قال ابن كثير: إسناده لا بأس به. وهذه الرواية توافق سابقتها من حيث المعنى، والاختلاف بينهما من جهة الراوي. قال تعالى إن الله يأمر بالعدل والإحسان. وقد ذكر الرازي في "تفسيره" رواية ثالثة، يوافق مضمونها مضمون الروايتين السابقتين مع زيادة معنى، تقول الرواية: إن عثمان بن مظعون رضي الله عنه، قال: ما أسلمت أولاً إلا حياء من محمد عليه السلام، ولم يتقرر الإسلام في قلبي، فحضرته ذات يوم، فبينما هو يحدثني إذ رأيت بصره شَخَصَ إلى السماء، ثم خفضه عن يمينه، ثم عاد لمثل ذلك، فسألته فقال: ( بينما أنا أحدثك إذا ب جبريل نزل عن يميني، فقال: يا محمد! { إن الله يأمر بالعدل والإحسان}، العدل: شهادة أن لا إله إلا الله، والإحسان: القيام بالفرائض ، { وإيتاء ذي القربى}: صلة ذي القرابة ، { وينهى عن الفحشاء}: الزنا ، { والمنكر}: ما لا يُعرف في شريعة ولا سنة ، { والبغي}: الاستطالة)، قال عثمان: فوقع الإيمان في قلبي، فأتيت أبا طالب فأخبرته، فقال: يا معشر قريش! اتبعوا ابن أخي ترشدوا، ولئن كان صادقاً أو كاذباً فإنه ما يأمركم إلا بمكارم الأخلاق. هذا حاصل ما ورد من روايات تتعلق بسبب نزول هذا الآية، وهي في المحصلة تدور حول صحابي كان قد أسلم بداية؛ حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد أن سمع هذه الآية استقر الإيمان في قلبه.
وهذا إسناد لا بأس به ، ولعله عند شهر بن حوشب من الوجهين ، والله أعلم. الآية 89
وقوله ( وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) يقول: وإعطاء ذي القربى الحقّ الذي أوجبه الله عليك بسبب القرابة والرحم. كما حدثني المثنى وعلي، قالا ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) يقول: الأرحام. وقوله ( وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ) قال: الفحشاء في هذا الموضع: الزنا. * ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، وعليّ بن داود، قالا ثنا عبد الله بن صالح، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ) يقول: الزنا. وقد بيَّنا معنى الفحشاء بشواهده فيما مضى قبل. وقوله ( والبَغْيِ) قيل: عُنِيَ بالبغي في هذا الموضع: الكبر والظلم. * ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، وعليّ بن داود، قالا ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( والبَغْيِ) يقول: الكبر والظلم. الأمر بالعدل والإحسان والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي. وأصل البغي: التعدّي ومجاوزة القدر والحدّ من كلّ شيء. وقد بيَّنا ذلك فيما مضى قبل. وقوله ( يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) يقول: يذكركم أيها الناس ربكم لتذكروا فتنيبوا إلى أمره ونهيه، وتعرفوا الحقّ لأهله. كما حدثني المثنى وعليّ بن داود، قالا ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( يَعِظُكُمْ) يقول: يوصيكم ( لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
Zaid Ali/: قال تعالى كتابه الكريم (71) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) ماهي الامانة التي حملها الانسان ؟ ولماذا قال الله على الانسان انه كان ظلوما جهولا ؟ هل الآية للتعظيم من شأن الانسان ؟ اذا كانت الاجابة نعم اذا لماذا ذكر انه ظلوما جهولا ؟ واذا كانت للتقليل منه لماذا حمله هذه الامانة ؟ ارجو الاجابة.
أما حقيقة تلك الأمانة التي حملها الإنسان فهي ـ وفق اختيار الإمام القرطبي ـ تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال، وهو قول الجمهور. وبعد إيراده لأقوال أئمة السلف في تفسير معنى الأمانة ذهب الإمام الطبري إلى أن أولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب ما قاله الذين قالوا: إنه عُنِـي بـالأمانة فـي هذا الـموضع: جميع معانـي الأمانات فـي الدين، وأمانات الناس، وذلك أن الله لـم يخصّ بقوله: عَرَضنا الأمانَةَ بعضَ معانـي الأمانات لـما وصفنا.
