وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) القول في تأويل قوله تعالى: وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) يقول تعالى ذكره: لقد نادانا نوح بمسألته إيانا هلاك قومه، فقال: رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلا فِرَارًا... إلى قوله رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا وقوله ( فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) يقول: فلنعم المجيبون كنا له إذ دعانا، فأجبنا له دعاءه، فأهلكنا قومه.
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} أي: وأبقينا عليه ثناء صادقا في الآخرين، كما كان في الأولين، فكل وقت بعد إبراهيم عليه السلام، فإنه [فيه] محبوب معظم مثني عليه. عبر من قصة نوح عليه السلام. سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} أي: تحيته عليه كقوله: { قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} في عبادة اللّه، ومعاملة خلقه، أن نفرج عنهم الشدائد، ونجعل لهم العاقبة، والثناء الحسن. إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} بما أمر اللّه بالإيمان به، الذين بلغ بهم الإيمان إلى درجة اليقين، كما قال تعالى: { وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} هذه البشارة الثانية بإسحاق، الذي من ورائه يعقوب، فبشر بوجوده وبقائه، ووجود ذريته، وكونه نبيا من الصالحين، فهي بشارات متعددة. وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ} أي: أنزلنا عليهما البركة، التي هي النمو والزيادة في علمهما وعملهما وذريتهما، فنشر اللّه من ذريتهما ثلاث أمم عظيمة: أمة العرب من ذرية إسماعيل، وأمة بني إسرائيل، وأمة الروم من ذرية إسحاق.
(p-٤٢١)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقِينَ﴾. نوح في الإسلام - ويكيبيديا. يَقُولُ: لَمْ يَبْقَ إلّا ذُرِّيَّةُ نُوحٍ: ﴿وتَرَكْنا عَلَيْهِ في الآخِرِينَ﴾ يَقُولُ: يُذْكَرُ بِخَيْرٍ. وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «فِي قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقِينَ﴾ قالَ: سامٌ وحامٌ ويافِثُ». وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ وأحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وأبُو يَعْلى، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ سُمْرَةَ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «سامٌ أبُو العَرَبِ وحامٌ أبُو الحَبَشِ ويافِثُ أبُو الرُّومِ». وأخْرَجَ البَزّارُ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والخَطِيبُ في "تالِي التَّلْخِيصِ" عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ولَدُ نُوحٍ ثَلاثَةٌ، سامٌ وحامٌ ويافِثُ، فَوَلَدُ سامٍ العَرَبُ وفارِسُ والرُّومُ والخَيْرُ فِيهِمْ، ووَلَدُ يافِثَ يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ والتُّرْكُ والصَّقالِبَةُ ولا خَيْرَ فِيهِمْ، ووَلَدُ حامٍ القِبْطُ (p-٤٢٢)والبَرْبَرُ والسُّودانُ».
ولَمَّا انتَهَى نُوحٌ مِن صُنعِ السَّفينةِ، أَمَرَهُ اللهُ أَنْ يَحمِلَ مَعَهُ أَهلَهُ إِلاَّ امرَأَتَهُ ووَلَدَهُ؛ لأنَّهُم كَفَرُوا باللهِ، وأنْ يَحمِلَ مَعَهُ المؤمنينَ فَقَط، وأَمَرَهُ أنْ يَأخُذَ مِن كُلِّ نَوعٍ مِنَ الحَيوانَاتِ زَوجَينِ اثْنَين -ذَكَراً وأُنثَى-، حتَّى يُحافِظَ على هذِه الأَجنَاسِ ولاَ تَنْقَرِضُ، ثمَّ جَعلَ اللهُ تعَالى لِنوحٍ عَلامةً على العذابِ وهُو أنْ يَفُورَ التَّنُّورُ ويَنْبعَ الماءُ فَوقَ سَطحِ الأَرضِ، فذَلكَ هُوَ الوقتُ المنَاسِبُ لرُكوبِ السَّفينةِ لِتنجُوَ أَنتَ ومَن مَعَكَ مِنَ الطُّوفَانِ المدمِّرِ. فلمَّا ظَهَرتِ العَلامَةُ وفَارَ التَّنُّورُ رَكِبُوا السفينةَ، وأَنزلَ اللهُ الماءَ مِن كُلِّ الجِهاتِ، فُتِحَتِ السَّماءُ فانْهمَرتْ مِنها الأَمطارُ بشدَّةٍ، وتَفجَّرتِ اليَنابِيعُ، وفَاضَتِ الأَنهارُ والبِحارُ، والْتَقَى مَاءُ السَّماءِ بماءِ الأَرضِ، وارْتَفعَ الماءُ فَوقَ رُؤوسِ الجِبالِ واخْتلَطَتِ البِحارُ والأَنهَارُ، حتَّى قِيلَ إنَّ الماءَ ارْتَفعَ عَن سَطحِ الأَرضِ خَمسةَ عَشَرَ ذِراعًا، ولَم يَنْجُ إلاَّ أصحابَ السفينةِ، وغَرقَتِ الأرضُ بالماءِ والطُّوفَانِ.
