ومن ثم فالتهاون في الدفاع عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسنته وشريعته من الخذلان الذي يدل على ضعف الإيمان، فمن ادعى محبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم تظهر عليه آثار الغيرة على حرمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو كاذب في دعواه، إذ الدفاع عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ والذب عنه وعن دينه وسنته، وآل بيته وصحابته، شرف ورفعة، كما أنه مظهر من مظاهر محبته وتعظيمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ينبغي على المسلم القيام به.. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
مفهوم محبة النبي صلى الله عليه وسلم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: نعلم أن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان، والأحاديث في ذلك كثيرة جداً، ولكن لا بد من التنبيه على أمر هام يخطئ في فهمه كثير من الناس، وهو مفهوم محبة النبي صلى الله عليه وسلم هل هي مجرد ذكره باللسان؟ وإقامة المواليد والخرافات؟ أم أن هناك شيئاً آخر.
حبا الله تبارك وتعالى نبينا محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الخصائص والصفات العلية والأخلاق الرضية ما كان داعيا لكل مسلم أن يحبه ويُجلَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ويعظمه بقلبه ولسانه وجوارحه. وقد كان لأهل السنة والجماعة قدم صدق في العناية بجمع خصائصه وشمائله، وإبراز فضائله ومحاسنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ.. فاختار الله ـ عز وجل ـ لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ اسم محمد المشتمل على الحمد والثناء، فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ محمود عند إخوانه النبيين والمرسلين، ومحمود عند أهل الأرض كلهم ـ وإن كفر به بعضهم ـ، لأن صفاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ محمودة عند كل ذي عقل منصف ـ وإن كابر وجحد ـ، ومن ثم قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن نفسه: ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع) ( مسلم).
ومِن مَحبَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَصرُ سُنَّتِه، والذَّبُّ عن شَريعتِه، وتَمنِّي حُضورِ حَياتِه فيَبذُلَ مالَه ونفْسَه دونَه. تصفح وتحميل كتاب محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه Pdf - مكتبة عين الجامعة. ولا تصِحُّ هذه المحبَّةُ إلَّا بتَحقيقِ إعلاءِ قدْرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومَنزلتِه على كلِّ والدٍ وولَدٍ، ومُحسِنٍ ومُفَضَّلٍ. وهذا الحديثُ مِن جَوامعِ الكَلِمِ؛ لأنَّ هذه الألْفاظَ اليَسيرةَ جمَعَتْ مَعانيَ كَثيرةً؛ لأنَّ أقسامَ المحبَّةِ ثلاثةٌ: مَحبَّةُ إجلالٍ وعَظَمةٍ، كمَحبَّةِ الوالدِ، ومَحبَّةُ شَفقةٍ ورَحمةٍ، كمَحبَّةِ الولَدِ، ومَحبَّةُ استحسانٍ ومُشاكَلةٍ، كمَحبَّةِ سائرِ الناسِ، فحَصَرَ أصنافَ المحبَّةِ. مصدر الشرح: تحميل التصميم
قال ابن حجر: "فجواب عمر أولاً كان بحسب الطبع، ثم تأمل فعرف بالاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه لكونه السبب في نجاتها من المهلكات في الدنيا والأخرى، فأخبر بما اقتضاه الاختيار، ولذلك حصل الجواب بقوله: ( الآن يا عمر) أي الآن عرفت فنطقتَ بما يجب". وقد توَّعَّد الله عز وجل في كتابه العزيز الذين يحبون الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة والأموال والتجارة والمساكن أكثر من حبهم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: { قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}(التوبة: 24). قال ابن كثير: "أي: إن كانت هذه الأشياء { أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ} أي: فانتظروا ماذا يحل بكم من عقابه ونكاله بكم"، وقال السعدي: "وهذه الآية الكريمة أعظم دليل على وجوب محبة الله ورسوله، وعلى تقديمها على محبة كل شيء، وعلى الوعيد الشديد والمقت الأكيد، على من كان شيء من هذه المذكورات أحب إليه من الله ورسوله، وجهاد في سبيله".
خامساً: التحاكم إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهنا المحك والاختبار العصيب؛ لأنه بذلك يتبين مدى كسر النفس لهواها، واتباع الحق المبين عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا نعلم أنه لا إيمان لمن لم يحتكم إلى شريعته، ويسلم له تسليماً، كما قال تعالى: { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}[النساء: 65]. وهنا يتضح لنا زيف كثير من الادعاءات التي يدندن بها أهل البدع اليوم، من دعوى حبهم للرسول وتعظيمه، بماذا؟ باللسان فقط، أو بإقامة الموالد وغيرها، مع أنهم في الواقع مخالفون لسنته كل المخالفة! وإذا قيل لأحدهم اتبع سنته عند التشاجر والاختلاف { رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا}[النساء: 61] ولهذا فضح الله المنافقين بقوله: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا}[النساء: 60].
