19/07/2021 عبدالعزيز بوبر إنه يوم التاسع من شهر ذي الحجة ، "خير يوم طلعت فيه الشمس". ففيه يجتمع المؤمنون على صعيد "عرفات" من كل حدب وصوب في مكان واحد وزمان واحد وبلباس واحد، لا فرق بينهم. إذ تشرئب أعناقهم وتتوحد قلوبهم في مشهد عظيم، مُلبين لله تعالى النداء الأشهر "لبيك اللهم لبيك"، ورافعين أكفهم بالضراعة، طالبين المغفرة والرحمة وغفران ذنوبهم، حيث يتوافدون على ذلك الصعيد مُرتدين زي البياض في وقت تكتسي فيه الكعبة المشرفة بحُلتها الجديدة. ومنذ شروق شمس ذلك اليوم، يتدفق الحجيج إلى صعيد "عرفات" لأداء ركن الحج الأعظم، وهو الوقوف بـ"عرفة"، بعد أن يقضوا في مشعر "منى" يوم التروية ، ومع غروب شمسه يتوجهون إلى "مزدلفة" للمبيت فيها، ليعودوا إلى مشعر "مِنى" لرمي جمرة العقبة، ويطوفوا حول الكعبة المشرفة ويسعوا بين الصفا والمروة. وعلى بعد آلاف الأميال، تهفو قلوب المؤمنين في كل مكان بتلك الشعيرة، وتتجه الأنظار نحو بيت الله الحرام، يراقبون مسيرة الحجاج ويتعبدون لله خلال هذا اليوم، سائلين إياه أن يتيح لهم أمل زيارة بيته الحرام، وإقامة شعيرة الحج، في مشهد يجسد مدى تلاحم المؤمنين وارتباطهم كحشد وتكتل واحد.
يوم عرفة خير يوم طلعت عليه الشمس ؛هكذا قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم. ولهذه الأيام العشر وعرفة بالتحديد مكانة عظيمة لدى المسلمين. وفي هذه الأيام العشر تقوم مكة باستقبال حجاج بيت الله الحرام متجمعون من مختلف الأعراق والأجناس …جاءوا لتلبية نداء ربهم ،مؤدون أعظم شعائر الإسلام ألا وهي الحج. ولما كان ليوم عرفة أهمية كبرى فقد خصصنا هذه المساحة للحديث عنه. يوم عرفة ماهو عرفة وماسبب التسمية؟! يوم عرفة هو يوم التاسع من شهر ذي الحجة، ويعد من أفضل الأيام عند المسلمين إذ أنه أحد أيام العشر من ذي الحجة. فيه يقف الحُجّاج على جبل عرفة حيث أن الوقوف بعرفة يعد أهم أركان الحج ومن لم يقف فيه فقد فسد حجه لقوله صلى الله عليه وسلم:" الحج عرفة". ويتم الوقوف فيه بعد خروج الحاج من منى ،ويستمر الوقوف فيه من فجر يوم التاسع من ذي الحجة حتى غروب الشمس. ، ومن لم يستطع فمن غروب الشمس حتى طلوع فجر اليوم العاشر من ذي الحجة. موقعه: ويقع جبل عرفة شرق مكة على الطريق الرابط بينها وبين الطائف بحوالي 22 كم. ، وقد تعددت الروايات حول سبب تسمية عرفة بهذا الاسم، لكن الروايتين الأكثر تأكيداً هما؛ أن أبو البشر آدم التقى مع حواء وتعارفا بعد خروجهما من الجنة في هذا المكان ولهذا سمي بعرفة.
