مجلة الرسالة/العدد 767/القصص أقصوصة من روائع الأدب الإيطالي: من شابه أباه بقلم الأستاذ مصطفى جميل مرسي عاش قدماً من بلاد (الإغريق) ملك ذو بأس وسلطان عظيم، يدعى (فيليب)... وقد ألقى ذلك الملك في غياهب السجن بأحد العلماء الراسخين في العلم... لما قارفه من أثم وركبه من عدوان!.. وكان ذلك العالم ممن حباهم الله بالحكمة وآثاهم المعرفة.. حتى ذاع صيته في كل أفق.. وجرى ذكره على كل لسان.. وحدث ذات يوم أن أهدى ملك (أسبانيا) إلى الملك (فيليب) جواداً كريماً الأصل جميل الشكل أشهب اللون ذا جرم عظيم...! فأرسل الملك في طلب (البيطار) ليعلمه الرأي في هذا الحصان، بيد أن هذا أسر في أذنه أن الحكيم الإغريقي هو أعلم أهل الأرض بكل أمر، وأخبرهم بكل شيء!.. فدعاه الملك من شجنه!. وقال له: (أيها السيد.. لقد ألقى في روعي ما أصبت من العلم البعيد، وترامى إلى سمعي ما جنيت من الخبرة العميقة!. فخبرني بما تراه في هذا الجواد؟!. ) فلما أنعم الحكيم فيه النظر، وفحصه عن دقة وبينة.. تبسم وقال للملك: (يا مولاي.. إن هذا الجواد جميل حقاً وسريع الركض!. بيد أنه أرضع لبن الحمير!.. ) فأوقد الملك (فيليب) إلى (أسبانيا)! ليلموا بجلية الأمر، فانثنوا على أعقابهم يسوقون له اليقين على أن التي أرضعت الجواد حمارة.. مجلة الرسالة/العدد 767/القصص - ويكي مصدر. فقد نفقت أمة إثر ولادته!..
هذه خلاصة ما حدثت به صديقي، وقد قلت له كلاماً آخر كثيراً، نسيته، فقد طال بيننا الحوار، وتركني وهو غير مقتنع بصوابي، فلم أحفل بذلك. وماذا يضرني ألا يقتنع؟ ولماذا أكلف نفسي تعب إقناعه؟ أنا الذي جربت مراراً كيف يخيب الأمل، ويذهب المسعى سدى؟ وأويت إلى مكتبي في الليل، بعد أن نام البيت، وأعفيت من ضجة الأطفال وأخرست لسان الراديو الصاخب... مجلة الرسالة/العدد 298/بلادة أم اتزان؟ - ويكي مصدر. وعلى ذكر الراديو أقول أن بني مثلي، يأكلون على ضوضاء الراديو، ويراجعون دروسهم على ضجات الراديو، ولا يبدو عليهم أنهم يسمعون ما يصيح به، أو يبالونه، ومن شابه أباه فما ظلم، وإني لأرجو أن يظلوا مثلي، وألا يكترثوا لمن عسى أن يسبهم ويزعمهم (من فراش العار) - في حوار أدبي أو جدل سياسي - ما علينا. سألت نفسي لما خلوت بها: (أهذا الذي صرت إليه اتزان أم بلادة؟ وصحة إدراك للقيمة الحقيقية للأشياء، أم فتور حتى عن محاولة الإدراك؟ وهل النار كامنة تحت هذا الرماد، أم هي خمدت وأنت تحسبها لا تحتاج إلى أكثر من التقليب؟ وهل يشي هذا بالقوة، أو يشي بالضعف؟ ومن اليأس هذا، أم من العلم والفهم الصحيح؟ وحال تدوم، أم عارض يزول؟ وطال تفكيري في جواب هذه المسائل، ولم أنته إلى شيء تسكن إليه النفس، فنهضت وأنا أقول: (ولماذا أعني نفسي بهذه المتعبات؟ وماذا أبالي على كل حال سواء أكان الأمر هكذا أم كذلك؟) وأعجبتني (لا أبالي) هذه، فقد صارت عندي مخرجاً من كل ورطة، وباباً لتفريج كل أزمة في النفس.