سعيد بن علي بن وهف القحطاني، نور الإخلاص وظلمات إرادة الدنيا بعمل الآخرة في ضوء الكتاب والسُّنَّة ، السعودية: مطبعة سفير، صفحة 19-21. بتصرّف. ↑ سورة البقرة، آية: 264. ↑ سورة البقرة، آية: 9-10.
حكم من يُصلي رياءً: حكم الرياء في الإسلام: الرياءُ: هو مصدر راءى يُرائي رياءً أي مرائي، والمعنى: أنّهُ يفعلُ أمر ما حتى يراهُ الناس، فعلى سبيل المثال، يُصلي حتى يقال عنه أنّه يُصلي، ويتصدق على الفقراء والمساكين حتى يُقال عنه متصدق، وهذا من الرياء في الأفعال ، ويُقال لما سمع سمعةً ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: "من راءى راءى الله به، ومن سمع سمع الله به". صحيح مسلم. ما حكم زيارة القبور في العيد؟ - النيلين. وقال ابنُ حجر في وصف الرياء: وهو أن يُظهر شخصاً ما العبادة عن طريق العمد، من أجل رؤية الناس لها ويحمدوا صاحبها. إنّ أغلب العبادات والأعمال لا تُقبلُ من العبد المسلم إلّا إذا كان مبتغياً فيها وجه الله تعالى سواء كانت صلاةً أو غير ذلك؛ لأنّ الإخلاص ركنٌ من أركان قبول العمل الصالح، فقال الله تعالى: "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ" البينة:5. وقال تعالى: "فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ – الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ – الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ" الماعون:4-6. إنّ الرياء من مفسدات الأعمال: وكما يؤجر الإنسان الأجر العظيم على نيته حتى لو تخلف العمل لعذرٍ ما، فإنّ الأعمال والأقوال الظاهرة إذا لم تصحبها نيّة صالحة، فإنّها تكون وزراً على صاحبها، وقد تكاثرت الأحاديث في الترهيب من مفسدات الأعمال، ومن أعظمها، الرياء.
وقال الغزالي في إحياء علوم الدين: "يبعد أن يكون ما يطرأ بعد العمل مبطلًا لثواب العمل، بل الأقيس أن يقال: إنه مثاب على عمله الذي مضى، ومعاقب على مراءاته بطاعة الله بعد الفراغ منها". ماحكم الرياء. وعليه؛ فإن ما يقع للعبد من الرياء بعد العمل لا يبطل عمله، ولكنه يعاقب على الرياء. وللمزيد عن الندم والرياء بعد العمل انظري الفتوى رقم: 114216. والحذر من الرياء ينبغي أن يكون معه حذر من مكائد الشيطان، فربما يشكك العبد في نيته وقصده حتى يترك العمل بحجة أنه مراء، وانظري الفتوى رقم: 98518 ، وما أحيل عليه فيها. والله أعلم.
[١٠] حكم من يصلي رياءً عندما تؤدّى الصلاة ويدخُل الرّياء في أدائها لا تخلو من حالتين: [١١] الحالة الأولى: أن يُنشئ المرء الصلاة ويؤدّيها كلها رياءً؛ فهذه الصلاة تكون باطلة، ويأثم صاحبها في تأديتها لأنها لم تؤدّ لله سبحانه وتعالى. الحالة الثانية: أن يُنشئ المرء الصلاة ويؤديها بقصد شرعي؛ بقصد العبادة، ولكن يدخله الرياء أثناء تأديته لها، فهذا لا يخلوا أمره من حالتين؛ إما أن يجاهد نفسه ويدفع هذا الرياء عن نفسه، وهذا صلاته صحيحة لأنّه عمل على مجاهدة نفسه في دفعه، والدليل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [١٢] وإمّا أن يَسترسل الرياء، ويستمر معه أثناء صلاته، فهذا صلاته باطلة؛ وذلك لأنّ الصلاة عبادة متصلة لا تَقبل التجزئة، فإذا بطل أوّلها بطل آخرها. ما هو حكم الرياء – المحيط. أسباب الرياء إنّ أسباب الرياء عند الإنسان تعود إلى ثلاثة أمور رئيسيّة: [١٣] النشأة في بيت يهتم بالرياء والسمعة، مما يؤدي إلى ترسيخ آفة الرياء في نَفسِ الإنسان. الصحبة والرّفقة السيئة، التي همّها السمعة والرياء، والتي تَدفع الشخص إلى تقليدها، وخصوصاً إذا كان الشخص ضَعيف الشخصية.