وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قوله: {وعلم آدم الأسماء كلها} سمي آدم لأنه خلق أديم الأرض، وقيل: لأنه كان آدم اللون وكنيته أبو محمد وأبو البشر فلما خلقه الله تعالى علمه أسماء الأشياء وذلك أن الملائكة قالوا: لما قال الله تعالى: {إني جاعل في الأرض خليفة}: ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق خلقاً أكرم عليه منا وإن كان فنحن أعلم منه لأنا خلقنا قبله ورأينا ما لم يره. فأظهر الله تعالى فضله عليهم بالعلم وفيه دليل على أن الأنبياء أفضل من الملائكة وإن كانوا رسلاً كما ذهب إليه أهل السنة والجماعة. الإعجاز العلمي في قوله وعلم آدم الأسماء كلها - سطور. قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: "علمه اسم كل شيء حتى القصعة والقصيعة" وقيل: اسم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة. وقال الربيع بن أنس: "أسماء الملائكة". وقيل: أسماء ذريته، وقيل: صنعة كل شيء. قال أهل التأويل: إن الله عز وجل علم آدم جميع اللغات ثم تكلم كل واحد من أولاده بلغة فتفرقوا في البلاد واختص كل فرقة منهم بلغة. {ثم عرضهم على الملائكة} إنما قال عرضهم ولم يقل عرضها لأن المسميات إذا جمعت من يعقل ومالا يعقل يكنى عنها بلفظ من يعقل كما يكنى عن الذكور والإناث بلفظ الذكور.
أي: أَخبِروني بأسماء هؤلاء المسميات. وعبَّر بضمير العقلاء في قوله: ﴿ عَرَضَهُمْ ﴾، وأشار بإشارة العقلاء ﴿ هَؤُلَاءِ ﴾؛ تغليبًا لجانب العقلاء من المسميات. وفي الآية تقرير وتوكيد لقوله تعالى: ﴿ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]، وتحدٍّ وتعجيز لهم، وبيان لقلة عِلمِهم؛ ولهذا قال بعده: ﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 31]. أي: إن كنتم صادقين في قولكم: ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴾ الآية [البقرة: 30] في ظنكم أن هؤلاء الذين سأستخلفُهم في الأرض سيَعصونني، ويُفسِدون في الأرض، ويسفكون الدماء، وأني لم أخلُق خلقًا إلا كنتم أفضلَ وأعلمَ منهم. المصدر: « عون الرحمن في تفسير القرآن » [1] انظر "جامع البيان" (1/ 523، 532- 533). “وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا” – موقع الأستاذ فتح الله كولن. [2] أخرجه البخاري في التوحيد (6/ 75)، ومسلم في الإيمان (193)، وابن ماجه في الزهد (2/ 43).
قال ابن حماد النحوي: كان ثعلب أعلم باللغة، وبنفس النحو من المبرد، وكان المبرد أكثر تفننا في جميع العلوم من ثعلب. قلت: له تصانيف كثيرة، يقال: إن المازني أعجبه جوابه، فقال له: قم فأنت المبرد، أي: المثبت للحق، ثم غلب عليه: بفتح الراء. وكان آية في النحو، كان إسماعيل القاضي يقول: ما رأى المبرد مثل نفسه. مات المبرد: في أول سنة ست وثمانين ومائتين. -سير أعلام النبلاء للذهبي بتصرف (13 /577). [6] هو أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد المقرئ، المعروف بالنقاش، الموصلي الاصل البغدادي المولد والمنشأ؛ كان عالما بالقرآن والتفسير، وصنف في التفسير كتابا، سماه شفاء الصدور وصنف غيره فمن ذلك الإشارة في غريب القرآن، والموضح في القرآن ومعانيه و" صد العقل "، والمناسك، وفهم المناسك، وأخبار القصاص، وذم الحسد، ودلائل النبوة.. الخ. ثم قال: وفي حديثه مناكير بأسانيد مشهورة، وذكر النقاش عند طلحة بن محمد بن جعفر، فقال: كان يكذب في الحديث، والغالب عليه القصص، وروى عن جماعة من العلماء ورووا عنه، وقال البرقاني: كل حديث النقاش مناكير، وليس في تفسيره حديث صحيح. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة البقرة - الآية 31. وكانت ولادته سنة ست، وقيل خمس، وستين ومائتين. وتوفي يوم الثلاثاء ودفن يوم الأربعاء، لثلاث خلون من شوال سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، رحمه الله- نقلا عن وفيات الاعيان لابن خلكان بتصرف (4 /298).
سؤال: ما تفسير هذه الآية: "وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهاَ"؟ الجواب: وردت مسألة تعليم الأسماء لآدم عليه السلام في سياق الحديث عن خلافة آدم في الأرض واستفسارِ الملائكة ببصيرتهم النافذة قائلين: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾ (سُورَةُ البَقَرَةِ: 2/30)، أي إن في الإنسان عناصر جِبليّة من أصل جوهره تشير إلى أنه سيُفسد في الأرض ويسفك الدماء، وكأنهم قالوا: يا ربنا إذا ما نظرنا إلى معدن هذا الإنسان يتبدى لنا أن فيه قابلية لأن يكون سفاكًا للدماء مُستنقعًا للنفاق. وعلم ادم الاسماء كلها تفسير الشعراوي. والملائكة مَثَلهم كمثل الذين يستدلون بسِمات الوجه على روح الإنسان ومعدنه، فرأوا ما ذُكِر في المحيّا المعنوي لسيدنا آدم عليه السلام؛ إذ كان ذلك كلّه محرّرًا على وجه بشرٍ خُلِق من طين الأرض، وكانت فيه خصائص أخرى من أثر النفخة الإلهية، إلا أن الملائكة لحظت الشِّقَّ الأول. أجل، في الإنسان جانبان: التراب، والنفخة الإلهية؛ ففي التراب الشهوات والأهواء والأطماع والغل والحقد؛ وبالنفخة الإلهية خُلِقَ في أحسن تقويم ومُنح قابلية ليرقى إلى أعلى عليين، وليتبوأ مكانة بين ساكني الملأ الأعلى. لحظت الملائكة الجانبَ الجسماني في آدم عليه السلام، فاستفسروا: ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾ (سُورَةُ البَقَرَةِ: 2/30)، وعلَّم اللهُ آدمَ الأسماءَ كلها من حجر وشجر ومدر ليمتحن الملائكة، ولما كان تعليم الأسماء وحدها لا يعني شيئًا علَّمه الله مُسمَّيات هذه الأسماء إجمالًا.
فالحمد لله علي نعمة الإسلام, والحمد لله علي نعمة القرآن, والحمد لله علي بعثة خير الأنام ـ صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين ـ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.