وفي الوقت نفسه فرضتِ الشريعة على صاحب المال أخذَ جزء يَسيرٍ من هذا المال؛ مواساةً للفقراء والعاجزين عن العمل، من باب التكافُل والأُخُوة الإيمانية التي يقوم عليها المجتمع، وجعلت على ذلك الأجرَ الكبير في الآخرة، يتمثل هذا الجزء في الزكاة. هذا بالنسبة للقيود على نشأة المال، أمَّا على تنميته، فلا يَجوز أن يُنمَّى من الحرام؛ مثل الاتجار بالمحرَّمات، والغش، والرِّبا، والاحتكار، وهذا على العكس من النِّظام الرأسمالي، الذي رأى حق الملكية مطلقًا، فلا مواساةَ، ويحق تنمية المال بأي طريقة حتى ولو كانت عن طريق استغلال حاجة الناس بالاحتكار والرِّبا؛ مما ولَّد الأحقاد بين أفراد المجتمع، فينشأ مجتمع تسوده الأَثَرَةُ والغش. وهناك قيود أيضًا على إنفاق هذا المال، فلا يَجوز إنفاقه في المحرَّمات وما يُغضِب الله. وقد ينزع الإسلام الملكية الخاصَّة بالكلية ، ولكن عند ظروف معينة، مثل تعلُّق حق الآخرين بها، كحال المَدِين الذي حَلَّ دَيْنُه، وطلب الدائنون حقوقَهم من القاضي. أو عند احتياج الدولة الضَّروري لهذا الملك، مثل قطعة أرض لتوسعة طريق، فيعوض صاحب الملك التعويضَ المُرْضِي من غير ضرر ولا إضرار. وبعد هذا العرض السريع لخصائص النظام الاقتصادي الإسلامي المبني على العقيدة الإسلامية، يتبين لكلِّ مُنصفٍ ذي فطرة سليمة أنه النظام الوحيد القادر على تحقيق الاستقرار والرخاء والعدالة والتنمية للمجتمعات، وأنَّه يصلح لكل عصر ومِصر، وأنه يظل شامخًا؛ فإنه من لدن حكيم خبير، في ظل سقوط الأنظمة الأخرى المبنيَّة على مصالح بعض الأفراد، وأساسها أوساخ أفهام البشر.
الفرق بين النظرة الإسلامية الى الاقتصاد انه يعتبر النشاط الاقتصادي من العبادات حيث ان العمل والاستثمار والتجارة احدى الوسائل للتقرب الى الله تعالى، ويهتم النظرة الإسلامية الى الاقتصاد بمصلحة الآخرين والمجتمع قبل المصلحة الشخصية،عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). سمات النظام الاقتصادي (1) انه اقتصاد يميز بين الغايات والوسائل بوضوح تام، فالإنتاج والفعالية الاقتصادية إجمالاً موجهة للاستهلاك، لكن الاستهلاك – وهو مآل النشاط الاقتصادي – ليس أكثر من وسيلة لإدامة الوجود الإنساني الفاعل، أما غايات هذا الوجود فهي أكبر من مجرد الاستهلاك أو مجرد النمو الاقتصادي. ان غايات الوجود الإنساني تحددها الأُسس الاعتقادية التي يؤمن بها الإنسان المكَّرم: "ولقد كرمنا بني آدم…"، الإنسان الخليفة: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة"، الإنسان الذي يعبّد نفسه لخالقه: "وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون"، وهذه غايات أرفع وأرحب من مائدة طعامه أو خزانة ملابسه بكل تأكيد!!. (2) انه اقتصاد مختلط تتعايش فيه أشكال الملكية الخاصة والعامة معاً، توفر الأولى وسائل إشباع الحاجات الخاصة، كما تشحذ الحافز الفردي للنشاط الاقتصادي، وتوفر الملكية العامة: صور الاستخلاف الاجتماعي، وسائل إشباع الحاجات العامة والشروط المادية اللازمة لإنتاج العرض العام.
7 - مبدأ الكفالة والضمان: الكفالة هي عقد بين طرفين يكفل أحدهما تنفيذ شرط محدد للآخر، أما الضمان فهو عقد بين طرفين لضمان أحدهما تحقيق شيء ما للآخر متفق عليه، مثل بيع السلع أو ضمان المصنع وهو من العقود الموثوقة، وكلاهما وسيلة لحفظ حقوق الطرفين، وللكفالة ذكر في القرآن الكريم في قوله تعالى «قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ» ومعنى زعيم أي كفيل غارم، أما الضمان فقال الله فيه «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» والضمان هو ضمان ما قد وجب في العقود والوفاء به. 8 - نظام المواريث في الإسلام: فقد حدد الشرع نسب الميراث والمستحقين لها في القرآن الكريم لئلا يأكل القوي حق الضعيف في الميراث ودرء الشقاق والنزاع ولم يترك فيها بابا للرأي والهوى، كما كرم الإسلام المرأة بحقها في الميراث بعكس ما كان يحدث في الجاهلية، والآيات الدالة على تقسيم المواريث كثيرة ويمكن الرجوع لها في القرآن. فوائد النظام الاقتصادي الإسلامي للمجتمع: - غرس الأمانة والإخلاص والالتزام بين أفراد المجتمع الإسلامي والأخلاق الحسنة في التعامل من واقع مراقبة الله تعالى والخشية منه وتوضيح وحفظ وتنظيم حقوق أفراد المجتمع الإسلامي، ويمنع الفقر.
5 - فرض الزكاة وإقرانها بالصلاة: هي الركن الثالث من أركان الإسلام؛ حيث جعلها الدين الإسلامي واجبة وأقرنها بالصلاة دائما لقول الله تعالى «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ» ولدورها في تماسك وترابط أفراد المجتمع وبث التعاون وإزالة الأحقاد من قلوب الفقراء والكبر من قلوب الأغنياء.