قال الشيخ للشاب في تعجب وإكمال للحديث قل لي شيء بحرف تاء، فقال الشاب: التاء تراني كل ما أوحيت طرياه افزلو حلو الكرى قد غشـاني. قال الشيخ للشاب أكمل حديثك وقل لي شيء بحرف الثاء، قال الشاب: الثاء ثلوم القلب محد بيرفاه إلا أن خلي من عذابه سفاني. سأل الشيخ الشاب في اندهاش وقال: من علمك كل هذا، قال الشاب: أبي هو من علمني، قال الشيخ له: من شابه أباه فما ظلم. حيث علم الشيخ أن الأب هو السبب في أن ابنه يقول هذا، ومنذ ذلك الحين أصبح الأشخاص يرددون المثل عندما يكون هناك ابن يسير على نهج أبيه. كما يمكنكم الاطلاع على: قصة كلٌ يرى الناس بعين طبعه كاملة الحكمة والعبرة من قصة من شابه أباه فما ظلم بعدما تعرفنا على ما هو أصل مثل من شابه أباه فما ظلم؟ من التراث الشعبي، دعونا الآن نتعرف على الدروس المستفادة والحكمة من قصة هذا المثل: لابد من التمييز في العمل. لابد من التفكير بشكل واسع وعدم الاعتماد على ضيق الأفق. ما هو أصل مثل من شابه أباه فما ظلم؟ – e3arabi – إي عربي. التعليم هو أساس الحياة، وما يتعلمه المرء يظل يؤثر فيه طوال عمره. لابد من التعلم ولابد من صقل الموهبة والاهتمام بالمعارف والدراسة. كما أدعوك للتعرف على: أقوال الحكماء عن الصمت معبرة.. وأمثال بلغات متنوعة في نهاية مقالنا عن ما هو أصل مثل من شابه أباه فما ظلم؟، نتمنى لأولادنا جميعاً أن يكونوا في أحسن حال، وسوف نقدم عبر موقعنا المزيد من المقالات عن قصص الأمثال الواردة في التراث الشعبي.
هذه هي الأحوال التي يسمونها باللامسؤولية وحكم القانون فيها هو نفس الحكم الذي فرغنا الآن من شرحه غير أن الأسلوب القانوني يخالف الأسلوب الذي اتبعناه فالقانون يذكر دائماً الإدانة والمدانين والإجرام والمجرمين ولا يجد في الأحوال التي سردناها إدانة تستحق العقاب وحيث قد انتهينا من هذه الأحوال فلنبدأ بسرد أحوال الذين يقال عنهم أنهم مسؤولون عن أفعالهم وبعبارة أخرى الذين لا عيب في جهازهم العصبي.
فزاد دهش الملك وعظم إعجابه بحكمة الإغريقي، وعقله الفذ وعلمه العجيب.. وأمر بأن يقدم له - في سجنه - رغيف كامل كل يوم!.. وانسلخت أيام وانقضت شهور، وكان الشك لا يفتأ ينتاب الملك، والظنة لا تبرح تراوده بين حين وحين في نسبه إلى أبيه!. فأرسل في طلب الحكيم، وقال له: (أيها الرجل العليم... أن بلاءك اليوم لعظيم.. أريدك على أن تخبرني إبن من أنا؟ ّ) فأجابه العجوز - مظهراً الدهشة - في صوته الهادئ وحكمته الرزينة: (يا مولاي.. إن هذا لعجيب! لا ريب في أنك إبن سلفك الملك العظيم.. والدك!. (فصاح الملك حانقاً في غلظة: (إياك والمراوغة من سؤالي: أخبرني الحقيقة وأنت آمن! فإن خالجك تردد، فسوف أضرب عنقك كخائن حقير! ) فأجابه الإغريقي: (إذن يا مولاي! لا تثريب علي ولا حرج، أني أخبرك أنك سليل خباز! ) فدخل الملك (فيليب) على (الملكة لوالدة).. قلقاً ظامئاً إلى جلاء الحقيقة.. وهددها وشدد النكير عليها.. فاعترفت له بأن الحكيم لم يتجاوز الحق فيما قاله!. حينئذ بلغ إعجاب الملك بالحكيم حداً عظيماً، فاحتبسه معه في غرفة بمنأى عن القوم - وقال له: (يا سيدي الجليل!.. لقد تجلت لي آيات بينات من علمك، وبراهين ساطعة على قدرتك! وقد حان أن تكشف لي النقاب عن سر معرفتك بها وحكمك عليها!.. )