انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: حُكمُ التَّداوي. المطلب الثَّاني: حُكمُ الرُّقْيَةِ والاسترقاءِ. المطلب الرابع: حُكمُ عيادةِ المريضِ. المطلب الخامس: آدابُ زيارةِ المَريضِ.
الفرع الأول: حُكمُ الأنينِ لا يُكْرَه الأنينُ للمريضِ؛ نصَّ عليه الشَّافعيَّة [7195] ((المجموع)) للنووي (5/128)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/329). ، وهو روايةٌ عن أحمَدَ [7196] ((عدة الصابرين)) لابن القيم (ص 271). ، واختاره ابنُ باز [7197] ((فتاوى نور على الدرب)) لابن باز (13/428). الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة عن القاسِمِ بنِ محمَّدٍ، قال: قالت عائشةُ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((وا رأساهُ! فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ذاكِ لو كان وأنا حَيٌّ؛ فأستغْفِرَ لكِ وأدْعُوَ لَكِ. فقالت عائشةُ رَضِيَ اللَّهُ عنه: واثُكْلِيَاه [7198] وَاثُكْلِيَاه: بعد الألف هاء للنُّدْبة، وأصل الثُّكْل فَقْدُ الولد، أو مَن يَعِزُّ على الفاقِدِ، وليست حقيقتُه هنا مرادةً، بل هو كلامٌ كان يجري على ألسِنَتِهم عند حُصولِ المصيبةِ أو توقُّعِها. موقع الشيخ صالح الفوزان. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (10/125).! واللهِ إنِّي لأظُنُّكَ تُحِبُّ موتي، ولو كان ذاكَ لَظَلِلْتَ آخِرَ يَومِكَ مُعَرِّسًا [7199] مُعَرِّسًا: يقال أعرَسَ وعَرَّسَ: إذا بنى على زوجَتِه، ثم استُعْمِلَ في كلِّ جماعٍ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (10/125). ببعضِ أزواجِك، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: بلْ أنا وا رَأساهُ!
وإذا مدحوا الإنسان اليوم ذموه غداً، وهم لا يملكون لأنفسهم -فضلاً عن غيرهم- نفعاً ولا ضراً، وإذا رضي الله عن الإنسان فلا يضره سخط الناس وغضبهم، ولن ينال الإنسان السعادة إلا بطاعة الله وطلب رضوانه، فلنجعل عملنا لله، وفرحنا بما أكرمنا به الإسلام والهدى والقرآن (( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ))[يونس:58] واعلمي أن الطمأنينة والسعادة لا توجد إلا في رحاب الإيمان والذكر، قال تعالى: (( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ))[الرعد:28].
ومنها: أن الموت يقطع على العبد الأعمال الصالحة التي هو بصدد فعلها والقيام بها، وبقية عمر المؤمن لا قيمة له. فكيف يتمنى انقطاع عملٍ، الذَّرةُ منه خير من الدنيا وما عليها. وأخص من هذا العموم: قيامه بالصبر على الضر الذي أصبه. فإن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب. ولهذا قال في آخر الحديث: "فإن كان لا بد فاعلاُ فليقلك اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي" فيجعل العبد الأمر مفوضاً إلى ربه الذي يعلم ما فيه الخير والصلاح له، الذي يعلم من مصالح عبده ما لا يعلم العبد، ويريد له من الخير ما لا يريده، ويلطف به في بلائه كما يلطف به في نعمائه. والفرق بين هذا وبين قوله صلّى الله عليه وسلم: "لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت. ما حكم تمنى الموت بين دلالة الحديث على ما تذكر - موقع اسئلة وحلول. اللهم ارحمني إن شئت. ولكن ليعزم المسألة؛ فإن الله لا مكره له"1: أن المذكور في هذا الحديث الذي فيه التعليق بعلم الله وإرادته: هو في الأمور المعيّنة التي لا يدري العبد من عاقبتها ومصلحتها. وأما المذكور في الحديث الآخر: فهي الأمور التي يعلم مصلحتها بل ضرورتها وحاجة كل عبد إليها. وهي مغفرة الله ورحمته ونحوها. فإن العبد يسألها ويطلبها من ربه طلباً جازماً، لا معلقاً بالمشيئة وغيرها؛ لأنه مأمور ومحتم عليه السعي فيها، وفي جميع ما يتوسل به إليها.