يقول الإمام علي عليه السلام في الجواب عن سؤال صعصعة بن صوحان وهو من أصحابه حول الدجال وخروجه وعلامات ظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف: "فإن علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة وأضاعوا الأمانة واستحلوا الكذب وأكلوا الربا وأخذوا الرُشا وشيدوا البنيان وباعوا الدين بالدنيا واستعملوا السفهاء وشاوروا النساء وقطعوا الأرحام واتبعوا الأهواء واستخفوا بالدماء... " 2. 2- العلامات الخاصة: هناك بعض العلامات التي تتبلور بصورة خاصة وبشواخص محددة في أفراد مُعيَّنين، مثال ذلك ما ذكرته العديد من الروايات أن الظهور يكون في السنوات المفردة وفي اليوم المفرد. ومن جملة العلامات الخاصة تلك التي تحدثت حول خروج الدجال والسفياني وهما مظهرا خلال وقيام أفراد أمثال اليماني والسيد الخراساني اللذين هما مظهرا هداية، وقد ذكرت الروايات ذلك بالاسم والصفات المحددة. علامات ظهور الامام المهدي عليه السلام. يقول الإمام الباقر عليه السلام: "تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة، فإذا ظهر المهدي بعث إليه بالبيعة" 3. وعليه فقد تحدثت الروايات المتقدمة حول علامات الظهور الخاصة. ب ـ العلامات الحتمية وغير الحتمية 1- العلامات الحتمية هي العلامات التي تحصل على نحو القطع قبل ظهور الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف وهي التي لم يلحظ في إيجادها أي قيد أو شرط وقد يمكن القول إنّ ادعاء الظهور قبل تحققها كذب.
لذلك كان توضيح علامات الظهور ضرورياً. وهنا يجب على القادة والعظماء التعريف بالمنجي والمصلح الذي سيأتي آخر الزمان بكامل شواخصه وخصاله للحؤول دون الانحرافات ولحفظ اعتقادات الناس الأصيلة، وبذلك يتمكنون من إضاءة الطريق أمام الناس فيخرجون من الحيرة. من هنا، تحدثت الروايات والأحاديث حول المنجي في آخر الزمان (الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف) وكيفية ظهوره. بشكل عام يمكن تقسيم علامات ظهور الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف إلى أنواع مختلفة، سنحاول الإطلالة على كل واحد منها: أ ـ العلامات العامة والخاصة. 1- العلامات العامة: هي تلك المجموعة من العلامات التي تعتبر شواخص كلية وعامة ولم تأتِ في قالب ظاهرة خاصة في برهة خاصة وفي أفراد محددين، مثال ذلك الأحاديث والروايات التي أشارت إلى أحوال الناس آخر الزمان وما يجري عند ذلك من انحرافات فهي بشكل ما توضح علامات ظهور الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في قالب ومعيار كلي وعامّ. علامات ظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. "عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: في حديثٍ أن الله أوصى إليه ليلة أسرى به أن يُوصي إلى عليِّ وأخبره بالأئمة من ولده إلى أن قال وآخِرُ رجل منهم يصلي عيسى ابن مريم خلفه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً... فقلت إلهي وسيدي متى يكون ذاك؟ فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليَّ: يكون ذلك إذا رُفع العلم وظهر الجهل وكثر القراءة وقل العمل وكثر القتل وقَلَّ الفقهاء والهادون وكثر فقهاء الضلالة والخونة... وكثر الجور والفساد وظهر المنكر وأَمَرَ أمتك به ونهى عن المعروف... " 1.
عن ابي عبد الله ع يقول (( قبل قيام القائم ع خمس علامات محتومات اليماني والسفياني والصيحة وقتل النفس الزكية والخسف بالبيداء)) بحار الانوار ص 204 ج 52 عن الباقر(ع) ( وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ، هي راية هدى ، لأنه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم ، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى ، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) الغيبة – محمد بن ابراهيم النعماني ص 264. واليماني اسمه احمد ومن نسل الامام الثاني عشر الامام المهدي محمد بن الحسن ع وهو من البصرة وهو اول من يؤمن بالامام المهدي ع ويدعو ويمهد له كما تذكر الروايات عن امير المؤمنين ع في خبر طويل عن انصار القائم ع يقول فيه (( ….
ولنا أن نشير إلى بعض تلك العلامات: 1 _ إنتشار الظلم, وشيوع الجور, وانعدام الأمن والإستقرار، وشيوع الحرب والخسوف والكسوف. كما يروي أبو سعيدٍ الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يزال بكم الأمر (الشدة والضيق) حتّى يولد في الفتنة والجور من لا يعرف غيرها حتّى يملأ الأرض جوراً، فلا يقدر أحد يقول الله، ثمّ يبعث الله عز وجل رجلاً مني ومن عترتي، فيملأ الأرض عدلاً كما ملأها من كان قبله جوراً، وتُخرج له الأرض أفلاذ كبدها، ويحثو المال حثواً ولا يعده عدا، وذلك حين يضرب الإسلام بجرانه). (1) وعن أبي سعيد الخدري قال: قال نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ينزل بأمّتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه, حتّى تضيق عنهم الأرض الرحبة, وحتّى تملأ الأرض جوراً وظلماً, لا يجد المؤمن ملجأ يلتجى إليه من الظلم, فيبعث الله عز وجل رجلاً من عترتي, فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً, يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض, لا تدخر الأرض من بذرها شيئاً إلاّ أخرجته, ولا السماء من قطرها شيئاً إلاّ صبّه الله عليهم مدراراً, يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع, تتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خيره).
فالإمام المعصوم قد نهى عن التسرّع للأمور وعدم التأنّي والتأمّل في عواقبها، وحذّرَ من المسارعة إلى اظهار ما في النفوس مما قد يأتي مُخالفاً للواقع. علامات ظُهور الامام المهدي (عجل الله فرجه) وكيف التعاطي معها. ثالثاً: ضرورة وعي العلاقة والإرتباط بين تحقق العلامة غير الحتمية ونظام البداء والقضاء غير المُبرم إلهيّا: عن الفضل الكاتب، قال كنتُ عند الإمام الصادق (عليه السلام) فأتاه كتاب أبي مسلم فقال (عليه السلام): "ليس لكتابك جواب اخرج عنا، فجعلنا يُسار بعضنا بعضا فقال (عليه السلام): "أي شيء تُسارّون يا فضل إنَّ الله عز وجل ذكره لا يَعجل لعجلة العباد ولإزالة جبل عن موضعه أيسر من زوال ملك لم ينقض أجله". ثم قال: "إنَّ فلان بن فلان حتى بلغ السابع من ولد فلان، قلتُ (الرواي) فما العلامة فيما بيننا وبينك جُعلتُ فداك؟ قال (عليه السلام): "لاتبرح الأرض يافضل حتى يخرج السفياني، فإذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا _يقولها ثلاثاً_ وهو من المحتوم". ودقّة هذه الفقرة تتجلى في أنَّ الله تعالى لا يَعجل لعجلة العباد ولإزالة جبل عن موضعه أيسر من زوال مُلكٍ لم ينقض أجله. وتحكي عن دقّة نظام البداء والقضاء الإلهي الحكيم، وبهذا يتبيَّن أنَّ من جملة ما مطلوب منا عَقْدياً في عصر الغيبة الكبرى هو ضرورة الإيمان بعقيدة البداء الإلهي والقضاء، بحيث يتولَّد في نفوسنا مِشعَل الأمل والرجاء والطمأنينة بحقيقة كون مجاري الأمور ومصائرها هي بيد الله تعالى ولا تخرج عن سلطته إطلاقاً.