غزوة بني النضير هي إحدى غزوات النبي وتحديدا الغزوة الثانية عشرة لرسول الله والثانية للمسلمين مع اليهود، كانت في السنة الرابعة للهجرة ـ بين المسلمين ويهود بني النضير قرب المدينة المنورة، بعد غدرهم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومحاولة قتله. من هم بني النضير هي احدى القبائل اليهودية العربية في شبه الجزيرة الذين قطنوا في مواضع عدة أهمها يثرب قديمًا وتنتسب إلى قبيلة أزدٍ اليمنية، وهي من القبائل العربية التي بقيت متمسكةً بديانتها إلى جانب قبيلتي بنو قريظة، وبنو قينقاع ولم تدخل في الإسلام قبل أو بعد هجرة الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة، وقد عمدت هذه القبيلة على مناصبة العداء والتأليب عليه والتعاون مع أعداءه من العرب المشركين ومنافقي المدينة مما تسبب في غزوهم فيما يُعرف تاريخيًّا باسم غزوة بني النضير. سبب الغزوة طلب بعض من بني النضير من الرسول القدوم إليهم كي يسمعوا منه القرآن الكريم وتعاليم الدين الإسلامي فلربما يقتنعوا ويدخلوا الإسلام ، وقد خططوا لقتل النبي على حين غِرّةٍ، بحيث يطعنه كل رجلٍ منهم بخنجرٍ يخفيه تحت ثيابه، وعندما وصلت أنباء خطة الاغتيال إلى الرسول الكريم قرر إخراجهم من المدينة.
والطائف، فترصد بها قريشاً، وتعلم لنا من أخبارهم"، فلما نظر عبد الله ابن جحش في الكتاب قال: سمعاً وطاعة، ثم قال لأصحابه: قد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمضي إلى نخلة أرصد بها قريشاً، حتى آتيه منهم بخبر، ومن كره ذلك فليرجع، فأما أنا فماضٍ لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. ص371 - كتاب مغازي الواقدي - غزوة بنى النضير - المكتبة الشاملة. فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف عنه منهم أحد، وسلك١ على الحجاز حتى إذا كان بمَعْدِن٢ فوق الفُرُع٣ يقال له: بُحْران٤ أضل سعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان بعيراً لهما، كانا يعتقبانه، فتخلفا عليه في طلبه ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل بطن نخلة، فمرت به عير لقريش تحمل زبيباً وأدماً، وتجارة من تجارة قريش فيها عمرو بن الحضرمي، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة، وأخوه نوفل ١ سلك: السلوك مصدر سلك طريقاً، وسلك المكان يسلكه سلكاً وسلوكاً. والسَّلَكُ بالفتح مصدر سلكت الشيء فانسلك، أي أدخلته فيه فدخل، والمسلك: الطريق اللسان (سلك). ٢ مَعْدِن: هي قرية مهد الذهب، أو المهد، في نواحي المدينة على طريق نجد (المعالم الأثيرة ٢٧٦). ٣ الفُرُع: بضم الفاء والراء، وآخره عين مهملة، واد فحل من أودية الحجاز يمر على مسافة ١٥٠ كيلاً جنوب المدينة، كثير العيون والنخل، (المعالم الأثيرة ٢٦٧).
[٣] ولمّا رأى بنو النضير الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بينهم وقريب منهم سوّل لهم الشيطان التآمر لقتله بأن يلقي أحدهم عليه صخرة، وتصدّر لذلك أشقاهم وهو عمرو بن جحاش، فأوحى الله -تعالى- بأمر اليهود إلى نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- فعاد إلى المدينة ولحقه أصحابه، وأخبرهم بما أوحى إليه الله به، ثمّ أمرهم بالتهيّؤ لحرب بني النضير، واستعمل على المدينة ابْن أم مَكْتُوم. [٤] نتائج غزوة بني النضير بعث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- محمد بن مسلمة إلى بني النضير يأمرهم بالخروج من المدينة ويخبرهم بأن المهلة التي معهم هي عشرة أيام فحسب، فبعث كبير بني النضير -حيي بن الأخطب- إلى رسول الله خبرًا بأنهم لن يخرجوا من ديارهم وبأنهم غير آبهين بما قد يصنعه المسلمون، وذلك بعد مراسلة بينه وبين زعيم المنافقين عبد الله بن أبيّ بن سلول منحته الثقة والاغترار. [٥] إجلاء بني النضير خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- إلى بني النضير وقد تحصّنوا في بيوتهم وحاصرهم ستّ ليال ، وأمر بقطع النخيل وحرقها، وهدم البيوت الأدني فالأدني، وأمرهم أن يخرجوا من المدينة وأنّ ليس لهم إلّا دماءهم وما حملته الإبل عدا السلاح. وألقى الله -تعالى- في قلوب يهود بني النضير الرعب، ومثلهم المنافقين الذين لم يناصروهم وبيّن ما كان بيّنهم من مؤامرات، وصار الواحد منهم يهدم بيته بيده ويضعه على ظهر البعير، [٦] وذهبوا بنسائهم وأطفالهم على ستمائة بعير ولحقوا بخيبر.
الرواية الثانية أن النبي – ذهب أليهم يطلب منهم المساعدة في دفّع دية رجليْن من قبيلة بني كلابٍ بناءً وفق العهود المُبرمة ، وطلبوا من الرسول الجلوس بجانب جدارٍ كي يقضُ حاجته، وتامروا حتى كاد عمرو بن جحاش أن يلقي عليه رحىً من فوق الجدار ، فقام الرسول من مكانه بعد وحي من الله وعاد إلى المدينة عاقدًا العزم على إخراجهم منها.