أيها البار بأمه: إن كانت غاليتك ممن قضت نحبها، ومضت إلى ربها، فأكثر من الدعاء والاستغفار لها, وجدد برِّك بها بكثرة الصدقة عنها, وصلةِ أقاربك من جهتها, وصلاحُك في نفسك من أعظم البر الذي تقدمه لوالديك بعد رحيلهما, جاء رجل إلى النبي -عليه السلام-، فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بها، وإكرام صديقهما. كتابة عن الام تويتر. وفي التنزيل: ( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان: 14]. اللهم صل وسلم على محمد. الخطبة الثانية: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من نبي بعده. أما بعد: قال أبو الليث السمرقندي: لَوْ لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ -تَعَالَى- فِي كِتَابِهِ حُرْمَةَ الْوَالِدَيْنِ وَلَمْ يُوصِ بِهِمَا لَكَانَ يُعْرَفُ بِالْعَقْلِ أَنَّ حُرْمَتَهُمَا وَاجِبَةٌ, وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَعْرِفَ حُرْمَتَهُمَا، وَيَقْضِيَ حَقَّهُمَا, فَكَيْفَ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ ذلك فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقَانِ, وَقَدْ أَمَرَ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ، وَأَوْحَى إلَى جَمِيعِ رُسُلِهِ، وَأَوْصَاهُمْ بِحُرْمَةِ الْوَالِدَيْنِ، وَمَعْرِفَةِ حَقِّهِمَا, وَجَعَلَ رِضَاهُ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ وَسَخَطَهُ فِي سَخَطِهِمَا.
وقال عيسى -عليه السلام-: ( وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً) [مريم: 32]. كتاب الأم للشافعي - المكتبة الشاملة. يا كرام: البرُّ بالأم يتأكد يوم يتأكد إذا تقضى شبابها, وعلا مشيبها, ورق عظمها، وأحدودب ظهرها، وارتعشت أطرافها, وزارتها أسقامها. في هذه الحال من العمر لا تنتظر صاحبة المعروف، والجميل من ولدها، إلا قلباً رحيماً، ولساناً رقيقا, ويداً حانية. فطوبى لمن أحسن إلى أمه في كبرها, طوبى لمن سعى في رضاها، فلم تخرج من الدنيا إلا وهي عنه راضية.
سل ذلك الذي فقد أمه يخبرك كيف تغير عليه طعم الحياة, حين خلّف أمه في المقابر, فلم يجد من بعدها من يسنده ويدعو له ويبث له شكواه, ولن يعرف قدر هذا إلا من عاناه. جريدة الرياض | أنا ويوم الأم وكتابة المقال. ألا فعُد اليوم وأرض أمك وأباك, واستدرك ما بقي، وأصلح ما فات, وعاهد نفسك الآن على البر والإحسان مادام في العمر إمكان. اللهم اغفرْ لآبائِنا وأمهاتِنا، جازِهم بالإحسانِ إحساناً، وبالسيئاتِ عفواً منكَ وغُفراناً. وارزقنا برَّهم أحياءً وأمواتاً، واجعلنا لهم قرةَ أعينِ، وتوفنا وإياهم وأنتَ راضٍ عنا غيرَ غضبانِ.
من النماذج الرائعة في واقعة الطف قصة الحر بن يزيد الرياحي الذي جسّد أروع نموذج للضمير الإنساني الحي والإرادة الحرة الواعية بانتقاله من خندق الظلام إلى ساحة النور وخروجه من حياة العبودية إلى طريق الأحرار. وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ كربلاء مدرسة الأجيال تفيض بالعطاء وتزخر بالدروس والعبر وتتجلى فيها أروع المواقف الإنسانية على مدى التاريخ إذ تجسّدت على أرضها ملحمة الحق وانتصار إرادة الخير على إرادة الشر ملحمة عاشوراء الخالدة. الحر بن يزيد الرياحي –. لم تكن واقعة عاشوراء مجرّد معركة بين فئتين محددة بزمان ومكان معينين بل هي مدرسة متجدِّدة في كل زمان ومكان بما قدمته من نماذج إنسانية عالية. من هذه النماذج الرائعة الحر بن يزيد الرياحي الذي جسّد أروع نموذج للضمير الإنساني الحي والإرادة الحرة الواعية بانتقاله من خندق الظلام إلى ساحة النور وخروجه من حياة العبودية إلى طريق الأحرار، فأصبح رمزاً من الرموز الإنسانية الخالدة ومثالاً يُحتذى به في سلوك الإنسان وتمسُّكه بالقيم العليا والمبادئ المثلى. البيئة والنشأة من الطبيعي أن تكون للبيئة والوراثة أثرها الكبير على سلوك الإنسان، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار تاريخ البيت الذي ولد فيه الحر نجد أنه ليس غريباً أن يتّخذ ذلك القرار الخالد الذي وضعه في مصاف العظماء وحاز على شرف الدنيا ونعيم الآخرة وأصبح مثالاً حيّاً للمروءة والنبل حينما آثر أن يقف مع الحق وأن يضحّي بنفسه في سبيل ذلك على مؤازرة الباطل والركون إليه في حياة قصيرة مصيرها إلى الزوال فاشترى بنفسه الحرية في الدنيا والسعادة في الآخرة.
