كما وصف ملوك الطوائف في موضعٍ آخر من كتابه "الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة" بقوله: "إلى أن طرق الناعي بها قرطبتنا فجأة، صدرَ شهر رمضان من العام، فصكّ الأسماع وأطار الأفئدة وزلزل الأرض الأندلسيّة قاطبة، وصيّر للكلّ شغلًا تسكّع الناس في التّحدث به والتّسآل عنه والتّصوّر لحلول مثله أياًما لم يفارقوا فيها عادتهم من استبعاد الوجل، والاغترار بالأمل، والإسناد إلى أمراء الفرقة الهمل، الذين هم منهم ما بين فَشَلٍ وَوَكَل، يصدّونهم عن سواء السّبيل، ويلبسون عليهم وضوح الدليل". لماذا سقطت الأندلس - سقوط الأندلس - الأندلس - دول مستقلة| قصة الإسلام. وهكذا كان لملوك الطوائف وتصارعهم فيما بينهم وخضوعهم لعدوهم ودفع الجزية له واستقوائهم به على بعضهم البعض الأثر الكبير في سقوط الأندلس التي ما يزال المسلمون يجدون مرارتها في حلوقهم إلى يومنا هذا. إنّها سنن الله التي لا تحابي أحدًا فليس بين الله تعالى وبين أحدٍ من خلقه نسبٌ. وماذا عن ملوك الطوائف اليوم؟ إنّ نظرةً سريعةً تجعلنا نعاين أنّ ملوك الطّوائف اليوم من المتحكّمين برقاب الدّول المسكينة المتفرّقة على أكثر من عشرين دولةً ولكلّ واحد منهم لقبه الذي يعتزّ به ويتفاخر؛ لم يختلفوا في تناحرهم فيما بينهم وخضوعهم لعدوّهم عن ملوك الطّوائف بالأمس، بل إنّنا نراهم يدفعون الجزية جهارًا نهارًا للعدوّ الذي يقصفنا بطائراته ويدمّر حواضرنا ويفتك بالمسلمين في بقاع شتّى، وأشدّ من ذلك استعانتهم بهؤلاء الأعداء على بعضهم بعضًا.
ابتداءً من احتدام الصّراع بين ملوك طليطلة وسرقسطة واستعانة كلّ منهما بعدوّه لينتصر على أخيه فيسيل لعاب ألفونسو ويستولي على طليطلة عام 1085م لتكون أولى الدويلات الأندلسيّة سقوطًا وصولًا إلى سقوط غرناطة بعد قرابة أربعة قرون؛ شهدت الأندلس حالةً من التناحرِ البائس الذي يدمى له قلب المسلم الغيور بين ملوك الطوائف. لم يكن هناك أدنى غضاضة عند أحدهم من أن يدفع الجزية للأعداء من ملوك الإسبان مقابل ألّا يتنازل أحدهم لملكٍ أو حاكمٍ منافس له من المسلمين، بل وصل الأمر بهم إلى أن يستقوي بعضهم بالأعداء الذين يتربّصون بهم جميعًا ويستعين بهم عسكريًّا ضدّ ملوك الطوائف الآخرين. أربعون سبباً في سقوط الأندلس by عبد الحليم عويس. ويصف ابن خلدون هذا المشهد في أكثر من موضع من تاريخه المسمّى "العبر" إذ يقول في أحدها: " تفاقمت الفتنة، واستظهر كلٌّ على أمره بالطاغية -يقصد بالطّاغية فرناندو الثالث- ونزلوا له عن كثير من الثغور، وقلقت من ذلك ضمائر أهل الأندلس". وكذلك يقول ابن بسام الشنترينى نقلاً عن ابن حيان، مؤرخ الأندلس في القرن الخامس الهجري: "وقد استوفينا في شرح هذه الفادحة مصائب جليلة، طالما حذر أسلافنا لحاقها، بما احتملوه عمن قبلهم من آثاره. ولا شك عند أولي الألباب أن ذلك مما دهانا من داء التّقاطع، وقد أخذنا بالتواصل والألفة، فأصبحنا من استشعار ذلك والتّمادي عليه على شفا جرف يؤدي إلى الهلكة لا محالة".
