{ ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل} يعني: الفرائض والفعل { لا يزال} يدل على الاستمرار يعني: ويستمر { عبدي يتقرب إليّ بالنوافل} يعني: بعد الفرائض حتى أحبه الله ، { حتى} تحتمل هنا الغاية وتحتمل التعليل فعلى الأول يكون المعنى: أن تقربه إلى الله يوصله إلى محبة الله ، وعلى الثاني يكون المعنى: لا يزال يتقرب إليّ بالنوافل ويكون هذا التقرب سبباً لمحبته والغاية واحدة. { فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به} أي: سددته في كل ما يسمع فلا يسمع إلا ما فيه الخير له وليس المعنى أن الله يكون سمع الإنسان لأن سمع الإنسان صفة من صفاته أي: صفات الإنسان محدث بعد أن لم يكن ، وهو صفة فيه أي: في الإنسان وكذلك يقال في { بصره الذي يبصر به} أي: أن الله فيما يرى إلا ما كان فيه خير ولا ينظر إلا إلى ما كان فيه خير. المبحث الأول: الرد على عقيدة وحدة الوجود - موسوعة الفرق - الدرر السنية. ويده التي يبطش بها} يقال فيها ما سبق في السمع أي: أن الله تعالى يسدده في بطشه وعمله بيده فلا يعمل إلى ما فيه الخير. { ولئن سألني} أي: دعاني بشيء وطلب مني شيئا { لأعطينه}. { ولئن استعاذني لأعيذنه} فذكر السؤال الذي به حصول المطلوب ، والاستعاذة التي بها النجاة من المهروب وأخبر أنه سبحانه وتعالى يعطي هذا المتقرب إليه بالنوافل يعطيه ما سأل ويعيذه مما استعاذ.
علاوة على ما ورد في شأن حب الله للعبد في هذا الحديث، فإن هناك حديثا آخر يبين مرتبة أخرى للمحبوب. فقد ورد أن الله إذا أحب عبدا نادى جبريل فقال له: يا جبريل، إني أحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل. وينادي في أهل الملأ أنّ الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه من في السماء، ويُكتب له القبول في الأرض. ويقال مثل ذلك في من أبغضه الله تعالى، والعياذ بالله. والشاهد هنا أن فلانا الذي أحبه الله، لأنه أطاعه وأحبه وأقبل عليه، فإن الله تعالى والملأ الأعلى كلهم مشغولون به، يتحدثون عنه، فهو الإنسان الضعيف البسيط، لكنه بطاعته لله عظيم محبوب. هي فرصة عظيمة لنا أن نتوب وننيب إليه تعالى؛ أن نعرف حقيقة أنفسنا وما أوجبه الله تعالى علينا. فليس الدين معقدا ولا عسرا، والله سبحانه هو الذي أمر ونهى، ويحب من عباده أن يطيعوه، وفي ذلك الخير كله، فهو الذي أكمل الدين وأتمّ به النعمة ورضي لنا الإسلام دينا. وبرغم شدة الانتقادات ومحاولات التشويه والتنفير عنه، إلا أن الله يأبى إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون الذين يريدون إطفاء نور الله، وأنى لهم ذلك. نعم، هناك من شوّه الإسلام من أبناء المسلمين، فضلا عن غيرهم من الحاقدين على هذا الدين.
↑ أبو عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (1429)، الداء والدواء (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة: عالم الفوائد، صفحة 432، جزء 1. بتصرّف. ^ أ ب "النوافل طريق المحبة " ، ، 2016-8-2، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-15. بتصرّف. ↑ مصطفى العدوي، الصحيح المسند من الأحاديث القدسية ، مصر: دار الصحابة للتراث، صفحة 180، جزء 1. بتصرّف. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي أيوب الأنصاريّ، الصفحة أو الرقم: 759، حسن صحيح. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 725، صحيح. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1014، صحيح. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 226، صحيح. ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 466، صحيح. ↑ ياسر الحمداني، حياة التابعين ، صفحة 152. بتصرّف. ↑ أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين ، بيروت: دار المعرفة، صفحة 359، جزء 1. بتصرّف. ↑ أبو نعيم الأصبهاني، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 28، جزء 3.