هو يوم من أيام الله التي إختارها الله لعباده المؤمنين بل هو خير يوم طلعت عليه شمس الدنيا إنه اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، يوم عرفة، يوم الحج الأكبر، يوم الدعاء، يوم إكتمال الدين، اليوم المشهود، يوم الصغار للشيطان، يوم يتباهى الله فيه بعباده. ليست هذه الألقاب التي ذكرتها من عندي بل هذه الأوصاف التي أثبتها النبي لهذا اليوم الذي إختص بشعيرة وعبادة سنوية هي الحج. ◄ من معاني عرفة: هو أعظم مجامع الدنيا، فهناك تُسكب العبرات، وتُقال العثرات، وتُرتجى الطلبات، وتُكفّر السيئات، توضع فيه الأثقال، وترفع الأعمال. كم وقفت بساحة عرفات جموع، وسالت على صعيده دموع، وتعارف عليه الناس، وذابت على ثراه الأجناس، وقُبِلَ ضعيفٌ، ورُد شديد المراس.. كم تعانقت فوقه قلوب، وفرجت شدائد وكروب، ومحيت أوزار وذنوب. كم إمتزجت فيه دموع المذنبين، وإختلطت رغبات الراغبين، وتداخلت أصوات المستغفرين.. كم خلصت عليه النيات، وسالت على حصبائه العبرات، وذل أهل الأرض لخالق الأرض والسموات. وفي ذلك المكان تجد الأبيض والأسود والأحمر، الشامي والمغربي، العربي والأعجمي، وحينئذ نتذكر أبا بكر العربي، وبلالا الحبشي، وسلمان الفارسي، وصهيبا الرومي، فهي وحدة تتجسد، ومعان تتأصل، وقيم تتمنهج عبر مراحل التاريخ المختلفة، وهذه هي إحدى روائع هذا الدين الذي ما فرق يوما بين لون وآخر، أو بين جنس وآخر، وإنما هو الميزان الحق: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات:13].
في جانب آخر، فإن الرسائل التي يحملها مشهد الحجيج من وحدة واتحاد بين جميع أطياف الأمة الإسلامية، تقدم درساً للقاصي والداني بضرورة التسامح والتآزر الإنساني، بعيداً عن الاستغلال الديني، تأسياً بوصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم بذلك، حين ألقى خطبته في حجة الوداع، وقال: "إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم كحُرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا". إن يوم "عرفة" يذكرنا في كل عام بضرورة تجاوز الخلافات البينية والضغائن الشخصية، لننتقل إلى الإحسان في تعاملنا كأفراد ومجموعات، نتعاون جلباً للمنافع، ونتكاتف دفعاً للمظالم، بعيداً عن الانحيازات الدينية والطائفية، وذلك من أجل تحقيق الخير والأمان للبشرية جمعاء. مقالات ذات صلة الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة
إنه الإعلان عن الوطنية الإسلامية الجامعة التي يريدها الإسلام، ويدعو إليها، وطنية العقيدة التي تشهد بأن كل بلد فيه مسلم يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، وطن عندنا له حرمته وقداسته. والوقوف بعرفة يذكّر الإنسان بهذه الحقيقة التي كثيرا ما يغفل عنها، ألا وهى يوم الحشر: فقد عقب الله على مناسك الحج بقوله: {واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون} [البقرة:203]، وكأن الإنسان في هذا الموقف المهيب، وهذا الزحام الشديد أشبه حالا بموقف الحشر. وإن الناظر الذي يشاهد هذا المنظر -منظر عرفة- ليتذكر قوله تعالى: {ونُفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون} [يس:51]، فالكل يترك بلده ووطنه وأهله ملبيا مجيبا للنداء العلوي الجميل، ويذهب إلى هناك، تاركا حياة هي أشبه بحياة الموتى بين القبور، مقبلا على حياة أخرى، حيث البعث والروح الجديد!! إنها مسارعة ومسابقة إلى الله.. إنه السير نحو ملكوت الله، إنه نداء الفطرة يلبى، وإنها لحياة أخرى تُحيا، فقد إمتلأت الجنبات من كل مكان، وتوافد الناس من كل طريق، والكل إلى هناك.. إلى ربهم ينْسِلون. ◄ فضائل يوم عرفة: 1= يوم إكمال الدين وإتمام النعمة: ففي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال أي آية؟ قال: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة: 3] قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.