وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات، فإن وحشة المعاصي والظلم والإجرام: تمنعه من حسن الظن بربه، وهذا موجود في الشاهد، فإن العبد الآبق المسيئ الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به. ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبدا، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته. وأحسن الناس ظنا بربه: أطوعهم له. حسام موافي: حسن الظن يحمي الإنسان من الضغط والسكر والشريان التاجي. كما قال الحسن البصري: إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن الفاجر أساء الظن بربه، فأساء العمل... فتأمل هذا الموضع، وتأمل شدة الحاجة إليه!
بتصرّف. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن صهيب بن سنان، الصفحة أو الرقم: 2999، صحيح. ↑ "لفظ (الظن) في القرآن الكريم" ، إسلام ويب ، اطّلع عليه بتاريخ 28-2-2017. بتصرّف. ↑ سورة الحاقة، آية: 19-24. كيفية حسن الظن بالله - موضوع. ↑ سورة الفتح، آية: 6. ↑ سورة آل عمران، آية: 154. ↑ سورة البقرة، آية: 45-46. ↑ رواه البوصيري، في إتحاف الخيرة المهرة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/412، إسناده حسن. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2675، صحيح. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2877، صحيح.
[١٥] التلازم بين حُسن الظنّ بالله والعمل لا شكّ في أنّ العبد المسلم ينظر إلى حُسن الظنّ بالله تعالى على أنّه مُعينٌ له على عبادة الله سبحانه؛ فحسن الظنّ بالله والعبادة في قناعة المسلم متلازمان، لا ينفكّ أحدهما عن الآخر، وحسن الظنّ بالله هو رجاء بالله يقود صاحبه للعمل الصالح ويشحذ همّته للعبادة والتّطلع لما عند الله تعالى من فضل، ومخطئٌ من اعتقد أنّ حسن الظن بالله يغني عن العمل والعبادة، ومن اعتقد ذلك فقد أساء لنفسه وأساء الظنّ والأدب مع الله سبحانه؛ فالذي يجاهر بالمعاصي ولا يستقيم على فعل الطاعات فهو عاجزٌ لا يدرك حقيقةَ حُسن الظنّ بالله. [١٦] وفي تأكيد هذا المعنى يقول ابن القيم رحمه الله: (وَكَثِيرٌ مِنَ الْجُهَّالِ اعْتَمَدُوا عَلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَعَفْوِهِ وَكَرَمِهِ، وَضَيَّعُوا أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَنَسُوا أَنَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ، وَأَنَّهُ لَا يُرَدُّ بِأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ، وَمَنِ اعْتَمَدَ عَلَى الْعَفْوِ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى الذَّنْبِ فَهُوَ كَالْمُعَانِدِ). [١٧] ولذلك يجدر بالعبد أنْ يوثّق صلته بالله تعالى، وأنْ يُدرّب نفسه على حسن الظن بمولاه عز وجلّ بكلّ ما يرجوه ويؤمّلهُ من خيري الدنيا والآخرة، موقناً حقاً أنّه سبحانه معه، يدبّر أمره، وينيرُ دربه، ويبارك عمله، ويدّخر له الخير عند لقائه سبحانه وتعالى.
وإذا أذنب وتاب واستغفر ظن أن الله سيقبل توبته، ويقيل عثرته، ويغفر ذنبه، وإذا عمل صالحاً ظن أن الله سيقبل عمله، ويجازيه عليه أحسن الجزاء، وحسن الظن بالله يدفع صاحبه للبذل والجود والعطاء، فهو يعلم أن الله يخلفه فيما بذل وأنفق، فالله - سبحانه - يقول: (... وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ)، «سورة سبأ: الآية 39». قال تعالى في الحديث القدسي: «أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ». من شعب الإيمان حسن الظن بالله. وحسن الظن بالله - تعالى - يرغب العبد فيما عند الله - عز وجلَّ- فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، فيوقن أن الله ينجيه عِنْدَ الشَّدَائِدِ، وإن كان في أحرج الحالات وأصعبها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَتَمَشَّوْنَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالاً عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ، فَادْعُوا اللَّهَ - تَعَالَى - بِهَا، لَعَلَّ اللَّهَ يَفْرُجُهَا عَنْكُمْ». فَدَعَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا عَمِلَ مِنْ صَالِحَاتٍ، فَفَرَّجَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَنْهُمْ.
