مفتاح دار السعادة - Google Drive
الثالث: أن المال تُذهِبه النفقات، والعلم يزكو على النفقة. الرابع: أن صاحب المال إذا مات فارقه ماله، والعلم يدخل معه قبره. الخامس: أن العلم يحكم على المال، والمال لا يحكم على العلم. السادس: أن المال يحصل للمؤمن والكافر والبَرِّ والفاجر، والعلم النافع لا يحصل إلا للمؤمن. السابع: أن العالم يحتاج إليه الملوك فمن دونهم، وصاحب المال إنما يحتاج إليه أهل العدم والفاقة. كتاب مفتاح دار السعادة لابن القيم. الثامن: أن النفس تشرف وتزكو بجمع العلم وتحصيله وذلك من كمالها وشرفها، والمال لا يزكيها ولا يكملها ولا يزيدها صفةَ كمالٍ، بل النفس تنقص وتشح وتبخل بجمعه والحرص عليه، فحرصها على العلم عين كمالها، وحرصها على المال عين نقصها. التاسع: أن المال يدعوها إلى الطغيان والفخر والخُيلاء، والعلم يدعوها إلى التواضع والقيام بالعبودية. العاشر: ما أطاع الله أحدٌ قطُّ إلا بالعلم، وعامةُ مَن يعصيه إنما يعصيه بالمال. الحادي عشر: أن العلم جاذب موصِّلٌ لها إلى سعادتها التي خُلقت لها، والمال حجاب عنها وبينها. الثاني عشر: أن المال يستعبد مُحبَّه وصاحبه فيجعله عبدًا له، والعلم يستعبده لربه وخالقه. الثالث عشر: أن قيمةَ الغنيِّ مالُه وقيمةَ العالِم علمُه، فهذا متقوم بماله فإذا عُدم عُدمت قيمته فبقي بلا قيمة، والعالم لا تزول قيمته، بل هي في تضاعف وزيادة دائمة.
القلب السليم: القلب السليم الذي ينجو من عذاب الله... هو القلب الذي قد سلِم لربه وسلَّم لأمره، ولم تبقَ فيه منازعة لأمره ولا معارضة لخبره، فهو... لا يريد إلا الله ولا يفعل إلا ما أمره الله، فالله وحده غايته وأمره وشرعه ووسيلته وطريقته، لا تعترضه شبهةٌ تَحُولُ بينه وبين تصديق خبره، لكن لا تمر عليه إلا وهي مجتازة تعلم أنه لا قرار لها فيه، ولا شهوةٌ تحول بينه وبين متابعة رضاه. كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط العلمية - المكتبة الشاملة. ومتى كان القلب كذلك، فهو سليم من الشرك، وسليم من البدع ، وسليم من الغي، وسليم من الباطل، وكل الأقوال التي قيلت في تفسيره فذلك ينتظمها. تشبيه العلماء بالنجوم: أما تشبيه العلماء بالنجوم؛ فلأن النجوم يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر وكذلك العلماء، والنجوم زينة للسماء وكذلك العلماء زينة للأرض. وهي رجومٌ للشياطين حائلة بينهم وبين استراق السمع لئلَّا يلبسوا بما يسترقونه من الوحي الوارد إلى الرسل من الله على أيدي ملائكته، وكذلك العلماء رجوم لشياطين الإنس الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرفَ القول غرورًا، فالعلماء رجوم لهذا الصِّنف من الشياطين، ولولاهم لطُمست معالمُ الدين بتلبيس المُضلِّين، ولكن الله سبحانه أقامهم حُرَّاسًا وحفظةً لدينه ورجومًا لأعدائه وأعداء رسله.