تاريخ الإضافة: 6/1/2018 ميلادي - 19/4/1439 هجري الزيارات: 36681 تفسير: (الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع) ♦ الآية: ﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ﴾. الم يعلموا ان الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر. ♦ السورة ورقم الآية: الرعد (26). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ الله يبسط الرزق ﴾ يُوسِّعه ﴿ لمن يشاء ويقدر ﴾ ويضيِّق ﴿ وفرحوا ﴾ يعني: مشركي مكة بما نالوا من الدُّنيا وبطروا ﴿ وما الحياة الدنيا في الآخرة ﴾ في حياة الآخرة أَيْ: بالقياس إليها ﴿ إلاَّ متاع ﴾ قليلٌ ذاهبٌ يُتمتَّع به ثمَّ يفنى. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ ﴾، أَيْ: يُوَسِّعُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَيُضَيِّقُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، ﴿ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا ﴾، يَعْنِي: مُشْرِكِي مَكَّةَ أَشِرُوا وَبَطِرُوا، وَالْفَرَحُ لَذَّةٌ فِي الْقَلْبِ بِنَيْلِ الْمُشْتَهَى، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَرَحَ بِالدُّنْيَا حَرَامٌ.
وفرح هؤلاء الكفار بما أوتوا في الحياة الدنيا استدراجا لهم وإمهالا كما قال تعالى: ( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون) [ المؤمنون: 55 ، 56]. ثم حقر الحياة الدنيا بالنسبة إلى ما ادخره تعالى لعباده المؤمنين في الدار الآخرة فقال: ( وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع) كما قال: ( قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا) [ النساء: 77] وقال ( بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى) [ الأعلى: 16 ، 17]. تفسير: (الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع). وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع ويحيى بن سعيد قالا حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس ، عن المستورد أخي بني فهر قال: قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم: " ما الدنيا في الآخرة إلا كمثل ما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم ، فلينظر بم ترجع " وأشار بالسبابة. ورواه مسلم في صحيحه. وفي الحديث الآخر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بجدي أسك ميت - والأسك الصغير الأذنين - فقال: " والله للدنيا أهون على الله من هذا على أهله حين ألقوه ". ﴿ تفسير القرطبي ﴾ الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر لما ذكر عاقبة المؤمن وعاقبة المشرك بين أنه تعالى الذي يبسط الرزق ويقدر في الدنيا ، لأنها دار امتحان; فبسط الرزق على الكافر لا يدل على كرامته ، والتقتير على بعض المؤمنين لا يدل على إهانتهم.
والمعنى: أنهم رضوا بحظ الدنيا معرضين عن نعيم الآخرة، والحال أن ما فرحوا به في جنب ما أعرضوا عنه قليل النفع، سريع النفاد.
والمراد بالفرح هنا: الأشر والبطر وجحود النعم. أى: وفرح هؤلاء الكافرون بربهم، الناقضون لعهودهم، بما أوتوا من بسطة في الرزق في دنياهم، فرح بطر وأشر ونسيان للآخرة لا فرح سرور بنعم الله، وشكر له- سبحانه- عليها، وتذكر للآخرة وما فيها من ثواب وعقاب... وقوله- سبحانه- وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ بيان لقلة نعيم الدنيا بالنسبة لنعيم الآخرة. والمتاع: ما يتمتع به الإنسان في دنياه من مال وغيره لمدة محددة ثم ينقضي. أى: إن هؤلاء الفرحين بنعم الله عليهم في الدنيا، فرح بطر وأشر وجحود، لن يتمتعوا بها طويلا، لأن نعيم الدنيا ليس إلا شيئا قليلا بالنسبة لنعيم الآخرة. الم يعلم ان الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر. وتنكير «متاع» للتقليل، كقوله- تعالى- في آية أخرى: لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ، مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ. قال الآلوسى ما ملخصه: قوله وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ أى: كائنة في جنب نعيم الآخرة، فالجار والمجرور في موضع الحال، و «في» هذه معناها المقايسة وهي كثيرة في الكلام، كما يقال: ذنوب العبد في رحمة الله- تعالى- كقطرة في بحر، وهي الداخلة بين مفضول سابق، وفاضل لاحق... والمراد بقوله: إِلَّا مَتاعٌ أى: إلا شيئا يسيرا يتمتع به كزاد الراعي.
(31) انظر تفسير" المتاع" فيما سلف: 414 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.
قراءة سورة الرعد
والله سبحانه يُوسِّع الرزق لمَنْ يشاء، ويُضيِّقه على مَنْ يشاء، فالذي ضُيِّق عيه يحتاج لمن بسط له، وكذلك يبسط الرزق في شيء ويُضيِّقه في شيء آخر، فهذا بسط له في العقل مثلاً، وضيق عليه في المال. فكأن الحق - سبحانه وتعالى - نثر مواهب الملكات بين خَلْقه، لم يجمعها كلها في واحد، وسبق أن أوضحنا أن مجموع الملكات عند الجميع متساوية في النهاية، فَمنْ بُسِط له في شيء ضُيِّق عليه في آخر؛ ليظل المجتمع مربوطاً برباط الاحتياج، ولا يستغني الناس بعضهم عن بعض، وحتى تتكامل المواهب بين الناس، فتساند لا تتعاند. إذن: فالحق - سبحانه وتعالى - حين يبسط الرزق لعبد، ويَقْدره على آخر، لا يعني هذا أنه يحب الأول ويكره الآخر، ولو نظرتَ إلى كل جوانب الرزق وزوايا العطاء لوجدتها متساوية. آية و5 تفسيرات.. إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر - اليوم السابع. وحين نتأمل قوله سبحانه: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ... } [الزخرف: 32] فأيُّ بعض مرفوع؟ وأيُّ بعض مرفوع عليه؟ الكل مرفوع في جهة اختصاصه، ومرفوع عليه في غير جهة اختصاصه، إذن: فالجميع سواء. وسبق أنْ ضربنا مثلاً لهذه القضية.