وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) القول في تأويل قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) يقول تعالى ذكره: ومن حججه عليكم أيها الناس أنه القادر على إحيائكم بعد فنائكم, وبعثكم من قبوركم من بعد بلائكم, خلقه السموات والأرض. وما بثّ فيهما من دابة, يعني وما فرّق في السموات والأرض من دابة. تفسير قوله تعالى ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة... - إسلام ويب - مركز الفتوى. كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ) قال: الناس والملائكة. يقول: وهو على جمع ما بث فيهما من دابة إذا شاء جمعه, ذو قدرة لا يتعذر عليه, كما لم يتعذر عليه خلقه وتفريقه, يقول تعالى ذكره: فكذلك هو القادر على جمع خلقه بحشر يوم القيامة بعد تفرق أوصالهم في القبور.
فيقول الكافر حينئذ: { يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا} [النبأ:40]. ومن قال: إنها لا تحيا فهو مخطئ في ذلك أقبح خطأ، بل هو ضال أو كافر. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الرابع ( العقيدة) 91 17 612, 604
السؤال: سُئِلَ عَن قَوله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة" ما معناه؟ أراد فطرة الخلق أم فطرة الإسلام؟ وفي قوله: "الشقي من شقي في بطن أمه" الحديث. هل ذلك خاص أو عام. وفي البهائم والوحوش هل يحييها اللّه يوم القيامة أم لا؟ الإجابة: الحمد للّه؛ أما قوله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" : فالصواب أنها فطرة اللّه التي فطر الناس عليها، وهي فطرة الإسلام، وهي الفطرة التي فطرهم عليها يوم قال: { أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى} [الأعراف:172] وهي السلامة من الاعتقادات الباطلة، والقبول للعقائد الصحيحة. فإن حقيقة الإسلام أن يستسلم للّه، لا لغيره، وهو معنى لا إله إلا اللّه، وقد ضرب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فقال: "كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟" بين أن سلامة القلب من النقص كسلامة البدن، وأن العيب حادث طارئ. وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن اللّه: "إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وحرم عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا" ؛ ولهذا ذهب الإمام أحمد رضي اللّه عنه في المشهور عنه: إلى أن الطفل متى مات أحد أبويه الكافرين حكم بإسلامه؛ لزوال الموجب للتغيير عن أصل الفطرة.