يحيى (يوحنا) بن ماسويه ترك بصمة علمية وطبية كبيرة بعد أن وصل الى بيت الحكمة هذا الكم الهائل من الكتب من مختلف الحضارات وخصوصاً اليونانية، فقد جرى تصنيفها وترتيبها وفقاً لأصول علمية، وفتحت الأبواب للعلماء والمترجمين والأدباء والأطباء المعروفين بالخبرة والدقة العلمية، ومن أبرز الأسماء التي عملت في بيت الحكمة في بغداد (الكندي – الخوارزمي – الفضل بن نوبخت – حنين بن اسحق – يحيى بن ماسويه – سهل بن هارون – ثابت بن قرة). ثابت بن قرة من بين الأعلام الكبيرة المعاصرة لعهد النهضة العلمية في العصر العباسي وقد أنفق المأمون أموالاً طائلة من خزائن قصره على النشاط العلمي في الدولة، حتى أنه كان يعطي المترجمين الكبار كحنين بن اسحق وزن الكتاب الذي يترجمونه ذهباً، وقد وصل الاهتمام بأعمال الترجمة حد القيام بعمليات الترجمة لنفس الكتاب أكثر من مرة مع القيام بتفسير الكتب ونقدها وتصحيح بعضها. لم تكن عمليات الترجمة النشاط العلمي الوحيد في بيت الحكمة؛ فقد كان أيضاً المركز الرئيسي للتأليف الأدبي والعلمي ولعمليات البحث العلمي والمناظرات، حتى بلغت الكتب العربية والأجنبية بين جدرانه ما يقارب المليون كتاب، كما أن هذه الكتب ساعدت العلماء على تحقيق أبرز إنجازاتهم العلمية ومنهم الخوارزمي الذي اعتمد على هذه المكتبة في الوصول الى أهم نظرياته الرياضية.
ويتابع التميمي "استقدم الخليفة العناصر الأساسية للثقافة الإمبراطورية المجوسية، ومن ذلك بروتوكولها المتطور واعتمادها الشديد على علم النجوم. وفضلا عن ذلك، كان هذا الانجذاب إلى التنجيم الفارسي مهما على نحو خاص، لأنه كان يوحي بأن العباسيين هم الورثة الشرعيون للتراث الفارسي العظيم وأن صعودهم كان قدرا مقدورا". وتقول رئيسة القسم الاجتماعي في بيت الحكمة الدكتورة خديجة حسن جاسم -للجزيرة نت- إن بيت الحكمة مؤسسة علمية فكرية ذات استقلال مالي وإداري مرتبط برئاسة مجلس الوزراء، تعنى بالبحوث والدراسات والنشاطات العلمية التي تستهدف إرساء منهج الحوار بين الثقافات والأديان، بما يسهم في إشاعة ثقافة التسامح والاحترام والتعايش بين الأفراد والجماعات. وفي معرض حديثها عن هيكلية بيت الحكمة، تُبيّن الدكتورة خديجة أن الهيكل التنظيمي لبيت الحكمة "يتألف من 8 أقسام علمية، هي: قسم الدراسات الاجتماعية، وقسم الدراسات القانونية، وقسم الدراسات السياسية والإستراتيجية، وقسم دراسات الأديان، وقسم الدراسات الاقتصادية، وقسم الدراسات التاريخية، وقسم الدراسات اللغوية والترجمية، وقسم الدراسات الفلسفية". النهضة العلمية الإسلامية أمر الخليفة هارون الرشيد بإنشاء أول جامعة في التاريخ (بيت الحكمة)، ذلك الصرح العظيم الذي ملأ الدنيا علما ونورا كان بيت الحكمة، خزانة كتب فاقت 300 ألف كتاب ومركز ترجمة وتأليف وتدريس.
نهاية أكبر مركز للمعرفة في العالم القديم - لسوء الحظ, تم تدمير مركز بيت الحكمة بالكامل من قبل المغول في عام 1258 م, وحرق كل المخطوطات والكتب التي ضمت معارف شتى في مختلف المجالات, وقد أُبقى الخليفة على قيد الحياة, وأُجبر على مشاهدة جميع أعمال القتل والتدمير, وقد قتل المغول العلماء وألقوا جميع الكتب في نهر دجلة, حتى يقال أن مياه النهر تلونت باللون الأسود والأحمر من الحبر والدم, وإستمر ذلك لأيام, وأُسدل الستار على أكبر مركز معرفي في العالم من قبل همجيين لا يقدرون علماً ولا علماء. إقرأ.. أصغر مكتبة في العالم المصدر: ancient-origins