وهكذا أَسقَط ثابت بن قيس رضي الله عنه الآية على نفسه وتعامل معها، وكأنّها تخاطبه مباشرةً، ولم يجد مخرجًا من هذه المعضلة إلا بأن يُقلّل لقاءاته برسول الله صلى الله عليه وسلم قدر ما يستطيع، ولا يكون ذلك إلا بلزوم البيت وعدم الخروج منه إلا لضرورة أو صلاة مكتوبة. يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي تحفظ من العين. وتمرّ الأيّام، وتزداد العزلة، ويفتقده النبي صلى الله عليه وسلم ويسأل عنه أصحابه، فينبري سعد بن معاذ رضي الله عنه سيّد الأوس لمهمّة التقصّي، فقد كان جاره وأقرب الناس إليه. ما أن يدخل سعد بن معاذ رضي الله عنه على ثابت حتى يبصر جسدًا أنهكه التفكير، وعينًا غشاها الدمع، ووجهًا شاحبًا فقد نضارته وتألّقه، وعلت فيه سحابة من الحزن والكآبة، وقد نكس رأسه تحت وطأة همٍّ كبيرٍ الله أعلم بحقيقته، فجزع سعد رضي الله عنه وقال فزعاً: " ما شأنك؟" فأجابه ثابتٌ بكلمة واحدةٍ جمعت كلّ مخاوفه: "شرٌّ" ثم لم يُطق كتمان ما يجول بخاطره ويؤرّق باله، فانطلق يشكو إلى جاره ما كان منه تجاه المصطفى –صلى الله عليه وسلم- وختم شكواه بقوله: "فأنا من أهل النار". وبعدما وقف سعد رضي الله عنه على حقيقة الخبر، انطلق إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وقصّ عليه ما دار بينه وبين ثابت رضي الله عنهما، وتبسّم المصطفى عليه الصلاة والسلام، فهو يعلم أن ثابتاً ما كان ليرفع صوته عن سوء أدبٍ، ولكنّها جبلّة وطبيعة لا يملك منها فكاكاً، ولذلك جاء جوابه عليه الصلاة والسلام سريعاً وحاسماً يستمدّ يقينه من وحي السماء: ( اذهب إليه فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكن من أهل الجنة).
يروى أن غارة أتتهم يوما فصاح العباس: يا صاحباه! يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي محمد. فأسقطت الحوامل لشدة صوته ، وفيه يقول نابغة بني جعدة: زجر أبي عروة السباع إذا أشفق أن يختلطن بالغنم زعمت الرواة أنه كان يزجر السباع عن الغنم فيفتق مرارة السبع في جوفه. السادسة: قال الزجاج: أن تحبط أعمالكم التقدير لأن تحبط ، أي: فتحبط أعمالكم ، فاللام المقدرة لام الصيرورة وليس قوله: أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون بموجب أن يكفر الإنسان وهو لا يعلم ، فكما لا يكون الكافر مؤمنا إلا باختياره الإيمان على الكفر ، كذلك لا يكون المؤمن كافرا من حيث لا يقصد إلى الكفر ولا يختاره بإجماع. كذلك لا يكون الكافر كافرا من حيث لا يعلم.
ثابت بن قيس بن شماس معلومات شخصية اسم الولادة ثابت بن قيس مكان الميلاد يثرب الوفاة 12 هـ اليمامة الكنية أبو محمد أبو عبد الرحمن الزوجة جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول الأب قيس بن شماس بن زهير بن مالك الأم هند الطائية الحياة العملية الطبقة صحابة النسب الخزرجي الأنصاري المهنة مُحَدِّث الخدمة العسكرية المعارك والحروب المشاهد كلها بعد بدر تعديل مصدري - تعديل ثابت بن قيس بن شماس (المتوفى سنة 12 هـ) صحابي من الأنصار من بني كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، كان خطيب النبي محمد المفوّه، وشهد معه المشاهد كلها بعد بدر. يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي يوسف. ثم شارك في حروب الردة ، وقُتل في معركة اليمامة. سيرته [ عدل] أسلم ثابت بن شماس بن قيس، وآخى النبي محمد بينه وبين عمار بن ياسر ، وشهد مع النبي محمد المشاهد كلها بعد بدر ، [1] وكان جهير الصوت، خطيبًا، بليغًا. وقد شهد النبي محمد له بالجنة، حيث قال عكرمة مولى ابن عباس: « لما نزلت آية يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ، قال ثابت بن قيس: « أنا كنت أرفع صوتي فوق صوته، فأنا من أهل النار ».
