إعراب من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه
تفسير قوله تعالى: (( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)) وتعريف الشفاعة لغة وشرعا حفظ Your browser does not support the audio element.
قال سبحانه: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة:255] أي: لا أحد يستطيع يشفع إلا بإذنه سبحانه، يعني: يوم القيامة لا يتقدم أحد يشفع حتى النبي محمد ﷺ إلا بإذنه، حتى يأذن له، وما ذاك إلا لعظم مقامه وجبروته وكونه سبحانه المستحق لأن يعظم ويجل وأن لا يتقدم بين يديه إلا بإذنه
- دلَّ على شرف ومكانة الشافع عند الله تعالى وهو محمد صلى الله عليه وسلم. - قال (إِلاَّ بِإِذْنِهِ) فلا أحد يشفع عند الله بحق الله ولكن يشفع من خصّه الله تعالى بهذا الإذن وهذه كرامة ما بعدها كرامة. - الفرق بين (مَن ذَا الَّذِي) و (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ) في سورة الملك (٢٠): (هَذَا) مكون من (هـ) للتنبيه والتوكيد و(ذا) اسم الإشارة فإذا كان الأمر لا يدعو إليها لا يأتي بها. سياق الآيات في سورة الملك في خطاب الكافرين في مقام تحدّي الندّ وليس مقام شفاعة ولذلك جاء بـ(هـ) التنبيه للإستخفاف بالشخص الذي ينصر من دون الرحمن فهو أشد وأقوى من سياق آية الكرسي التي هي في سياق المؤمنين والشفاعة والشفيع هو طالب حاجة يرجو قضاءها ويعلم أن الأمر ليس بيده وإنما بيد من هو أعلى منه. التفسير التحليلي لآية الكرسي ( مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ) | معرفة الله | علم وعَمل. كما أن التعبير في آية الكرسي اكتسب معنيين: قوة الإستفهام والإشارة ولو قال (من الذي) لفاتت قوة الإشارة بينما آية الملك دلت على الإشارة فقط. ولا يوجد تعبير آخر أقوى من (مَن ذَا) لكسب المعنيين معاً بمعنى (من الذي يشفع ومن هذا الذي يشفع). * (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ): في سورة مريم (لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ) ولم ترد على هذا الاسلوب في آية الكرسي: ففي سورة مريم سياق الآيات عن الملك (ولهم رزقهم فيها، تلك الجنة التي نورث من عبادنا، رب السموات والآرض.. ) الذي يرزق هو الذي يورّث فهو مالك، وقوله رب السموات فهو مالكهم، أما في آية الكرسي فالسياق في العلم (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) وبعدها (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء).
فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح، إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبدا شكورا، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم. عرض وقفة أسرار بلاغية | تدارس القرآن الكريم. فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم، أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات – فذكرهن أبو حيان في الحديث – نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى فيقولون: يا موسى، أنت رسول الله، فضلك الله برسالته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى، أنت رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلمت الناس في المهد صبيا، اشفع لنا، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله قط، ولن يغضب بعده مثله - ولم يذكر ذنبا - نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
* (لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ): - الجملة تفيد التخصيص فهو لا يترك شيئاً في السموات والأرض إلا هو قائم عليه سبحانه. - جاءت بعد (الحيّ القيّوم) ليدلّ على أنه قيوم على ملكه الذي لا يشاركه فيه أحد غيره وهناك فرق بين من يقوم على ملكه ومن يقوم على ملك غيره، فالأخير قد يغفل عن ملك غيره أما الذي يقوم على ملكه لا يغفل ولا ينام فسبحانه له كمال القيومية. - قدّم الجار والمجرور (لَّهُ) على المبتدأ (مَا فِي السَّمَاوَاتِ) ذلك له حصراُ قصراً فنفى الشرك له في الملك. - (ما) تفيد ذوات غير العاقل وصفات العقلاء، فجمع العقلاء وغيرهم ولو قال (من) لخصّ العقلاء. (ما) بقصد الإحاطة والشمول. * (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ): - دلالة واضحة على تبيان ملكوت الله وكبريائه فلمّا قال (لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ) شمل ما في الدنيا ثم (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ) هذا في الآخرة، فدلّ هذا على ملكه وحكمه في الدنيا والآخرة. إعراب من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه - إسألنا. - (مَن ذَا) أسلوب الإستفهام الإنكاري أقوى من النفي. - دلّ هذا على أنه حيّ قيّوم كيف؟ لأن الذي يُستشفع عنده حيّ والذي لا يستطيع أحد أن يتقدم إلا بإذنه يجعله قائم بأمر خلقه.