تفسير القرطبي قوله تعالى: { إن يشأ يذهبكم} فيه حذف؛ المعنى إن يشأ أن يذهبكم يذهبكم؛ أي يفنيكم. { ويأت بخلق جديد} أي أطوع منكم وأزكى. { وما ذلك على الله بعزيز} أي ممتنع عسير متعذر. وقد مضى. الشيخ الشعراوي - فيديو سورة فاطر الايات 12 - 19 تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي النداء في { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ} [فاطر: 15] نداء عام للناس جميعاً، المؤمن والكافر، والطائع والعاصي { أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ} [فاطر: 15] هذه حقيقة يُذِل الله بها كبرياء الذين تأبَّوْا على الإيمان بالله، وتمردوا على منهج الله، وكأن الله تعالى يقول لهم: ما دُمتم قد أَلِفْتم التمرد فتمردوا أيضاً على الفقر إنْ أفقرتُكم، وعلى المرض إنْ نزل بكم، تمردوا على الموت إن حان أجلكم، إذن: أنتم مقهورون لربوبية الله، لا تنفكون عنها. { وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ} [فاطر: 15] أي: الغِنَى المطلق، ومعنى { ٱلْحَمِيدُ} أي: المحمود كثيراً، والغنى لا يُحمد إلا أن أعطى، وكان عطاؤه سابغاً، فالغنى الممسِك لا يُحمد بل يُذَم. ثم يُذكِّرهم الحق سبحانه بحقيقة أخرى غابت عنهم { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [فاطر: 16] كما قال في موضع آخر: { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم} [محمد: 38] ومعنى: خلق جديد: الشيء الجديد هو قريب العهد بالعمل فيه، مثل الثوب الجديد يعني الذي فُرِغ من خياطته ولم يُلْبَس بعد.
[فاطر: 17] وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ الجلالين الطبري ابن كثير القرطبي البيضاوي البغوي فتح القدير السيوطي En1 En2 17 - (وما ذلك على الله بعزيز) شديد وقوله " وما ذلك على الله بعزيز " يقول: وما إذهابكم والإتيان بخلق سواكم على الله بشديد، بل ذلك عليه يسير سهل، يقول: فاتقوا الله أيها الناس، وأطيعوه قبل أن يفعل بكم ذلك. " وما ذلك على الله بعزيز " أي ممتنع عسير متعذر. وقد مضى هذا في (( إبراهيم)). يخبر تعالى بغناه عما سواه, وبافتقار المخلوقات كلها وتذللها بين يديه, فقال تعالى: " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله " أي هم محتاجون إليه في جميع الحركات والسكنات, وهو تعالى الغني عنهم بالذات, ولهذا قال عز وجل: "والله هو الغني الحميد" أي هو المنفرد بالغنى وحده لا شريك له, وهو الحميد في جميع ما يفعله ويقوله ويقدره ويشرعه. وقوله تعالى: "إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد" أي لو شاء لأذهبكم أيها الناس وأتى بقوم غيركم, وما هذا عليه بصعب ولا ممتنع, ولهذا قال تعالى: "وما ذلك على الله بعزيز". وقوله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" أي يوم القيامة "وإن تدع مثقلة إلى حملها" أي وإن تدع نفس مثقلة بأوزارها إلى أن تساعد على حمل ما عليها من الأوزار أو بعضه "لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى" أي وإن كان قريباً إليها حتى ولو كان أباها أو ابنها, كل مشغول بنفسه وحاله.
يقول الله تعالى: "وإن تدع مثقلة إلى حملها" الاية, ويقول تبارك وتعالى: "لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً" ويقول تعالى: " يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " رواه ابن أبي حاتم رحمه الله عن أبي عبد الله الطهراني عن حفص بن عمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة به. ثم قال تبارك وتعالى: "إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة" أي إنما يتعظ بما جئت به أولو البصائر والنهى, الخائفون من ربهم, الفاعلون ما أمرهم به "ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه" أي ومن عمل صالحاً فإنما يعود نفعه على نفسه "وإلى الله المصير" أي وإليه المرجع والمآب, وهو سريع الحساب, وسيجزي كل عامل بعمله إن خيراً فخير, وإن شراً فشر. 17- "وما ذلك" إلا ذهاب لكم والإتيان بآخرين "على الله بعزيز" أي بممتنع ولا متعسر، وقد مضى تفسير هذا في سورة إبراهيم. 17- "وما ذلك على الله بعزيز"، شديد. 17 -" وما ذلك على الله بعزيز " بمتعذر أو متعسر. 17. That is not a hard thing for Allah. 17 - Nor is that (at all) difficult for God.
وما ذلك على الله بعزيز ، أن ليس ذلك الإنشاء الثاني بعزيز، أي متعذر أو متعسر عليه سبحانه، فهو سبحانه وتعالى قادر بذاته، لا يختص بابتداء ولا إنشاء من جديد، فالقدرة ثابتة، ومتى يثبت لا يعز شيء عليه ولا يصعب. وفي هذا الكلام بيان أن الله سبحانه وتعالى قادر على الإعادة، لأنه قادر على الإنشاء من جديد، كما قال سبحانه: إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وكما قال تعالى: أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير وكما قال تعالى: أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم وإن الآية تفيد بإشارتها ترهيب المشركين بأنهم لا يعجزون الله، فإنه يستطيع إهلاكهم، وخلق غيرهم. وإنهم في قبضة الله في الدنيا، وجزاؤهم عنده في الآخرة، وهو يتولى الجزاء بالإحسان لمن أحسن وبالعذاب لمن عصى.