رغممحاولات الوالي أبي يحيى من رأب الصدع كما قلنا بالعفو عن خصومه إلا أن كثيرًا منالمدافعين كان ساخطًا عليه وفر كثير منهم من المدينة وتخلوا عن مواقعهم نكاية فيالوالي, وهذا يدل على الجهل والضلال المبين إذ أنهم بذلك ينكون دينهم وأمتهمبتسهيل السبيل أمام الأعداء لأن يحتلوا بلاد الإسلام وينتهكوا حرماته. شجعهذا الانسحاب الصليبيين لأن يضغطوا على المدينة أكثر فأكثر وشعر الوالي بخطورةالموقف وخاف من استباحة المدينة فأرسل إلى خايمي الأول يعرض عليه أموالاً طائلةليرجع عن المدينة ولكن خايمي رفض, مما يوضح مدى البعد الديني لتلك الحملة وأنالهدف هو أخذ بلاد الإسلام وسفك دماء المسلمين. أسباب سقوط الأندلس - موضوع. بعدذلك الرفض عرض الوالي أبو يحيى على خايمي الأول تسليم المدينة على أن يسمح لأهلهابالخروج سالمين بأموالهم وأهليهم ولكن خايمي رفض أيضاً تحت ضغط الأشراف؛ لأنهمكانوا يريدون الانتقام لآل مونكادا والاستيلاء على غنائم المدينة وثرواتها. بعدأن تأكد المسلمون من نية الصليبيين في الاستيلاء على المدينة بحد السيف استعدواللقتال حتى الموت ومن جانبهم عول النصارى على مهاجمة المدينة واقتحامها وفي يوم12صفر 627هـ الموافق 20 / 12 / 1229م استعد الجيش الصليبي للهجوم واستمع الجندللقداس الذي أقامه الرهبان والقساوسة, وعند الفجر بدأ الهجوم وأحدثوا ثلمة فيالسور واقتحموا المدينة فلقيهم المسلمون في داخلها ودارت حرب شوارع مريرة من شارعلآخر, وكان الوالي أبو يحيى على رأس المدافعين عن المدينة وهو يحثهم على الثبات, ودخل الملك خايمي نفسه أمام الجنود وهو شاهر سيفه.
اسم الكتاب: قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط اسم الكاتب: د. راغب السرجاني عدد الصفحات: 800 التقييم: ★★★★★ عشرة أيام جمعتني بهذا الكتاب، الذي انكببت عليه حتى أنهيته، وقد استغرق وقتًا أطول مما قد حددته له، ولكنه صدقًا يستحق، إنه كنز حقيقي بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، وبحر شافٍ وافٍ لكل طالب ومريد للاطلاع على تاريخ الأندلس، تلك الحضارة الإسلامية العظيمة التي يذوب القلب كمدًا على ضياعها. الكتاب على كبر حجمه إلا أنه يتميز بالتكثيف للأحداث حتى يتمكن من استيعاب كل تلك المدة الزمنية دون أن يغفل عن أي حدث مهم.. كتاب تاريخي جميل للغاية، يتحدث عن الأندلس مُنذ الفتح ونشر الإسلام حتى سقوطها بيد النصارى، وما بين الفتح والسقوط مئات السنين من النهضة الإسلامية والحضارية وأيضاً الدعوة إلى الله، لتصل بلاد الأندلس إلى عصر النور والعلم والرُقي والحضارة العمرانية التي لا يُضايهها في ذلك الزمان سوى بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية.
الانتصار المؤقت: دخلتالسفن الصليبية مياه الخليج بسرعة كبيرة ولم تستطع القوة المسلمة المكلفة بحمايةالخليج بمنعها, وكان أول من نزل إلى البر قوة صليبية مكونة من سبعمائة فارس وتحصنتبإحدى التلال ثم تبعتها قوة من فرسان "دي مونكادا" وهو من كبار أشراف إسبانياوقد اشترك بمجموعة كبيرة من الفرسان وقد تكفل هو بتمويلهم خدمة ونصرة للصليب!! وقعتأول معركة بين المسلمين والنصارى عند التلال بعد أن استجمع المسلمون قواهمالمرابطة على الشاطئ وانقضوا على الصليبيين فهزموهم هزيمة شديدة وقتل منهم عدد منالأشراف والفرسان وفي مقدمتهم الصليبي المشهور "جلين دي مونكادا" وأخوهرامون وهرعت أمداد من الصليبيين لإنجاد المهزومين وكان مقتل دي مونكادا سببًالمجزرة مروعة سيقوم بها الصليبيون عند الاستيلاء على الجزيرة. سقوط المدينة: بعدهذه الهزيمة المؤقتة للصليبيين اشتعلت قلوبهم نارًا وحقدًا على أهل الجزيرةالمسلمين وضربوا حصارًا مرهقًا على المدينة, ورد المسلمون على ذلك بأن دفعوا قوةمسلمة حاولت أن تقطع إمدادات المياه عن المعسكر الصليبي ولكن الهجوم فشل وقتل معظمأفراد القوة, وقام الصليبيون بقطع رءوسهم وألقوها داخل المدينة ليدب الرعب في قلوبأهلها.