كف ذهب أمام المِرآة تقف بنت العشرين تُمعن النظر في شبْكتها؛ " كفٌّ مِن الذهب ": سوار موصولة بخواتم بعدد أصابعها، يَبرق فوق كفٍّ أبيض بضٍّ يَشي بعُمرها الغض النَّضِر، كأنها يدُ غانية منعَّمة، مُترَفة بينما هي في الشقاء وُلدت! أمُّها تَفترش الأرض بخضرواتها، ذات وجه مُغضن ممهور بشمس بلادنا الفتيَّة، وصبرِها على مرارة الأيام؛ فهي الأرملة التي تُنفق على بناتها الأربع، جاهدَت حتى تربَّين وتزوَّجَ ثلاثتُها الكبار، وورثْنَ منها الكدَّ وشظَف العيش، بينما صُغراهنَّ شفَعَ لها جمالها الفَتَّان، الذي أدركَت وأمُّها كنهَه مُبكِّرًا فنشأت مُتمرِّدةً، مُدلَّلة، وكثيرًا ما ردَّدت أمُّها: " لن أزوجها إلا مَن سيُقدِّرها "، إنها ( القشدة الصابحة)!
وما بين رغبة الأم في إخفاء كفِّ الذهب مِن الأعين المستديرة، ورغبة الصغيرة في إغاظة مَن يكيدون لها - برَعَت الصغيرة في إظهار مهارتها بنَظْم فنون كيد النساء " لمُجايلاتها ". وإمعانًا في الأخذ النَّهم على الدوام؛ طرقَت بابَهم ظُهرًا سيدةٌ في نهاية العِقد الرابع، تسأل عمَّا إن كان هُنا مَن تستعدُّ للزواج أم لا، فأجابتها الصغيرة بأنها تستعدُّ للزواج عما قريب، فقالت لها: أنتِ مِن المحظوظات؛ فنحن جمعية خيرية نقوم بتجهيز الفتيات المُعسرات، فقالت في صلف: "خطيبي يعمل في إيطاليا، وسيقوم بتجهيزي جهازًا لم يأتِ لبنْتٍ في حيِّنا كلِّه"، فقالت لها: وأنتِ، ألن تَشتركي في التجهيز بأي شيء؟! فقالت لها: بل سنَشتَرِك بالطبع! وهنا وجدَت المرأة ضالتها، فقالت لها: إذًا فنحن من سيتكفَّل بالنفقات! تنظر إليها الصغيرة وتتهلَّل أساريرُها، كأنها غير مصدِّقة، تعود المرأة التي قرأَت الدهشة على وجهِ الصَّغيرة، فتقول: "زميلي يقف أمام البيت بالخارج، أعطِني الشبكةَ كي يَراها فقط، فيتأكَّد أنك تَستعدِّين للزواج، ثم أُعيدها إليكِ حالاً"! كف ذهب للاطفال سوره الفجر. خلعَت الصغيرة كفَّ الذهب وأعطتها إياه، وهرولَت الأخرى غير مصدِّقة لما اغتنمَت. وانتظرَت الصغيرة عودتها فلم تَعُد!
