حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله: "وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا"، قال: ظالمي الجن وظالمي الإنس. وقرأ: "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين" [الزخرف: 36]. قال: نسلط ظلمة الجن على ظلمة الإنس. الباحث القرآني. قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال في تأويل ذلك بالصواب ، قول من قال: معناه: وكذلك نجعل بعض الظالمين لبعض أولياء. لأن الله ذكر قبل هذه الآية ما كان من قول المشركين، فقال جل ثناؤه: "وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض"، وأخبر جل ثناؤه: أن بعضهم أولياء بعض، ثم عقب خبره ذلك بخبره عن أن ولاية بعضهم بعضاً بتوليته إياهم، فقال: وكما جعلنا بعض هؤلاء المشركين من الجن والإنس أولياء بعض يستمتع بعضهم ببعض ، كذلك نجعل بعضهم أولياء بعض في كل الأمور، "بما كانوا يكسبون"، من معاصي الله ويعملونه. قوله تعالى: "وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا" المعنى وكما فعلنا بهؤلاء مما وصفته لكم من استمتاع بعضهم ببعض أجعل بعض الظالمين أولياء بعض، ثم يتبرأ بعضهم من بعض غداً. ومعنى نولي على هذا نجعل ولياً. قال ابن زيد: نسلط ظلمة الجن على ظلمة الإنس. وعنه أيضاً: نسلط بعض الظلمة على بعض فيهلكه ويذله.
وقرأ: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ ، [سورة الزخرف: ٣٦]. قال: نسلط ظلمة الجن على ظلمة الإنس. قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال في تأويل ذلك بالصواب، قولُ من قال: معناه: وكذلك نجعل بعض الظالمين لبعضٍ أولياء. لأن الله ذكر قبل هذه الآية ما كان من قول المشركين، فقال جل ثناؤه: ﴿وقال أولياؤهم من الإنس ربّنا استمتع بعضنا ببعض﴾ ، وأخبر جل ثناؤه: أنّ بعضهم أولياء بعض، ثم عقب خبره ذلك بخبره عن أن ولاية بعضهم بعضًا بتوليته إياهم، فقال: وكما جعلنا بعض هؤلاء المشركين من الجن والإنس أولياء بعض يستمتع بعضهم ببعض، كذلك نجعل بعضَهم أولياء بعض في كل الأمور ="بما كانوا يكسبون"، من معاصي الله ويعملونه. وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون. [[انظر تفسير ((الكسب)) فيما سلف: ١١: ٤٤٨، تعليق: ١، والمراجع هناك. ]]
﴿وكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظّالِمِينَ بَعْضًا بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ هُوَ مِن تَمامِ الِاعْتِراضِ، أوْ مِن تَمامِ التَّذْيِيلِ، عَلى ما تَقَدَّمَ مِنَ الِاحْتِمالَيْنِ، الواوُ لِلْحالِ اعْتِراضِيَّةٌ كَما تَقَدَّمَ، أوْ لِلْعَطْفِ عَلى قَوْلِهِ: ﴿إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٢٨]. والإشارَةُ إلى التَّوْلِيَةِ المَأْخُوذَةِ مِن: (نُوَلِّي) وجاءَ اسْمُ الإشارَةِ بِالتَّذْكِيرِ؛ لِأنَّ تَأْنِيثَ التَّوْلِيَةِ لَفْظِيٌّ لا حَقِيقِيٌّ، فَيَجُوزُ في إشارَتِهِ ما جازَ في فِعْلِهِ الرّافِعِ لِلظّاهِرِ، والمَعْنى: وكَما ولَّيْنا ما بَيْنَ هَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ وبَيْنَ أوْلِيائِهِمْ نُوَلِّي بَيْنَ الظّالِمِينَ كُلِّهِمْ بَعْضُهم مَعَ بَعْضٍ.