخوذة بالهول لا تطرف ولا تتحرك. ثم يرسم مشهداً للقوم في زحمة الهول: مشهدهم مسرعين لا يلوون على شيء، ولا يلتفتون إلى شي.
إن من أعظم صور الفاعلية الامتناع عن الظلم بأشكاله كافّة، فإن وقع فالمسارعة إلى رفعه والتحلل منه قبل فوات الأوان. 1 0 8, 919