[ ثالثاً: على الذين يغشون مسجد رسول اله صلى الله عليه وسلم ألا يرفعوا أصواتهم فيه إلا لضرورة درس أو خطبة أو أذان أو إقامة]. فهذا المسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرقه إلى غربه كأنما الرسول بين أيدينا، لا نرفع أصواتنا فيه إلا لخطيب أو مدرس أو مؤذن، أما ونحن جالسون فنتكلم بالسر في أي وقت من أوقاتنا وفي أي مكان من المسجد النبوي، تأدباً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتزاماً بأمر الله عز وجل: لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ [الحجرات:2]، وقال لنا: خشية أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون، فلنتق الله عز وجل ولنصبر على هذه الآداب الإسلامية والأخلاق المحمدية، وسنسعد إن شاء الله تعالى في الدنيا والآخرة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار أبعد ما بين السماوات والأرض ". ثم ندب الله عز وجل ، إلى خفض الصوت عنده ، وحث على ذلك ، وأرشد إليه ، ورغب فيه ، فقال: ( إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) أي: أخلصها لها وجعلها أهلا ومحلا ( لهم مغفرة وأجر عظيم). أسباب النزول في سورة الحجرات - الإسلام سؤال وجواب. وقد قال الإمام أحمد في كتاب الزهد: حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال: كتب إلى عمر يا أمير المؤمنين ، رجل لا يشتهي المعصية ولا يعمل بها ، أفضل ، أم رجل يشتهي المعصية ولا يعمل بها ؟ فكتب عمر ، رضي الله عنه: إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها ( أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم). قال: وأنزل الله: ( إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى). وقد ذكر هذه القصة غير واحد من التابعين كذلك ، فقد نهى الله عز وجل ، عن رفع الأصوات بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب [ رضي الله عنه] أنه سمع صوت رجلين في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ارتفعت أصواتهما ، فجاء ، فقال: أتدريان أين أنتما ؟ ثم قال: من أين أنتما ؟ قالا: من أهل الطائف.
لا أن تغمروا صوته بلغطكم ، وتبهروا منطقه بصخبكم. وفي قراءة ابن مسعود ( لا ترفعوا بأصواتكم) وقد كره بعض العلماء رفع الصوت عند قبره - عليه السلام -. وكره بعض العلماء رفع الصوت في مجالس العلماء تشريفا لهم ، إذ هم ورثة الأنبياء. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الحجرات - الآية 2. الرابعة: قال القاضي أبو بكر بن العربي: حرمة النبي - صلى الله عليه وسلم - ميتا كحرمته حيا ، وكلامه المأثور بعد موته في الرقعة مثال كلامه المسموع من لفظه ، فإذا قرئ كلامه ، وجب على كل حاضر ألا يرفع صوته عليه ، ولا يعرض عنه ، كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به. وقد نبه الله سبحانه على دوام الحرمة المذكورة على مرور الأزمنة بقوله تعالى: وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا. وكلامه - صلى الله عليه وسلم - من الوحي ، وله من الحكمة مثل ما للقرآن ، إلا معان مستثناة ، بيانها في كتب الفقه. الخامسة: وليس الغرض برفع الصوت ولا الجهر ما يقصد به الاستخفاف والاستهانة; لأن ذلك كفر والمخاطبون مؤمنون. وإنما الغرض صوت هو في نفسه ، والمسموع من جرسه غير مناسب لما يهاب به العظماء ويوقر الكبراء ، فيتكلف الغض منه ورده إلى حد يميل به إلى ما يستبين فيه المأمور به من التعزير والتوقير. ولم يتناول النهي أيضا رفع الصوت الذي يتأذى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو ما كان منهم في حرب أو مجادلة معاند أو إرهاب عدو أو ما أشبه ذلك ، ففي الحديث أنه قال - عليه السلام - للعباس بن عبد المطلب لما انهزم الناس يوم حنين: ( اصرخ بالناس) ، وكان العباس أجهر الناس صوتا.