[3] المعنى الاصطلاحي [ عدل] من خلال المعاني اللغويّة السابقة يمكن فهم معنى اسم الله "البارئ" بأنّه الموجد والمبدع والخالق سبحانه وتعالى، وذلك بالعودة إلى أن معنى برأ بمعنى خلق، وأن من معاني هذا الاسم العظيم: فصل الخلائق بعضهم عن بعض والتمييز فيما بينها، أخذاً من معنى المزايلة والمباعدة. مملكة خواطر العشاق. يقول الشيخ السعدي: "البارئ، الذي خلق جميع الموجودات وبرأها، وسواها بحكمته، وصورها بحمده وحكمته، وهو لم يزل ولا يزال على هذا الوصف العظيم". [3] ويبقى معنى ثالث ذكره بعض العلماء، وهو أن "البارئ هو الذي خلق الخلق بريئاً من التفاوت، والنقص، والعيب والخلل، وهو الذي خلق الخلق متميزاً بعضه عن بعض" [4] ، قال سبحانه وتعالى: مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ سورة الملك:3. أدلة هذا الاسم من النصوص الشرعيّة [ عدل] اسم الله البارئ مكتوب بخط مزخرف ورد اسم الله البارئ في القرآن مطلقًا معرفًا في قوله تعالى: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ سورة الحشر:24. وورد مرّتين متتاليتين وصفًا مقيدًا، في قوله تعالى عن موسى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ سورة البقرة:54.
القول الثاني: أن البارئ من برأ إذا فصل وقطع, أي: فصل الخلق بعضهم عن بعض وميزهم, فهذا طويل وهذا قصير, وهذا بدين، وذاك نحيف, وهذا أسود، وذاك أبيض، وهذا أحمر, وميزهم في ألسنتهم, وفي ألوانهم, وفي طبائعهم, وفي مواهبهم, وفي خصائصهم. فهذا هو معنى اسمه جل جلاله: البارئ. القول الثالث: ذكره الزمخشري فقال: البارئ: هو الذي خلق الخلق بريئاً من التفاوت, واستدل بقول الله عز وجل: مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ [الملك:3], أي خلقهم خلقاً مستوياً, ليس فيه اختلاف ولا نقص ولا تنافر ولا عيب ولا خلل, بل هم أبرياء من ذلك كله. القول الرابع: البارئ أي الذي خلق خلقه من تراب, فأصلهم من البري الذي هو التراب. فهذه أربعة معان: الأول: الذي أوجد خلقه على غير مثال سابق. والثاني: من برأ إذا فصل, أي: فصل خلقه وميز بعضهم على بعض. (24) اسم الله تعالى المصور - شرح وأسرار الأسماء الحسنى - هاني حلمي عبد الحميد - طريق الإسلام. والثالث: الذي خلق خلقه بريئاً من التفاوت فلا نقص ولا عيب ولا خلل ولا تنافر. والرابع: الذي خلق خلقه من تراب؛ لأن كلمة البري معناها التراب. لكن لو قيل بأن البارئ هو نفس معنى الخالق فلا يستوي الأمر؛ لأننا نوقن بأنه ليس في أسماء الله عز وجل اسمان متطابقان, بحيث يغني أحدهما عن الآخر, بل كل اسم يفيد معنى جديداً فهاهنا البارئ يمكن أن نقول: إنه الذي خلق خلقه بريئاً من التفاوت, والذي خلق خلقه من تراب, والذي خلق خلقه مستوياً لا تنافر ولا خلل ولا عيب ونحو ذلك من المعاني.
وقال الشوكاني: البارئ الخالق، وقيل إنَّ"البارئ" هو: المُبْدِع المُحدِث. وقال الخطابي: البارئ هو الخَالق. ثم قال: إلا أنّ لهذه اللفظة مِنْ الاختصاص بالحيوان؛ ما ليس لها بغيره مِنْ الخَلق، وقلّما يستعمل في خَلق السموات والأرض والجبال، فيقال: برأ الله السماء؛ كما يقال: برأ الله الإنسان؛ وبرأ النَّسَم. وقال ابن كثير: الخَلْق هو التقدير، والبرء هو الفَري، وهو التنفيذ؛ وإبْراز ما قدّره وقرّره إلى الوجود، وليس كلُّ من قدّر شيئاً ورتبه؛ يقدر على تنفيذه وإيجاده، سِوى الله عز وجل. وقال الحليمي رحمه الله: وهذا الاسم يحتمل معنيين: أحدهما: المُوجِد لما كان في معلومه من أصناف الخلائق. وهذا هو الذي يُشير إليه جلّ وعزّ: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا) (الحديد: 22). ولا شك أنَّ إثبات الإبْداع والاعتراف به للباري جل وعز، ليس يكون على أنه أبْدع قبل أنْ يُبدع، فكما وجبَ له عند الإبداع اسم البديع، وجبَ له اسم"البارئ". معني اسم الله الباري النابلسي. والآخر: أنّ المرادَ بالبارئ: قالبُ الأعْيان، أي: أنه أبْدع الماءَ والتراب؛ والنّار والهواء لا من شيء، ثم خَلَق منها الأجْسام المُختلفة؛كما قال عز وجل: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) (الأنبياء:30).
