وليَبْكِ على جفائه وغلطه وغلظته وبُعده من لم يُوفق لتوطين نفسه على اتباعه، ولا اتباع بلا محبة ووفاء وفداء، فبالإيمان الصادق يتعلق المؤمن الموفَّقُ بالعروة الوثقى ويفضل محبته على محبة نفسه وغيره. وقد أبلى الصحابة رضي الله عنهم البلاء الحسن في ذلك محبة وجهادا وصبرا، وقد أثنى الله تعالى عليهم في مواطن كثيرة، منها قوله سبحانه:{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}(آل عمران: 172-174).
فأيما مؤمن ترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا، وإن ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني فأنا مولاه » [ أخرجه البخاري ورواه أحمد وابن أبي حاتم]. وقال تعالى: { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} أي في الحرمة والاحترام، والتوقير والإكرام والإعظام، ولكن لا تجوز الخلوة بهن ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع.
والحمد لله رب العالمين. كتبه أحمد بن صالح الفراك فاتح محرم الحرام 1441ه، الموافق لِـفاتح شتنبر 2019 [1] – البخاري، كتاب الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان، رقم 15 [2] – البخاري، كتاب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب الصلاة على من ترك دينا، رقم 2298 [3] – ياسين، عبد السلام. الإحسان، مطبوعات الأفق، الدار البيضاء، ط1، 1998، 1/ 104 [4] – البخاري، كتاب الأيمان والنذور، باب كيف كانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 6257 [5] – البخاري، باب ماذكر عن بني إسرائيل، رقم 3461. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الأحزاب - الآية 6. [6] – مسلم، باب فيمن يود رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بأهله وماله، رقم 2834
أمر الله تعالى في كتابه المجيد "بتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوقيره، وتعزيره، والأدب البالغ في حضرته. وأُمر الصحابة في سورة الحجرات أن لا يرفعوا أصواتهم فوق صوته، وأن لا يجهروا له بالقول كجهر بعضهم لبعض، وأن لا ينادوه نداء بعضهم لبعض. وأعلمهم القرآن أن الذين يبايعون رسول الله إنما يبايعون الله،وأن يد الله فوق أيدي المبايعين. فاجتمعت للصحابة عوامل التبجيل والإجلال والمحبة أمراً مُوحى به من السماء، وانبعاثا متوثبا من القلوب. لولا هذا الانبعاث لما تُلُقّيَ الأمر السماوي ولا البيان النبوي بالتقديس". 3 روى البخاري عن عبد الله بن هشام قال:"كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب. فقال له عمر: يا رسول الله! لأنت أحبُّ إليَّ من كل شيء إلا نفسي! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا والذي نفسي بيده، حتى أكونَ أحبَّ إليك من نفسك! "فقال عمر: فإنه الآن والله لأنْتَ أحبُّ إليَّ من نفسي! فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الآن يا عمر"! 4 فكانت المحبة التي يقتضيها إيمان المؤمنين هي إيثار محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم على محبة من سواه من المخلوقين، كيفما كانت قرابتهم وسلطتهم ونفعهم، ومن أحب شيئا آثره ووافقه وخدمه.