وحاصلها: أنه يأثم بالسلام على المشغولين بالخطبة أو الصلاة أو قراءة القرآن أو مذاكرة العلم أو الآذان أو الإقامة ، وأنه لا يجب الرد في الأولين لأنه يبطل الصلاة والخطبة كالصلاة ، ويردون في الباقي لإمكان الجمع بين فضيلتي الرد ، وما هم فيه من غير أن يؤدي إلى قطع شيء تجب إعادته. قال ح: ويعلم من التعليل الحكم في بقية المسائل المذكورة في النظم. قلت: لكن في البحر عن الزيلعي ما يخالفه فإنه قال: يكره السلام على المصلي والقارئ ، والجالس للقضاء أو البحث في الفقه أو التخلي ولو سلم عليهم لا يجب عليهم الرد لأنه في غير محله. ص187 - كتاب سنن أبي داود ت الأرنؤوط - باب رد السلام في الصلاة - المكتبة الشاملة. ومفاده أن كل محل لا يشرع فيه السلام لا يجب رده. مطلب المواضع التي لا يجب فيها رد السلام وفي شرح الشرعة: صرح الفقهاء بعدم وجوب الرد في بعض المواضع: القاضي إذا سلم عليه الخصمان ، والأستاذ الفقيه إذا سلم عليه تلميذه أو غيره أوان الدرس ، وسلام السائل ، والمشتغل بقراءة القرآن ، والدعاء حال شغله ، والجالسين في المسجد لتسبيح أو قراءة أو ذكر حال التذكير. وفي البزازية: لا يجب الرد على الإمام والمؤذن والخطيب عند الثاني ، وهو الصحيح ا هـ وينبغي وجوب الرد على الفاسق لأن كراهة السلام عليه للزجر فلا تنافي الوجوب عليه تأمل.
٩٢٤ - حدثنا موسى بن اسماعيلَ، حدثنا أبانُ، حدثنا عاصم، عن أبي وائل عن عبد الله، قال: كنا نُسلم في الصلاة ونأمرُ بحاجتنا، فقَدِمتُ على رسول الله- صلى الله عليه وسلم -وهو يُصلّي، فسَلمتُ عليه فلم يردَّ عليّ السلامَ، فأخذني ما قَدُمَ وما حَدُث، فلما قضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة قال: "إنَّ الله عز وجل يُحدِثُ من أمرِه ما يشاءُ، وإن اللهَ تعالى قد أحدَثَ أن لا تكلَّموا في الصلاة" فرد عليَّ السلامَ (١). = وأخرجه البخاري (١١٩٩)، ومسلم (٥٣٨) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (١٠١٩) من طريق أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله. وهو في "مسند أحمد" (٣٥٦٣). وانظر ما قبله. (١) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم- وهو ابن أبي النجود - وباقي رجاله ثقات. رد السلام في الصلاة | مركز الهدى للدراسات الإسلامية. أبان: هو ابن يزيد العطار، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (٥٦٤) من طريق سفيان بن عيينة، عن عاصم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (٣٥٧٥)، و"صحيح ابن حبان" (٢٢٤٣) و (٢٢٤٤). وأخرجه بنحوه النسائي (٥٦٣) من طريق كلثوم بن المصطلق، عن ابن مسعود. وعلقه البخاري بصيغة الجزم عن ابن مسعود في كتاب التوحيد من "صحيحه" باب٤٢.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَمْ يَكُنْ مَالِكٌ يَكْرَهُ السَّلَامَ عَلَى الْمُصَلِّي. وَحَكَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُعْجِبُهُ أَنْ يُسَلِّمَ الرَّجُلُ عَلَى الْمُصَلِّي. رد المصلي على السلام - إسلام ويب - مركز الفتوى. وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا ، وَقَالَ الْأَثْرَمُ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ دَخَلَ مَسْجِدَهُ وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا مُصَلٍّ فَسَلَّمَ ". انتهى. وقد دلت الأحاديث الصحيحة أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ، فيرد عليهم إشارة ، أو بعد السلام من الصلاة. ومن هذه الأحاديث: ما أخرجه مسلم في "صحيحه" (540) ، من حديث جَابِرٍ، أَنَّهُ قَالَ:" إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنِي لِحَاجَةٍ ، ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ يُصَلِّي - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَأَشَارَ إِلَيَّ ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي فَقَالَ: إِنَّكَ سَلَّمْتَ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي وَهُوَ مُوَجِّهٌ حِينَئِذٍ قِبَلَ الْمَشْرِقِ). ومنها ما أخرجه أبو داود في "سننه" (925) ، من حديث صُهَيْبٍ، أَنَّهُ قَالَ:" مَرَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ إِشَارَةً.
924 حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا أبان حدثنا عاصم عن أبي وائل عن عبد الله قال كنا نسلم في الصلاة ونأمر بحاجتنا فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فلم يرد علي السلام فأخذني ما قدم وما حدث فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن الله جل وعز قد أحدث من أمره أن لا تكلموا في الصلاة فرد علي السلام
قَالَ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ إِشَارَةً بِأُصْبُعِهِ". والحديث صححه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (858). ومنها أيضا ما أخرجه أبو داود في "سننه" (927) ، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال:"خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قُبَاءَ يُصَلِّي فِيهِ ، فَجَاءَتْهُ الْأَنْصَارُ ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي ، قَالَ: فَقُلْتُ لِبِلَالٍ: كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ، حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي؟ ، قَالَ: يَقُولُ هَكَذَا ، وَبَسَطَ كَفَّهُ ". والحديث صححه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (860). قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/314):" وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مِنْ سُلِّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَرَدَّ إِشَارَةً: أَنَّهُ لَا شيء عليه. وقد ثبت من حديث بن عُمَرَ عَنْ صُهَيْبٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي ، وَالْأَنْصَارُ يَدْخُلُونَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ ، وَكَانَ يَرُدُّ إِشَارَةً. وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ قَالَ لَا يَرُدُّ إِشَارَةً ، وَلَكِنَّهُ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ: رَدَّ السَّلَامَ كَلَامًا.
قال شمس الأئمة السرخسي: الصحيح الفرق ، فالرعية يسلمون على الأمراء والولاة ، والخصوم لا يسلمون على القضاة; والفرق أن السلام تحية الزائرين والخصوم ما تقدموا إلى القاضي زائرين بخلاف الرعية ، فعلى هذا لو جلس القاضي للزيارة فالخصوم يسلمون عليه ، ولو جلس الأمير لفصل الخصومة لا يسلمون عليه ، كذا في الثامن من كراهية التتارخانية ، ومقتضى هذا أن الخصوم إذا دخلوا على المفتي لا يسلمون عليه تأمل.