وعن عامر قال: "قالت أسماء بنت عميس يا رسول الله إن هؤلاء يزعمون أنا لسنا من المهاجرين، قال: « كذب من يقول ذلك لكم الهجرة مرتين، هاجرتم إلى النجاشي وهاجرتم إليَّ ». وعن سعيد بن المسيب قال: "نفست بذي الحليفة فهمَّ أبو بكر بردها، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: « مرها فلتغتسل ثم تهل بالحج »". وقال سعد بن إبراهيم قاضي المدينة: "أوصى أبو بكر أن تغسله أسماء"، قال قتادة: "فغسلته بنت عميس امرأته"، وقيل: عزم عليها لما أفطرت، وقال: هو أقوى لك، فذكرت يمينه في آخر النهار فدعت بماء فشربت، وقالت: "والله لا أتبعه اليوم حنثاً". وروى أبو إسحاق عن مصعب بن سعد أن عمر فرض الأعطية ففرض لأسماء بنت عُميس ألف درهم. وقال الواقدي: "ثم تزوجت علياً فولدت له يحيى وعوناً". وعن زكريا بن أبي زائدة قال: "سمعت عامراً يقول: "تزوج علي أسماء بنت عُميس فتفاخر ابناها محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر، فقال كل منهما: "أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك"، قال فقال لها علي: "اقض بينهما"، قالت: "ما رأيت شاباً من العرب خيراً من جعفر، ولا رأيت كهلاً خيراً من أبي بكر"، فقال علي: "ما تركت لنا شيئاً، ولو قلت غير الذي قلت لمقتك"، قالت: "إن ثلاثة أنت أخسهم خيار"".
كانت الصحابية أسماء بنت عميس الخثعمية من السابقين الأوائل للإسلام قبل دخول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام إلى دار الأرقم ، وقد هاجرت مع زوجها سيدنا جعفر ابن أبي طالب رضي الله عنه إلى الحبشة وأنجبت أول طفل للمسلمين في الحبشة وهو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، ثم هاجرت إلى المدينة لذلك لقبت بصاحبة الهجرتين ، كما أنها تزوجت ثلاثة من كبار الصحابة المبشرين بالجنة وهم سيدنا جعفر بن أبي طالب وسيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه وسيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. كانت أسماء بنت عميس عروس عندما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام المسلمين بالهجرة للحبشة ، فهاجرت مع زوجها سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، وقد أنجبت السيدة أسماء بنت عميس ثلاثة أبناء لسيدنا جعفر رضي الله عنهما وهم عبد الله ومحمد وعون ، وقد قضت ثلاثة عشر عامًا في الحبشة. ويقال أنها بعدما هاجرت إلى المدينة ذهبت لأم المؤمنين حفصة لتتسامر معها ، وبينما هما جالستان تتحدثان جاء سيدنا عمر بن الخطاب لزيارة ابنته ، فلما وجد السيدة أسماء بنت عميس هناك هلل لعودة المهاجرين من الحبشة ، ولكنه ربما أراد أن يمزح معها فقال لها " لقد سبقناكم بالهجرة إلى المدينة يا أسماء، فنحن أحقّ برسول الله منكم ".
فغضبت السيدة أسماء بنت عميس وقالت له سوف أشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما اشتكت لرسول الله صل الله عليه وسلم ابتسم وقال لها " ليس بأحقّ بي منكم له ولأصحابه هجرةٌ واحدة ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان ". وقد كانت أسماء بنت عميس تتباهى بزوجها الصحابي جعفر بن أبي طالب ، ولكن بعد بقائهم في المدينة لمدة عام ونصف تقريبًا أي في السنة الثامنة للهجرة ، قرر النبي عليه الصلاة والسلام إرسال جيش إلى بلاد الشام أطلق عليه سرية مؤتة ووضع عليه ثلاثة أمراء وهم زيد بن حارثة وإن قتل فجعفر بن أبي طالب وإن قتل فعبد الله بن رواحه ، وقد استشهد الثلاثة رضي الله عنهم بعد أن أبلوا بلاءً حسنًا في المعركة. ولما بلغ الخبر إلى رسول الله صل الله عليه وسلم قرر أن يخبرها بنفسه ، وتقول أسماء بنت عميس دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي أصيب به جعفر وكنت قد عجنت عجيني وغسلت بَنيّ ودهنتهم أي عطّرتهم ، فقال لي: يا أسماء أين بنو جعفر؟ فجئت بهم إليه فجعل يتشمّمهم ويضمّهم وعيناه تذرفان بالدمع ، فاستغربت أسماء فهي لم ترَ النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا من قبل ، فوَجَفَ قلبها عندما خطر في بالها أن مكروهًا ما حدث لزوجها الحبيب جعفر، سألته بصوتٍ مرتجف: يا رسول الله لعلّه بلغك عن جعفرٍ شيء ؟ فقال بصوتٍ يغالب الدموع: نعم، نعم يا أسماء لقد استُشهد جعفر في سبيل الله.
فأسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه، وأن يرزقنا الاستقامة على دينه، والمحافظة على هذه الصلوات الخمس حيث ينادى بهن، وأدائهن والخشوع الكامل رغبة فيما عند الله، وحذراً من عذابه، إنه ولي هذا والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وذهب الحربي إلى أن الصلاة كانت مفروضة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي وعليه اقتصر في المقدمات فقال: وكان بدء الصلاة قبل أن تفرض الصلوات الخمس ركعتين غدواً وركعتين عشياً. وروي عن الحسن في قوله تعالى: وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار. ان الصلاه كانت على. أنها صلاته بمكة حين كانت الصلاة ركعتين غدوا وركعتين عشياً، فلم يزل فرض الصلاة على ذلك ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بمكة تسع سنين، فلما كان قبل الهجرة بسنة أسرى الله بعبده ورسوله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عرج به جبريل إلى السماء. ثم ذكر حديث الإسراء ونحوه في النوادر في أول كتاب الصلاة قال: ومن كتاب ابن حبيب وغيره قال: فرضت الصلوات الخمس ليلة الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم وذلك بمكة قبل الهجرة بسنة، وكان الفرض قبل ذلك ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، فأول ما صلى جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم الظهر فسميت الأولى. انتهى. والله أعلم.
من فوت وقت صلاة العصر بلا عذر فقد نزل به غمان وخسارتان روى البخاري: (( الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)) فهو كالذي أخذت أمواله وأهله من بين عينيه فما أشد حسرته وهمه وغمه!! عباد الله: قد يقول قائل: إذاً من الذي يجوز له أن يصلي العصر في وقت الاضطرار (من اصفرار الشمس الى غروبها)؟ يجوز لمن اضطر لذلك بسبب مرض أو عذر قاهر، أما اعتياد النوم وقت العصر ولا يستيقظ يوميا إلا بعد اصفرار الشمس فليس هذا بعذر، بل هذا متساهل مفرط يجب عليه أن يتوب إلى الله وأن يعظم ما عظم الله. ان الصلاة كانت على المؤمنين. إخوة الإسلام: أما وقت صلاة المغرب فهو بين غروبين من غروب الشمس إلى غروب الشفق الأحمر، وهاهنا تنبيهان مهمان جدا، التنبيه الأول: أن مقدار الوقت من غروب الشمس إلى غروب الشفق ليس ثابتا بل مختلف ومتفاوت، وقد ذكر الرائي الشهير عبد الله الخضيري حفظه الله أن الحد الأقصى (بعد الرصد والمتابعة) لوقت صلاة المغرب ساعة وسبع وعشرون دقيقة، وأقل حد يصل إليه ساعة وثلاث عشرة دقيقة. التنبيه الثاني: أن تقويم أم القرى وهو التقويم الرسمي المعتمد لدخول أوقات الصلوات جعل دخول وقت صلاة العشاء دائما بعد أذان المغرب بساعة ونصف، فقد يظن ظان أن وقت المغرب لا ينتهي إلا بأذان صلاة العشاء فيؤخر صلاة المغرب إلى قبيل أذان صلاة العشاء فيكون صلاها بعدما خرج وقتها، وتقويم أم القرى إنما جعل الوقت بين المغرب ساعة ونصف أو ساعتين في رمضان إنما هو توسعة للناس ومراعاة للمصلحة العامة.
وتلك حالة شدة الخوف، لأنه قد أمرهم بإقامتها في حالٍ غير شدة الخوف بقوله: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ الآية. * * * القول في تأويل قوله: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم: معناه: إن الصلاة كانت على المؤمنين فريضة مفروضة. (68) *ذكر من قال ذلك: 10387- حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن فضيل، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي في قوله: " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا " ، قال: مفروضًا. (69) 10388- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا " ، قال: مفروضًا، " الموقوت " ، المفروض. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة النساء - الآية 103. (70) 10389- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: أما " كتابًا موقوتًا " ، فمفروضًا. 10390- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد: " كتابًا موقوتًا " ، قال: مفروضًا. (71) * * * وقال آخرون: معنى ذلك: إن الصلاة كانت على المؤمنين فرضًا واجبًا. *ذكر من قال ذلك: 10391- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن في قوله: " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا " ، قال: كتابًا واجبًا.
لكن ما الذي يقطع بعدم اتصالِه بعد هجرته إلى الحبشة؟ لقد جاء في سيرة ابن هشام أن المهاجِرين الأوّلين إلى الحبشة عادوا لما جاءتهم أخبار بهدوء الحالة في مكّة، ولكن لمّا عرَفوا أن الخبر غير صحيح رجَعوا إلى الحبشة مرة ثانية، ومكَث بعضهم في مكة ولم يعد واستمر مع النبي حتى هاجر معه إلى المدينة. وابن مسعود كان ممّن بَقِيَ بمكّة فلعلّه حفظ سورة الإسراء بعد عودته من الحبشة. وابن هشام قال إنه بَقي ولم يعدْ إلى الحبشة، وإن كانت بعض كتب السيرة والرّجال تقول: إن هناك قولاً بِأنّه هاجَر هجرتين إلى الحبشة. إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا (خطبة). والاحتجاج بحفظ ابن مسعود لسورة الإسراء وفيها الآية المذكورة قد يُفيد إذا تعيّن أن الصلاة هي الصلاة المعروفة، ولكن تقدّم أنه أُريد بها الدعاء أو القراءة. وقيل إن الزهري قال: إن الإسراء وقع بعد البعثة بخمس سنين، فالصلاة فُرضت في هذا الوقت، لكن النَّقل عن الزهري مختلَف، ففي نسخ أخرى غير ذلك. وجاء في فتح الباري لابن حجر عن الزهري، أن الإسراء قبل الهجرة بخمس سنين فيكون بعد البعثة بثمان، وصحَّح بعضهم ذلك بأن السنوات الثلاث التي كانت الدعوة فيها سِرًّا لم تُحْسَب. وعلى هذا يكون الإسراء بعد البعثة بإحدى عشرة سنة.
والله أعلم.