أيهَا الإِخوةُ... أَبُونَا الأوَّلُ وأَبو العَالَمِ، هو آدَمُ عَليه السلامُ، وأبُونَا الثَّانِي وأَبُو العَالَمِ أَيضاً، نُوحٌ عليهِ السَّلامُ، فكُلُّ مَن علَى ظَهرِ الأَرضِ إنَّمَا هُو مِن ذُريَّتِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ}. ونُوحٌ - يَا عبادَ اللهِ - هُوَ أَوَّلُ رَسولٍ بَعثَهُ اللهُ إلى أَهلِ الأَرضِ، ومِن أُولِي الْعَزمِ مِنَ الرَّسُلِ. المصحف الإلكتروني - ترجمة القران الكريم ومعاني الكلمات. عَاشَ نُوحٌ عليهِ السلامُ عُمُراً طَويلاً، فقدْ كَانَ أَطولَ الأَنبياءِ عُمُراً وأَكثَرَهُمْ جُهْداً، فَقدْ تَحمَّلَ مِنَ الأَذَى شَيئاً عَظِيماً؛ فدَعَا قَومَهُ لَيلاً ونَهَاراً، سِرًّا وجِهَاراً، بالتَّرغِيبِ تَارةً والتَّرهيبِ أُخرَى. وأَقامَ فِيهِمْ علَى هذِهِ الحَالِ، تِسعَمِائةٍ وخَمسينَ عَاماً مِن عُمُرِهِ الدَّعَوِيِّ، مَارَسَ فِيهَا كُلَّ الوَسائِلِ المُمكِنَةِ لإقنَاعِهِمْ ودَعوَتِهِم إِلى اللهِ بالحِكمةِ والموعِظَةِ الحَسَنةِ، ولكنَّه مَعَ هذَا لَمْ يَلْقَ مِن قَومِهِ إلاَّ الإِعرَاضَ والتَّكذِيبَ والتَّعذِيبَ، فقدْ كَانتْ قُلُوبُ قَومِهِ أَشَدَّ مِنَ الحِجارَةِ، وعُقُولُهُمْ أَصْلَبَ مِنَ الحَديدِ.
من الممكن أن يساعدك البحث. البحث عن: زر الذهاب إلى الأعلى
[سورة المؤمنون الآية 5-7]. حكم الإسلام في الزنا واللواط وولد الزنا: س8: ما هو حكم الإسلام فيما يلي: أ- العلاقات الجنسية قبل الزواج. ب- ولد الزنا. ج- اللواط. د- الزنا. ج 8: الجواب على هذه الأمور هي أن الزنا محرم بالكتاب والسنة والإجماع، وكذلك اللواط، وإن الإسلام بتحريمه لذلك حرم ما قد يجر إليه من مسيس، أو قبلة، كما حرم سفر المرأة بدون محرم، وخلوتها مع رجل وليس بمحرم لها، كما إنه نهى عن متابعة النظر إذ قد تجر متابعة النظر فيه إلى ذلك، ونهى عن الاستماع إلى الأغاني والأصوات الفاتنة، المثيرة للغرائز الجنسية؛ حماية وصيانة للمسلم أن يجر إلى مقارفة تلك الجريمة الشنعاء، من زنا أو لواط، وحكم هذه يعم المرأة المخطوبة وغير المخطوبة، إلا أنه يجوز للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته دون أن يمسها، أو يخلو بها؛ لما ورد في ذلك من الأدلة الشرعية. أما ولد الزنا فيلحق نسبا بأمه، وحكمه حكم سائر المسلمين، إذا كانت أمه مسلمة، ولا يؤاخذ ولا يعاب بجرم أمه، ولا بجرم من زنا بها؛ لقوله سبحانه: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [سورة الإسراء الآية 15]. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم. عقاب المسلم الذي يرتكب جريمة الزنا: السؤال الأول من الفتوى رقم (4889) س1: ما عقاب المسلم الذي يرتكب جريمة الزنا وكيف يمكن منعه؟ ج 1: عقاب المسلم الذي يرتكب جريمة الزنا هي: الجلد مائة والتغريب سنة للبكر، والرجم بالحجارة للثيب حتى يموت، وهذا إذا ثبت عليه ارتكاب الجريمة؛ إما بإقرار، أو شهود أربعة عدول؛ ولا يقيم الحد إلا ولي أمر البلاد، أو نائبه (الحاكم الشرعي) أما المنع من الزنا، فيكون باجتناب الأسباب الداعية إليه، من مغريات، وقصص خليعة، وأشياء مثيرة للغرائز، أو يكون بإقامة الحد الشرعي، ويجب اجتناب الخلوة بالمرأة الأجنبية، والنظر إليها بشهوة، ونحو ذلك مما يدعو إلى الفتنة بها.