فإن قلت: ما معنى (غَرْقاً) على القولين، وأين جواب القسم؟ فالجواب إنْ قلنا إن النازعات الملائكةُ ففي معنى غَرْقاً وجهان: أحدهما أنه من الغرق، أي تُغْرِق الكفَّار في جهنم. والآخر أنه من الإغراق بمعنى المبالغة فيه، أي تُبالغ في نَزْعِ النفوس حتى تُخْرِجها من أقاصي الأجساد. وإن قلنا إن النازعات النجوم فهو من الإغراق بمعنى المبالغة، أي تبالغ في نُزوعها، فتقطع الفَلَكَ كله. وإن قلنا إنها النفوس فهو أيضاً من الإغراق، أي تُغْرِق في الخروج من الجسد. وإعراب (غَرْقا) المصدر في موضع الحال. ونَشْطاً وَسبْقاً وسبْحاً مصادر، و (أمرًا) مفعول به. معنى غرقا في القران الكريم. وجواب القسم محذوف، وهو بَعْثُ الموتى بدلالة ما بعده عليه من ذِكْر القيامة. وقيل الجواب: (يوم تَرْجُفُ الراجفةُ. تَتْبَعُها الرادِفَةُ). على تقدير حَذْف لام التوكيد. وقيل: هو: (إن في ذلك لعبْرَةً لمَنْ يَخْشَى)، وهذا بعيد لبُعْدِه من القسم، ولأنه إشارة إلى قصةِ فرعون لا لمعنى القسم. (فإنَّما هِيَ زَجْرَة وَاحِدَة): هذا من كلام الله ردًّا على الذين أنكروا البَعْث، كأنه يقول: لا تظنّوا أنه صعب على الله، َ بل هو عليه يسير. (فإذا هُمْ بالساهرة). أي وجه الأرض، والباء ظرفية، وإذا فجائية، والمعنى إذا نفخ في الصُّور حصلوا بالأرض أسرع شيء.
وللإِيذان بأن هاتين الصفتين متفرعتين عما قبلهما. معنى غرقا في القران من 6. وعلى هذا التفسير الذى سرنا فيه على أن هذه الصفات لموصوف واحد ، سار كثير من المفسرين: فصاحب الكشاف صدر تفسيره لهذه الآيات بقوله: أقسم - سبحانه - بطوائف الملائكة ، التى تنزع الأرواح من الأجساد وبالطوائف التى تنشطها ، أى تخرجها.. بالطوائف التى تسبح فى مضيها ، أى: تسرع فتسبق إلى ما أمروا به ، فتدبر أمرا من أمور العباد مما يصلحهم فى دنيهم ودنياهم ، كما رسم الله - تعالى - لهم.. وأسند التدبير إليهم - أى إلى الملائكة - لأنهم من أسبابه.
غير أن لفظ " فرعون " له مصدر آخر غير التوراة ألا وهو القرآن، حيث يظهر اللفظ كاسم علم أكثر منه لقبا في آيات القرآن، ويظهر ذلك جليا من آيات القرآن التي ورد فيها الاسم بعد أداة نداء، حيث ذُكرَ في سورة الأعراف, الآية 104: وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ. [1] ومن هنا يترجح القول بأن كلمة " فرعون " هي اسم علم أكثر منه لقبا قد تم تعميمه على ملوك مصر القديمة فأصبح لقبا لكل ملك حكم مصر. معنى اسم فرعون في القران - (کامل متن). ورد ذكر اسم "فرعون" في القرآن 71 مرة في 27 سورة. [2] بوابة مصر القديمة لَقَبُ مُلُوكِ مِصْرَ فِي التاريخِ القَديمِ، والمُرادُ فِرْعَونُ موسَى المَعروف فرع الشجر: غصنه، وجمعه: فروع. قال تعالى: أصلها ثابت وفرعها في السماء [إبراهيم/24]، واعتبر ذلك على وجهين: أحدهما: بالطول، فقيل: فرع كذا: إذا طال، وسمي شعر الرأس فرعا لعلوه، وقيل: رجل أفرع، وامرأة فرعاء، وفرعت الجبل، وفرعت رأسه بالسيف، وتفرعت في بني فلان: تزوجت في أعاليهم وأشرافهم. والثاني: اعتبر بالعرض، فقيل: تفرع كذا، وفروع المسألة، وفروع الرجل: أولاده. و (فرعون): اسم أعجمي، وقد اعتبر عرامته، فقيل: تفرعن فلان: إذا تعاطى فعل فرعون، كما يقال: أبلس وتبلس، ومنه قيل للطغاة: الفراعنه والأبالسة.
والناشطات ": قيل أصل الكلمة: النشاط والخفة ، والأنشوطة: العقدة سهلة الحل ، ونشطه بمعنى ربطه ، وأنشطه حله بسرعة وخفة ، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: " كأنما أنشط من عقال ". أما المراد به هنا فقد اختلف فيه على النحو المتقدم تقريبا ، فقيل: الملائكة تنشط [ ص: 416] الأرواح ، وقيل: أرواح المؤمنين تنشط عند الفزع ، ولم يرجح ابن جرير معنى منها ، وقال: كلها محتملة ، وحكاها غيره كلها. إسلام ويب - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - سورة النازعات - قوله تعالى والنازعات غرقا- الجزء رقم8. وقد ذكر في الجلالين المعنى الأول منها فقط ، والذي يشهد له السياق والنصوص الأخرى: أن كلا من " النازعات " و " الناشطات ": هم الملائكة ، وهو ما روي عن ابن عباس ومجاهد ، وهي صفات لها في قبض الأرواح. ودلالة السياق على هذا المعنى: هو أنهما وصفان متقابلان: الأول نزع بشدة ، والآخر نشاط بخفة ، فيكون النزع غرقا لأرواح الكفار ، والنشط بخفة لأرواح المؤمنين ، وقد جاء ذلك مفسرا في قوله تعالى في حق نزع أوراح الكفار: ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون الآية [ 6 \ 93]. وقوله تعالى: ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق [ 8 \ 50] ، وقال تعالى في حق المؤمنين: ياأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية [ 89 \ 27 - 28] ، وقوله: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون [ 41 \ 30].