كف مطلي ذهب باسم طفلك حسب الطلب مصنوع من انحاس عالي الجوده طلاء ذهب عيار 21 قيراط يتم تصميمه من خبراء أماسي اناقة للزمن الطويل
فبادر بعض خطباء كربلاء برفع برقية إلى (البكر) طالبين إطلاق سراح السيد، فما كان من السلطة إلا أصدرت أمراً باعتقال الموقعين على البرقية وهم الشيخ عبد الزهرة الكعبي، الشيخ حمزة الزبيدي، السيد كاظم القزويني والسيد مرتضى القزويني والشيخ عبد الحميد المهاجر. فتمكنت السلطة من اعتقال الشيخ الكعبي والشيخ حمزة الزبيدي واختفى الآخرون. فكان اعتقال الكعبي والزبيدي في دائرة أمن كربلاء لمدة ثلاثة أيام نُقلا بعدها إلى مركز أمن (الحرية) ثم مديرية الأمن العامة في بغداد. بعدها تم نقلهما إلى سجن (بعقوبة) حيث حكم عليهما بالحجز الاحترازي لمدة أربعة أشهر أُطلق سراحهما بعدها وذلك عام 1969م. الكعبي والأدب العربي يتبادر إلى الذهن عندما يذكر الشيخ الكعبي مقتل الحسين بن علي ، وخطابة المنبر إلا إن للشيخ الخطيب باع طويل في الأدب العربي بقسميه الفصيح والدارج، فقد ذكر المرجاني في كتابه خطباء المنبر الحسيني [4] إن له ديوان شعر تحت عنوان: (دموع الأسى) ولا يزال مخطوطاً، ولا يعلم عما اعتراه من التلف أو الضياع. الشيخ عبد الزهراء الكعبي. وفاته ولا يزال يواصل مسيرته الجهادية، سيما جهاده المنبري الذي كان مدوياً، ولم يكترث فيه من المضايقات، فما كان منهم إلا أن سخّروا بعض جلاوزتهم لدسّ السمّ القاتل إليه في القهوة التي قدمت له في مجلس فاتحة حضره الشيخ الكعبي وبعض تلامذته، فرجع إلى مجلسه في صحن العباس وأثناء قراءته أصابته حالة إغماء سقط على أثرها من على المنبر وفي طريقه إلى المستشفى عرجت روحه إلى ربها في ليلة فاطمة الزهراء في يوم 13 جمادى الأولى سنة 1394هـ الموافق 3 يونيو 1974م، أعقب الكعبي ولدين هما (علي، عبد الحسين).
والكعبيّ ـ رضوان الله تعالى عليه ـ ولوع بأحزان عاشوراء، مكثر من مراثي سيد الشهداء صلوات الله عليه. وهذه أبيات من (لاميّته) الشجيّة، يحكي فيها ما وقع بعد شهادة اهل بيت الامام (ع) وأصاره الاوفياء: فوارس إذا نادى الصريخ ترى لهم مكاناً بمستنِّ الوغي ليس يُجهلُ الى أن ثووا تحت العجاج، تلفُّهم ثيابُ عُلىً، منها رماح وأنصلُ فظلَّ وحيداً واحد الدهر في الوغى نصيراه فيها سمهريُّ ومنصل ُ وشدَّ على قلب الكتيبة مُهرهُ فراحت ثباً مثل المها تتجفّلُ فديتك! كم من مشكل لك في الوغى ألا كلُّ معنى من معانيك مُشكلُ الى ان اتاه في الحشا سهم مارق ٍ فخَرَّ، فقل في يذبُل ٍ قلَّ يذبُلُ وزلزلت الارضون، وارتجّت السما وكادت له أفلاكها تتعطلُ ******* وأقبل نحو المحصنات حصانهُ يحنُّ، ومن عُظم المصيبة يُعولُ فأقبلنَ ربّات الحِجال ِ، وللاسى تفاصيلُ لا يُحصي لهنَّ مُفصِّلُ: فواحدة تحنو عليه تضُمُّهُ وأخرى عليه بالرداء تُظللُ وأخرى بفيض النحر تصبغ شعرها وأخرى لما قد نالها ليس تعقلُ!
ولقد كان له دور متميز بجهاده في تربية الجيل من الشباب بالثقافة الإسلامية والتسلح بالوعي بمخاطر الانحراف والظلم وذلك من خلال منبره ومشاركته في مشاريع التوعية والتربية أينما حل (رضوان الله عليه). أي أنه كان يتميز من دون باقي أقرانه بالجرأة المشهودة واهتمامه بالشباب وكان يمانع من إخراج الأطفال من المجلس قائلاً: (إن اهتمامنا عملياً ينبغي أن ينصب على هؤلاء لأنهم الثمرة في المستقبل). وكذلك تميز بالذكاء وقوة حافظته حيث المخزون العلمي الذي كان يتبين من خلال مجالسه المؤثرة في مستمعيه فكان يطرح المعلومات التاريخية والبحوث العقائدية والتي لا يراجع بها كتاباً في موسم التبليغ. وساهم مع وجهاء بعض المناطق التي كان يذهب إليها في موسم التبليغ في حل كثير من المشاكل الاجتماعية والعائلية مهتماً بإصلاح ذات البين. عبد الزهراء الكعبي - المعرفة. وكما سعى في تزويج كثير من الشباب المؤمن بالمال والجاه مؤثراً في أوساط المجتمع وعلى العموم فلقد كان عالماً عاملاً مجاهداً، دمث الأخلاق متواضعاً، لا يشعر جليسه بأي حرج في طرح الأسئلة معروف بالنوادر وظرف الحديث والمزاح المتزن. وقد نقل عن جهاده ومواقفه الشيخ ضياء الزبيدي وهو من تلامذته قائلاً: (تم اعتقال حسن الشيرازي من قبل الحكومة العراقية البعثية.