يخبر تعالى ـ كما يقول ابن كثير عن تشريفه لبني آدم وتكريمه إياهم في خلقه لهم على أحسن الهيئات وأكملها كقوله تعالى:"لَقَدْ خَلَقْنَا لإِنسَـنَ في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ" أي يمشي قائماً منتصباً على رجليه ويأكل بيديه، وغيره من الحيوانات يمشي على أربع ويأكل بفمه وجعل له سمعاً وبصراً وفؤاداً يفقه بذلك كله وينتفع به ويفرق بين الأشياء ويعرف منافعها وخواصها ومضارها في الأمور الدينية والدنيوية. ما هي الامانة التي حملها الانسان مكتوبة. يشير الإمام محمد بن جرير الطبري أن ذلك التكريم كان بتسلـيط الله إياهم علـى غيرهم من الـخـلق، وتسخيره سائر الـخـلق لهم، ويختار الإمام القرطبي أن الصحيح الذي يعوّل عليه أن التفضيل إنما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف، وبه يُعرف الله ويُفهم كلامه، ويوصل إلى نعيمه وتصديق رسله؛ إلا أنه لما لم ينهض العبد بكل المراد منه بُعثت الرسل وأنزلت الكتب. فمثال الشرع الشمس، ومثال العقل العين، فإذا فتحت وكانت سليمة رأت الشمس وأدركت تفاصيل الأشياء. من مظاهر ذلك التكريم أن الله سخر لبني الإنسان كل ما في السموات والأرض وأتاهم من النعم ظاهرها وباطنها، يقول الله ممتنا على عباده "أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ"(لقمان:20).
شوقي علام، مفتي الجمهورية أحمد بدراوي نشر في: الخميس 31 مارس 2022 - 5:35 م | آخر تحديث: قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن عملية التنمية في الحقيقة ترتكز على العديد من العناصر التي لا تقوم إلَّا بها، وإن أبرز تلك الركائز هي الوعي لدى كل فرد ومواطن بحقيقة العملية التنموية، وبدوره في تحقيقها، وما ينعكس على حياته الخاصة والمجتمع ككل جرَّاء تحقيقها واقعيًّا. وأكَّد المفتي أن المواطن يجب أن يشعر بشراكته المؤثرة في نهضة مجتمعه وتنميته، وأن ينفصل أخيرًا عن تلك القناعات السلبية التي تُلقي بكافة الحِمل في تحسين جودة الحياة على الحكومات، وأن يؤمن بأن التنمية عملية مجتمعية كاملة يشارك فيها بالتساوي مع المؤسسات في الدولة، حسبما قال خلال كلمته التي ألقاها في حفل إطلاق مبادرة "وعي من أجل الحياة الكريمة" أمس التي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي بهدف تكوين كوادر دينية ومجتمعية وإعلامية لديها خطاب علمي وثقافي وديني موحَّد ومتكامل لنشر المعرفة وتطوير الوعي والاتجاهات الاجتماعية في الريف المصري. وأوضح المفتي، أنَّ الإيمان الذي نقصده يحتاج إلى وعي مجتمعي يشكِّل إطار القيم والمعايير السلوكية التي تساعد على ترسيخ ذلك الإيمان، ويساهم في دفع عجلة التنمية المستدامة، وتذليل كافة العقبات في طريقها.
1. أخطر أمانة يحملها الإنسان نفسه التي بين جنبيه: ربُّنا سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾ سورة الأحزاب: 72. الأمانة التي حملها الإنسان. الإنسانُ هو المخلوق الأول، هو المخلوق المكرَّم الذي سخَّر الله له ما في السموات والأرض، لماذا سخر له ما في السموات والأرض؟ لأنه حمل الأمانة، ورضي أن تكون نفسُه وهي أثمنُ ما يملك عنده أمانة، فإن عرَّفها بربها، وإن حملها على طاعته، وإن جعلها تتقرَّب إليه فقد زكَّاها، وإن زكاها أسعدها إلى أبد الآبدين، وإن أبقاها جاهلةً سمح لها أن تخالف منهج الله عز وجل، أساءت إلى الخلق، وإن دسَّاها شقيت، وشقي بها إلى أبد الآبدين، هذه أخطر أمانة، بل هي الأمانة الوحيدة ذات العلاقة المصيرية، إن أدَّيتها، وحفظتها سعدت بها إلى الأبد، وإن حِدتَ عن طريق الله عز وجل، ودسَّيتها شقيت بها إلى الأبد. من خان أمانة نفسه كان ظلوماً جهولاً، ظلوماً لها وسبب ظلمه لها جهلُه، إذًا يتَّضح من هذه الآية أن أعدى أعداء الإنسان على الإطلاق من دون استثناء جهلُه، وأن الطريق الوحيدة إلى الله عز وجل هي العلم، بالجهل نشقى، بالجهل نهلك، وبالعلم نرقى، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معًا فعليك بالعلم.