وبهذا يكون الاسمُ مشابهاً ومرادفاً لـ"الخالق". 2-"البارئ" هو الذي فَصَل بعضَ الخَلْق عن بعض، أي: ميّز بعضَه عن بعض، وأنّ أصْله من البرء، الذي هو القَطْع والفَصْل. [ثقف نفسك] اسماء الله الحسنى (البارئ ). 3- أنَّ"البارئ" يدلُّ على أنّه تعالى خَلَق الإنسانَ مِنَ التراب، كما قال: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً) (طه: 55)، وأنّ أصْله من: البري والتُّراب. 4- أن"البارئ" قالب الأعيان، فخلق من الطين بشراً، وأوجد من الماء كل شيء حي. 5- وهناك معنى خامس: ذكره الزمخشري فقال:" البارئ" هو الذي خَلَقَ الخَلْقَ بريئاً من التفاوت: (مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ) (الملك:3). أي: خَلَقهم خَلْقاً مستوياً، ليس فيه اختلافٌ ولا تنافر، ولا نَقْصٌ ولا عَيبٌ ولا خللٌ، أبرياء من ذلك كلّه. من كتاب النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للدكتور محمد بن حمد الحمود النجدي.
وقَالَ الزَّجَّاجُ: "(البَارِئُ) يُقَالُ بَرَأَ اللهُ الخَلْقَ فَهُوَ يَبْرَؤُهم بَرْءًا: إِذا فَطَرَهُم. والبَرْءُ: خَلقٌ عَلَى صِفَةٍ، فَكُلُّ مَبْروُءٍ مَخْلُوقٌ، ولَيْسَ كُلُّ مَخْلُوقٍ مبْرءًا وذَلِكَ لأَنَّ البَرْءَ مِنْ تَبْرِئَةِ الشَّيءِ مِنَ الشَّيءِ مِنْ قَولِهمْ: بَرَأْتُ مِنَ المَرَضِ، وبَرِئْتُ مِنَ الدَّيْنِ أَبَرَأُ مِنْهُ، فَبَعْضُ الخَلْقِ إذا فُصِلَ مِنْ بَعْضٍ سُمِّيَ فَاعِلُه بَارِئًا" [4]. وقَالَ الشَّوْكَانِيُّ: "البَارِئُ الخَالِقُ، وقِيلَ إنَّ (البَارِئَ) هو: المُبْدِعُ المُحْدِثُ" [5]. وقَالَ الخَطَّابِيُّ: "البَارِئُ هُوَ الخَالِقُ"، ثُمَّ قَالَ: "إِلَّا أَنَّ لِهَذِه اللَّفْظَةِ مِنَ الاخْتِصاصِ بالحَيَوانِ مَا لَيْسَ لَهَا بِغَيْرِهِ مِنَ الخَلْقِ، وقَلَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي خَلقِ السَّمَاواتِ والأرْضِ والجِبَالِ فَيُقَالُ: بَرَأَ اللهُ السَّمَاءَ كَمَا يُقَالُ: بَرَأَ اللهُ الإنسانَ، وبَرَأ النَّسَمَ" [6]. وقَالَ ابنُ كَثِيرٍ: "الخَلْقُ هو التَّقْدِيرُ، والبَرْءُ هو الفَرْيُ وهو التَّنْفِيذُ وإبْرَازُ ما قَدَّرَهُ وَقَرَّرَهُ إلى الوُجُودِ، ولَيْسَ كُلُّ مَنْ قَدَّرَ شَيْئًا وَرَتَّبَهُ يَقْدِرُ عَلَى تَنْفِيذِهِ وإيجَادِهِ سِوَى الله تعالى".
وقَدْ وَرَدَتْ في القُرآنِ كَقَوْلِه تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ [البينة: 7]. وُرودُهُ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ: وَرَدَ الاسْمُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ فِي القُرْآنِ، مَرَّةً فِي قَوْلِه تَعَالَى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ ﴾ [الحشر: 24]. وَمرَّتَينِ فِي قَولهِ تَعَالَى: ﴿ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ ﴾ [البقرة: 54]. المَعْنَى فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى: قَالَ ابنُ جَريرٍ: "(البَارِئُ) الذِي بَرَأَ الخَلْقَ فَأَوْجَدَهُم بِقُدْرَتِهِ" [3]. وقَالَ الزَّجَّاجُ: "(البَارِئُ) يُقَالُ بَرَأَ اللهُ الخَلْقَ فَهُوَ يَبْرَؤُهم بَرْءًا: إِذا فَطَرَهُم. والبَرْءُ: خَلقٌ عَلَى صِفَةٍ، فَكُلُّ مَبْروُءٍ مَخْلُوقٌ، ولَيْسَ كُلُّ مَخْلُوقٍ مبْرءًا وذَلِكَ لأَنَّ البَرْءَ مِنْ تَبْرِئَةِ الشَّيءِ مِنَ الشَّيءِ مِنْ قَولِهمْ: بَرَأْتُ مِنَ المَرَضِ، وبَرِئْتُ مِنَ الدَّيْنِ أَبَرَأُ مِنْهُ، فَبَعْضُ الخَلْقِ إذا فُصِلَ مِنْ بَعْضٍ سُمِّيَ فَاعِلُه بَارِئًا" [4]. وقَالَ الشَّوْكَانِيُّ: "البَارِئُ الخَالِقُ، وقِيلَ إنَّ (البَارِئَ) هو: المُبْدِعُ المُحْدِثُ" [5].