يقول الأمام علي (ع): في الموت غبطة أو ندامة… معنى الغبطة هي السعادة،و سرور، والفرح. نقول: فلان كان في مُنتَهى الغِبطة. هذه الحالة من الصعب ان ينالها الإنسان في حياته بشكل دائم. ولكن يمكنه ان يموت وهو في منتهى السعادة والغبطة. سبب صعوبة الوصول الى السعادة في الدنيا, حين يكون المجتمع سببا للتعاسة والتخلف حينها يعيش الإنسان الحر مع أمته بجسده فقط. يقول أمير المؤمنين(ع) مخاطبا المجتمع " اه لو أرى لفكري فيكم وعاء..!!. يقول محمود درويش "عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوء يا وطني" هذا نوع من أنواع التعاسة.. إذن من الناس كانوا يعيشون بأجسادهم وعقولهم ورؤاهم اكبر بكثير مما كنا نراهم فيه. حياتهم لا نعرف ان نتلمسها, لأنها حياة بين السطور, حياة مملوءة مواقف ورجولة وثبات على المبدأ.. هؤلاء لا يمكن ان نقيسهم مع الذين يهرج لهم الإعلام والتاريخ إنهم شجعان ابطال وكرماء وعندهم حكمة وسماحة. وهم فارغين تماما يموتون أسوء موته. لست هنا في موقف التقييم لموته الشرف التي مات أصحابها وهم في منهى الغبطة.. ودائما أتذكر القول " فزت ورب الكعبة " حين أدركته ألمنيه قال " لمثلها فليعمل العاملون". وهناك من كتب عنه التاريخ انه بطل مغوار ولكن ميتته كانت سيئة حتى قال عن نفسه.. تمنيت ان اضرب ألف ضربة بالسيف ولا أموت هذه الميتة.. صراحة تمنيت ان يموت عبد الكريم قاسم وهو يقاتل وبيده سلاح وتخترق رصاصات صدره ويقع ميتا.
عن عبد الله بن الفضل، قال: قلت لابي عبد الله ( الصادق) عليه السلام: يا ابن رسول الله، كيف صار يومن عاشوراء يوم مصيبة ٍ وغمّ وجزع وبكاء، دون اليوم الذي قبض فيه رسول الله (ص) ، واليوم الذي ماتت فيه فاطمة (ع) ، واليوم الذي قتل فيه امير المؤمنين (ع) ، واليوم الذي قتل فيه الحسن (ع) بالسم؟ فقال: ان قتل الحسين (ع) اعظم مصيبة من جميع سائر الايام؛ وذلك ان اصحاب الكساء الذين كانوا اكرم خلق اله كانوا خمسة؛ فلما مضى عنهم النبي بقي امير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (ع) ، فكان فيهم للناس عزاء وسلوة. فلما مضت فاطمة الزهراء (ع) كان في امير المؤمنين والحسن والحسين (ع) عزاء وسلوة فلما مضى منهم امير المؤمنين كان للناس في الحسن والحسين (ع) عزاء وسلوة. فلما مضى الحسن (ع) كان للناس في الحسين عزاء وسلوة. فلما قُتل الحسين صلى الله عليه لم يكن بقي من أصحاب الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة، فكان ذهابهم كذهابهم جميعهم، كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم.. فلذلك صار يومه أعظم الايام مصيبة. مرثية بكائية نابضة بفجائع كربلاء السبط الشهيد هذه التي نطق بها قلبُ ولسان الشاعر هاشم الكعبي من أغوار القرن الثالث عشر الهجريّ.