ولا تستطل هذا الفصل، فإن الحاجة إليه شديدة لكل أحد، ففرق بين حسن الظن بالله وبين الغرِّة به. قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ؛ فجعل هؤلاء: أهلَ الرجاء، لا البطالين والفاسقين. وقال تعالى: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ؛ فأخبر سبحانه أنه بعد هذه الأشياء غفور رحيم لمن فعلها. فالعالم يضع الرجاء مواضعه، والجاهل المغتر يضعه في غير مواضعه " انتهى، من "الداء والدواء" (44 - 50). من حسن الظن بالله :. الحال الثانية: أن يكون العبد في حال انقطاع من الدنيا واقبال على الآخرة على فراش موته. فهذا ينبغي له أن يغلّب جانب حسن الظن بالله تعالى، لأن وقت العمل قد ولّى ولم يبق له إلا هذا الرجاء. قال النووي رحمه الله تعالى: " قال العلماء: معنى حسن الظن بالله تعالى أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه. قالوا: وفي حالة الصحة يكون خائفا راجيا ، ويكونان سواء. وقيل: يكون الخوف أرجح. فإذا دنت أمارات الموت: غلّب الرجاء ، أو مَحَضَه ، لأن مقصود الخوف الانكفاف عن المعاصي والقبائح، والحرص على الإكثار من الطاعات والأعمال، وقد تعذر ذلك ، أو معظمه في هذا الحال ، فاستحب إحسان الظن المتضمن للافتقار إلى الله تعالى، والإذعان له.
- حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: {واترك البحر رهوا} قال: سهلا دمثا. 24063- حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: {واترك البحر رهوا} قال: هو السهل. وقال آخرون: بل معناه: واتركه يبسا جددا. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الدخان - قوله تعالى واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون- الجزء رقم13. ذكر من قال ذلك:24064- حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثني عبيد الله بن معاذ، قال: ثني أبي، عن شعبة، عن سماك، عن عكرمة، في قوله: {واترك البحر رهوا} قال: جددا. 24065- حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثني عبيد الله بن معاذ، قال: ثنا أبي، عن شعبة، عن سماك، عن عكرمة في قوله: {واترك البحر رهوا} قال: يابسا كهيئته بعد أن ضربه، يقول: لا تأمره يرجع، اتركه حتى يدخل آخرهم. 24066- حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {رهوا} قال: طريقا يبسا. 24067- حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة {واترك البحر رهوا} كما هو طريقا يابسا. وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال معناه: اتركه على هيئته كما هو على الحال التي كان عليها حين سلكته، وذلك أن الرهو في كلام العرب: السكون، كما قال الشاعر:كأنما أهل حجر ينظرون متى يرونني خارجا طير يناديدطير رأت بازيا نضح الدماء به وأمه خرجت رهوا إلى عيديعني على سكون، وإذا كان ذلك معناه كان لا شك أنه متروك سهلا دمثا، وطريقا يبسا لأن بني إسرائيل قطعوه حين قطعوه، وهو كذلك، فإذا ترك البحر رهوا كما كان حين قطعه موسى ساكنا لم يهج كان لا شك أنه بالصفة التي وصفت.
- عَنْ قَتَادَةَ: لَمَّا خَرَجَ آخِرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَرَادَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَضْرِبَ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ، حَتَّى يَعُودَ كَمَا كَانَ؛ مَخَافَةَ آلِ فِرْعَوْنَ أَنْ يُدْرِكُوهُمْ، فَقِيلَ لَهُ: { اتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ}. - وعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا قَطَعَ الْبَحْرَ، عَطَفَ لِيَضْرِبَ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ لِيَلْتَئِمَ، وَخَافَ أَنْ يَتْبَعَهُ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ، فَقِيلَ لَهُ: { اتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا}؛ كَمَا هُوَ { إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ}" اهـ إلى هنا انتهى النّقل من "تفسير الطّبريّ"، (22/ 28-31)، ط1 (1420هـ)، تحقيق: أحمد شاكر، مؤسّسة الرّسالة. وفي تفسير ابن كثير: "تفسير القرآن العظيم": "{ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ}: وَذَلِكَ أَنَّ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمَّا جَاوَزَ هُوَ وَبَنُو إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ، أَرَادَ مُوسَى أَنْ يَضْرِبَهُ بِعَصَاهُ حَتَّى يَعُودَ كَمَا كَانَ، لِيَصِيرَ حَائِلًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ فِرْعَوْنَ، فَلَا يَصِلُ إِلَيْهِمْ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَهُ عَلَى حَالِهِ (سَاكِنًا)، وَبَشَّرَهُ بِأَنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَا يَخَافُ دَرَكًا وَلَا يَخْشَى" اهـ (7/ 252): ط2 (1420هـ)، تحقيق: سامي سلامة، دار طيبة للنّشر والتّوزيع.
