{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا. نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا. إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا. إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا. إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا. وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا. رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} ( يا أيها المزمل.. قم.. ).. إنها دعوة السماء ، وصوت الكبير المتعال.. قم للأمر العظيم الذي ينتظرك ، والعبء الثقيل المهيأ لك.. قم فتهيأ لهذا الأمر واستعد. إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحا ، ولكنه يعيش صغيرا ويموت صغيرا.. يا ايها المزمل تفسير. فأما الكبير الذي يحمل هذا العبء الكبير.. فماله والنوم ؟ وماله والراحة ؟.. ولقد عرف رسول الله حقيقة الأمر وقدره ، فقال لخديجة - رضي الله عنها - وهي تدعوه أن يطمئن وينام: مضى عهد النوم يا خديجة. ( يا أيها المزمل. قم الليل إلا قليلا. نصفه أو انقص منه قليلا. أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا).. إنه الإعداد للمهمة الكبرى بوسائل الإعداد الإلهية المضمونة.. قيام الليل.
وقال قتادة: المزمل في ثيابه ، وقال إبراهيم النخعي: نزلت وهو متزمل بقطيفة. وقال شبيب بن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس: ( يا أيها المزمل) قال: يا محمد زملت القرآن.
[3] المزمل: المتغطي بثيابه كالمدثر، وهذا الوصف حصل من رسول الله ﷺ حين أكرمه الله برسالته، وابتدأه بإنزال [وحيه بإرسال] جبريل إليه، فرأى أمرا لم ير مثله، ولا يقدر على الثبات له إلا المرسلون، فاعتراه في ابتداء ذلك انزعاج حين رأى جبريل عليه السلام، فأتى إلى أهله، فقال: «زملوني زملوني» وهو ترعد فرائصه، ثم جاءه جبريل فقال: «اقرأ» فقال: «ما أنا بقارئ» فغطه حتى بلغ منه الجهد، وهو يعالجه على القراءة، فقرأ ﷺ ، ثم ألقى الله عليه الثبات، وتابع عليه الوحي، حتى بلغ مبلغا ما بلغه أحد من المرسلين. يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا. فسبحان الله، ما أعظم التفاوت بين ابتداء نبوته ونهايتها، ولهذا خاطبه الله بهذا الوصف الذي وجد منه في أول أمره. فأمره هنا بالعبادات المتعلقة به، ثم أمره بالصبر على أذية أعدائه، ثم أمره بالصدع بأمره، وإعلان دعوتهم إلى الله، فأمره هنا بأشرف العبادات، وهي الصلاة، وبآكد الأوقات وأفضلها، وهو قيام الليل. تفسير السعدي. المصدر [ عدل]