فجاء هنا بضمير الغائب (هو) لأن الهداية والإطعام والسُّقْيا والشفاء من المرض كلها مظنة أنْ يشاركه فيها أحد من الخَلْق، أما في الحديث عن الموت فقال: { وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} [الشعراء: 81] ولم يأتِ هنا بضمير الغائب؛ لأن الموت والإحياء لله وحده، ولا شبهةَ فيهما، ولم يدَّعهِما أحد لنفسه. ثم يقول الحق سبحانه: { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ إِنَّمَا تُنذِرُ... }.
كان هناك رجل سكير دعا قوما من أصحابه ذات يوم فجلسوا ثم نادى على خادمه ودفع اليه أربعة دراهم وأمره أن يشترى بها شيئا من الفاكهة للمجلس وفى أثناء سير الخادم مر بالزاهد منصور بن عمار وهو يقول: من يدفع أربعة دراهم لفقير غريب دعوت له أربعة دعوات فأعطاه الغلام الدراهم الأربعة. فقال له منصور بن عمار: ما تريد أن أدعو لك ؟ فقال الغلام: الاولى ….. لى سيد قاس أريد أن أتخلص منه الثانيه…….. أن يخلف الله على الدراهم الأربعه الثالثه…….. أن يتوب الله على سيدى الرابعة……. أن يغفر الله لى ولسيدى ولك وللقوم فدعا له منصور بن عمار وانصرف الغلام ورجع الى سيده الذى نهره وقال له: لماذا تأخرت وأين الفاكهة ؟ فقص عليه مقابلته لمنصور الزاهد وكيف أعطاه الدراهم الأربعة مقابل الاربع دعوات. فسكن غضب سيده وقال: وما كانت دعوتك الاولى ؟ قال: سألت لنفسى العتق من العبوديه فقال السيد: قد أعتقتك فأنت حر لوجه الله تعالى الثانيه قال: أن يخلف الله على الدراهم الأربعه قال السيد لك أربعة آلاف درهم الثالثه قال: أن يتوب الله عليك فطأطأ السيد رأسه وبكى وأزاح بيديه كؤوس الخمر وكسرها وقال: تبت الى الله ولن أعود أبدا الرابعه قال: ان يغفر الله لى ولك وللقوم قال السيد هذا ليس إلى وانما هو للغفور الرحيم فلما نام السيد تلك الليله سمع هاتفا يهتف به أنت فعلت ما كان اليك أتظن أنا لا نفعل ما كان إلينا ؟ لقد غفر الله لك ولمنصور بن عمار ولكل الحاضرين
فضل الصبر على المرض: حثنا نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة على الصبر على المرض؛ لما يترتب على ذلك من جزيل الأجر، ورفع درجات العبد في الجنَّة: (1) روى مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ وَلَا سَقَمٍ وَلَا حَزَنٍ، حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ، إِلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ))؛ (مسلم حديث 257). (2) روى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّ اللَّهَ قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ، عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ؛ يُرِيدُ عَيْنَيْهِ))؛ (البخاري حديث 5653). قال الإمام ابن حجر العسقلاني (رحمهُ اللهُ): الْمُرَاد أَنَّهُ يَصْبِر مُسْتَحْضِرًا مَا وَعَدَ اللَّه بِهِ الصَّابِرَ مِنْ الثَّوَاب، لَا أَنْ يَصْبِر مُجَرَّدًا عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَابْتِلَاء اللَّه عَبْده فِي الدُّنْيَا لَيْسَ مِنْ سُخْطه عَلَيْهِ، بَلْ إِمَّا لِدَفْعِ مَكْرُوه، أَوْ لِكَفَّارَةِ ذُنُوب، أَوْ لِرَفْعِ مَنْزِلَة، فَإِذَا تَلْقَى ذَلِكَ بِالرِّضَا، تَمَّ لَهُ الْمُرَاد.
الفرع الثَّاني: تخفيفُ المُكْثِ عِندَه يُخَفِّفُ العائدُ المُكْثَ عند المريضِ، ولا يُطيلُ الجُلوسَ عنده ؛ نصَّ عليه المالِكيَّةُ ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلَة ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك ؛ وذلك لِمَا في الإطالَةِ من إضْجارِه والتَّضييقِ عليه، ومَنْعِه من بعضِ تَصَرُّفاتِه. الفرع الثَّالِثُ: ترغيبُه في التَّوبَةِ يُسْتَحَبُّ ترغيبُ المريضِ في التَّوبَةِ؛ نصَّ عليه الحَنفيَّة والشَّافعيَّة ، والحَنابِلَة ؛ وذلك لأنَّ التَّوبةَ واجبةٌ على كلِّ حالٍ، وهو أحْوَجُ إليها من غيرِه. الفرع الرابع: ترغيبُه في الوصيَّةِ يُستَحَبُّ ترغيبُ المريضِ في الوصِيَّةِ؛ نصَّ عليه الحَنفيَّةُ ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلَة. الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة: عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: « ما حقُّ امرئٍ مُسلمٍ له شيءٌ يُوصِي فيه، يَبيتُ ليلَتَينِ إلَّا ووصِيَّتُه مكتوبةٌ عندَه » [متفق عليه]. الفرع الخامِسُ: حثُّه على تحسينِ الظَّنِّ باللهِ يُستحَبُّ للعائِدِ أن يَحُثَّ المريضَ على تحسينِ ظنِّه بربِّه سبحانه وتعالى؛ نصَّ عليه الحَنفيَّة ، والشَّافعيَّة. اداب الزيارة المريض مدينة الامير سلطان. الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة: عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريِّ رَضِيَ الله عنهما، قال: سمعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، قبلَ موتِه بثلاثَةِ أيَّامٍ، يقولُ: « لا يَموتَنَّ أحدُكم إلَّا وهو يُحْسِنُ الظَّنَّ باللهِ عزَّ وجلَّ » [مسلم].