ولما أمره بذلك طمَّنه بأن لا يخشَى بقاءه منفلقاً فيتوقع أن يلحق به فرعون بل يجتاز البحرَ ويتركه فإنه سَيَطغْى على فرعون وجنده فيغرقون ، ففي الكلام إيجاز تقديره: فإذا سريتَ بعبادي فسنفتح لكم البحر فتسلكونه فإذا سلكتَه فلا تخشَ أن يلحقكم فرعون وجندُه واتركه فإنهم مغرقون فيه. ويجوز أن تكون الجملة الثانية صدرت وقت دخول موسى ومن معه في طرائق البحر فيقدّر قول محذوف ، أي وقُلنا له: اترك البحر رَهْواً ، أي سيدخله فرعون وجنده ولا يخرجون منه لأن في بَقائِهِ مفروقاً حكمةً أخرى وهي دخول فرعون وجنده في طرائقه طمَعاً منهم أن يلحقوا موسى وقومَه ، حتى إذا توسطوه انضمّ عليهم ، فتحصل فائِدة إنْجَاء بني إسرائيل وفائدةُ إهلاك عدوّهم ، فتكون الواو عاطفة قولاً محذوفاً على القول المحذوف قبله. وعلى الوجهين فالترك مستعمل مجازاً في عدم المبالاة بالشيء كما يقال: دَعْه يفعل كذا ، وذَرْه ، كقوله تعالى: { ثم ذرهم في خوضهم يلعبون} [ الأنعام: 91] ، وقالت كبشة بنت معد يكرب:... ودَعْ عنك عَمْرا إن عَمرا مُسالم وهل بَطْن عمرو غيرُ شِبْر المَطْعَم... والبحر هو بحر القلزم المسمى اليوم البحر الأحمر. واترك البحر رهوا انهم جند مغرقون. والرهْوُ: الفجوة الواسعة.
وهذا الضدان يعبران عن حالة البحر حين انفتح لموسى، وحين ينطبق على فرعون، فكأنه حين شُق لموسى كان بحركة سهلة يسيرة تدل على الترحيب بنبي الله ومن معه لكي يجتازوه، أما مع فرعون وجنوده فإن حركته حين يُطبَق عليهم حركة سريعة هائجة تدل على الانتقام والعذاب. وكأن الآية تمتنّ وتبشر، تمتنّ على موسى أن الله جعل حركة البحر معه يسيرة، وتبشره بأن حركة البحر مع عدوه ستكون حركة انتقام منه. واترك البحر رهوا ... - YouTube. فانظر كيف اختار القرآن هذه اللفظة من مفردات اللغة ليعبر عن كل هذه المعاني، فسبحان من كان كتابه مُعجِزا! وفي النهاية كأن الله تعالى يقول لموسى: اترك البحر على ما هو عليه بكل هذه التفاصيل والمعاني، فكلها تعبر عن تدبير الله تعالى، ليتحقق المقصود الإلهي من هذه المعجزة التي كانت لنا آية رغم أننا لم نشهدها، يكفينا أن القرآن حكاها لنا بهذا العجب! كتبه بلال محمود طلب
{ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا} أي: بحاله وذلك أنه لما سرى موسى ببني إسرائيل كما أمره الله ثم تبعهم فرعون فأمر الله موسى أن يضرب البحر فضربه فصار اثنى عشر طريقا وصار الماء من بين تلك الطرق كالجبال العظيمة فسلكه موسى وقومه.