القدر الذي يثبته أهل السنة من صفة المحبة الفرق التي ضلت في صفة المحبة والرد عليهم دلت النصوص على إثبات هذين النوعين لله سبحانه وتعالى، وهي من الصفات الفعلية، وقد ضل في ذلك الجهمية، فأنكروا المحبة من الطرفين، فقالوا: إن الله لا يحِب ولا يُحَب! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، قالوا: إن الله لا يحب أحداً من عباده، ولا يحبه أحدٌ من عباده، سبحان الله العظيم! كيف يجرءون على هذا، ويعطلون ما دل عليه الكتاب والسنة؟! وعلتهم في هذا النفي أنهم: قالوا: إن المحبة إنما تكون بين متناسبين، ولا نسبة بين الخالق والمخلوق. هكذا زعموا وافتروا في إبطال ما أثبته الله لنفسه من محبته لعباده، وما أثبته من محبة عباده له.
قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا عمران - يعني ابن زائدة بن نشيط - عن أبيه ، عن أبي خالد - هو الوالبي - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال الله: " يابن آدم ، تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى ، وأسد فقرك ، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك ". ورواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث عمران بن زائدة ، وقال الترمذي: حسن غريب. وقد روى الإمام أحمد عن وكيع وأبي معاوية ، عن الأعمش ، عن سلام أبي شرحبيل ، سمعت حبة وسواء ابني خالد يقولان: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يعمل عملا أو يبني بناء - وقال أبو معاوية: يصلح شيئا - فأعناه عليه ، فلما فرغ دعا لنا وقال: " لا تيأسا من الرزق ما تهززت رءوسكما ، فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشرة ، ثم يعطيه الله ويرزقه ". و [ قد ورد] في بعض الكتب الإلهية: " يقول الله تعالى: ابن آدم ، خلقتك لعبادتي فلا تلعب ، وتكفلت برزقك فلا تتعب فاطلبني تجدني; فإن وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء ". ﴿ تفسير القرطبي ﴾ إن الله هو الرزاق وقرأ ابن محيصن وغيره " الرازق ". ذو القوة المتين أي: الشديد القوي.
(اللَّهمَّ ربَّ السَّماواتِ وربَّ الأرضِ، وربَّ كلِّ شيءٍ، فالقَ الحبِّ والنَّوَى، مُنزِلَ التَّوراةِ والإنجيلِ، أعِذْني من شرِّ كلِّ ذي شرٍّ، أنت آخِذٌ بناصيتِه، أنت الأوَّلُ فليس قبلك شيءٌ، وأنت الباطنُ فليس دونك شيءٌ، وأنت الظَّاهرُ فليس فوقك شيءٌ، اقْضِ عنِّي الدَّينَ وأغْنِني من الفقرِ). (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي). مداومة الاستغفار، فقد قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا). يرشح لك موقع جربها قراءة: سبب نزول سورة التين وسبب تسميتها وفضلها تحدثنا معكم عن تجربتي مع إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، وكيفية القرب من الله عز وجل لنيل رضاه وجلب الرزق، والأدعية المأثورة عن أشرف الخلق في طلب الرزق من الله.
وأذكر أن شيخنا ابن عثيمين رحمه الله كان رئيسا لقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، وكان لا يقبل لتدريس العقيدة إلا الأكْفاء من السعوديين فقط، مع أن ذلك الوقت كان المؤهلون السعوديون ليسوا بهذه الكثرة في زماننا هذا. وأنا هنا لا أتحدث عن توجهات غير السعوديين العقدية والفكرية، ولا أتهم أحدًا، ومعاذ الله أن أقف في رزق أحد من المسلمين، فالله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين. وإنما أقول: إن السعوديين أولى لأنهم أبناء البلد، فحتى الزكاة الشرعية إنما تدفع لفقراء البلد لا لغيرهم، إلا إذا لم يوجد فقير في البلد أو كان لمصلحة راجحة كوجود أقارب في بلد آخر لا يجدون من يعطيهم، لحديث (إن الله قد افترض عليهم صدقةً في أموالهم، تُؤْخَذ من أغنيائهم، فتُرَدُّ في فُقرائهم) لاحظ أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (فقرائهم) ولم يقل (فقراء غيرهم). قال شيخنا ابن عثيمين، قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ عندما أرسله إلى اليمن (فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)، قوله «فقرائهم» أي: فقراء قومهم بمعنى أن زكاة أهل اليمن لأهل اليمن ما تخرج إلا إذا لم يوجد مستحق فتخرج، لكن ما دام يوجد مستحق فإنها لا تصرف إلى غيرهم، لأنه قال: (من أغنيائهم فترد في فقرائهم)أ.
التوبة إلى الله، والبعد عن المعاصي والذنوب. المسارعة في طاعة الله، واللجوء إلى فضائل الأعمال التي يحبها الله تعالى. السعي، والأخذ بالأسباب في طلب الرزق. الاستمرار على الاستغفار؛ فقد قال الله تعالى في كتابه: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا، يرسل السماء عليكم مدرارًا، ويمددكم بأموال وبنين). لمزيد من الإفادة يمكنك معرفة: أقوى سورة لطرد الجن من الجسد والتخلص من توابع المس للأبد أسباب جلب الرزق معظم الناس تشتكي من ضيق الرزق، وتبحث عن مصادر لجلبه، ولكن في بعض الأحيان قد يكون السبب الرئيسي لمنع الرزق هو البعد عن الله سبحانه وتعالى، ومن أسباب ومفاتيح جلب الرزق التي تعرفت عليها من خلال تجربتي مع إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ما يلي: كثرة الاستغفار لله، والمبادرة بالتوبة، ففي حين رجوع العبد إلى ربه؛ يرزقه الله من حيث لا يحتسب. الإنفاق، والتصدق على الفقراء حتى في وقت الشدة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، فرج الله عليه كربة من كرب يوم القيامة). صلة الأرحام تجلب الكثير من الرزق، كما وعد الله سبحانه وتعالى. الدعاء إلى الله والتذلل له، فلا يرد الله شخصا دعاه.
إذاً: أبطلنا شبهتهم بالمنع والتسليم، يعني: سواء سلمنا لكم فيما تقولون من دعوى، أو أننا أبطلنا دعواكم؛ فعلى كلا الأمرين قولكم ليس بصحيح، بل أعظم المناسبة هي بين الخالق سبحانه وتعالى وبين المخلوقين. والطائفة الثانية التي ضلت في هذه الصفة هم الذين قالوا: إنه لا يحِب ولكنه يحَب، فعطلوا محبة الله لعباده، وأثبتوا محبة المخلوق للخالق. وهؤلاء الجواب عليهم أن يقال: كيف تنكرون ما جاءت النصوص بإثباته، فهم مثل الفرقة الأولى إلا أنهم أهون بدعة منهم. والصحيح أن يثبت الأمران لله سبحانه وتعالى، فهو الذي يحِب ويحَب جل وعلا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) يقول: الشديد.