ذكر الحر بن يزيد (1) الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: وإذا الحر بن يزيد (1) في ألف فارس من أصحاب عبيد الله بن زياد شاكين في السلاح لا يرى منهم إلا حماليق الحدق، فلما نظر إليهم الحسين رضي الله عنه وقف في أصحابه (2)، ووقف الحر بن يزيد في أصحابه، فقال الحسين: أيها القوم! من أنتم؟ قالوا: نحن أصحاب الأمير عبيد الله بن زياد ، فقال الحسين: ومن قائدكم؟ قالوا: الحر بن يزيد الرياحي. قال: فناداه الحسين رضي الله عنه: ويحك يا بن يزيد (3)! ألنا أم علينا؟ فقال الحر: بل عليك أبا عبد الله! فقال الحسين: لا حول ولا قوة إلا بالله. قال: ودنت صلاة الظهر، فقال الحسين رضي الله عنه للحجاج بن مسروق: أذن رحمك الله وأقم الصلاة حتى نصلي! منتدى جامع الائمة الثقافي - الحر بن يزيد الرياحي(رضي الله عنه). قال: فأذن الحجاج، فلما فرغ من أذانه صاح الحسين بالحر بن يزيد فقال له: يا بن يزيد! أتريد (4) أن تصلي بأصحابك وأصلي بأصحابي؟ فقال له الحر: بل أنت تصلي بأصحابك ونصلي بصلاتك. فقال الحسين رضي الله عنه للحجاج بن مسروق: أقم الصلاة! فأقام، وتقدم الحسين فصلى بالعسكرين جميعا. فلما فرغ من صلاته وثب قائما فاتكأ على قائمة سيفه، فحمد الله وأثنى عليه (٧٦) الذهاب إلى صفحة: «« «... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81... » »»
فاحتمله أصحاب الحسين ( عليه السلام) حتى وضعوه بين يديه ، وبه رمق ، فجعل يمسح التراب عن وجهه ويقول: ( أنتَ الحُرُّ كمَا سَمَّتكَ أُمُّك ، حُرٌّ في الدنيا ، وسعيد في الآخرة). فكانت شهادته سنة 61 هـ في واقعة كربلاء. قبره: يقع قبر الحُر على بعد فرسخ من مدينة كربلاء المقدسة ، وشُيِّدت عليه قُبَّة لا تزال محطَّ أنظار المؤمنين ، ولا نعلم سبب دفنه في هذا المكان ، ويدور على الألسن أن قومه أو غيرهم نقلوه من موضع المعركة فدفنوه هناك. وهو من جملة شهداء عاشوراء الأجلاّء. وكان من الشخصيات البارزة في الكوفة، دعاه ابن زياد لمقاتلة الحسين وانتدبه على ألف فارس. يُروي أنّه لمّا خرج من قصر الإمارة لهذه المهمّة نودي من خلفه: أبشر يا حرُّ بخير(قاموس الرجال 3: 103، أمالي الصدوق: 131). لقي الإمام الحسين في منزل "قصر بني مقاتل" أو منزل "الشراف". واعترض مسيره إلى الكوفة، وظل يسايره إلى كربلاء. الحر بن يزيد الرياحي – الشیعة. ولمّا رأى الحرّ أنّ القوم عازمون على حرب الحسين، تذرّع بأنّه يريد سقي فرسه في صباح يوم العاشر، وفارق جيش ابن سعد والتحق بركب الحسين، ووقف بين يدي الحسين معلناً توبته، ثم استأذنه للبراز. إنّ هذا الاختيار المثير، واختيار الجنّة على النار، قد جعل من شخصية الحرّ شخصية محبوبة وبطولية.
—————————– ۱- اُنظر: أعيان الشيعة ۴ /۶۱۱. ۲- إبصار العين في أنصار الحسين: ۲۰۳. ۳- مستدركات علم رجال الحديث ۲ /۳۲۴ رقم۳۲۴۱. ۴- تنقيح المقال ۱۸ /۱۷۶ رقم۴۷۷۵. ۵- مقتل الحسين لأبي مخنف: ۸۴. ۶- تاريخ الطبري ۴ /۳۲۵. ۷- مقتل الحسين لأبي مخنف: ۱۲۲. ۸- مثير الأحزان: ۴۴. ۹- الكامل في التاريخ ۴ /۶۴. ۱۰- مناقب آل أبي طالب ۳ /۲۵۰. ۱۱- الأمالي للصدوق: ۲۲۳. ۱۲- دسمال؛ كلمة فارسية، بمعنى قطعة من القماش، أو منديل. ۱۳- تنقيح المقال ۱۸ /۱۶۸ رقم۴۷۷۵. نقلاً عن الأنوار النعمانية ۳ /۲۶۵. بقلم: محمد أمين نجف
فصلى بهم الحسين (عليه السلام) وبعد أن فرغ (عليه السلام) من صلاته قال: أيها الناس إنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله ونحن أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله) أولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم والسائرين بالجور والعدوان، وإن أبيتم إلا الكراهية لنا والجهل بحقنا وكان رأيكم الآن على غير ما أتتني به كتبكم أنصرف عنكم. فقال الحر: ما أدري ما هذه الكتب التي ذكرتها، فأمر الحسين عقبة بن سمعان فأخرج خرجين مملوأين كتباً... فقال الحر: إني لست من هؤلاء وإني أمِرت أن لا أفارقك إذا لقيتك حتى أقدمك الكوفة على ابن زياد. فقال الحسين الموت أدنى إليك من ذلك.. وأمر (عليه السلام) أصحابه بالركوب وركبت النساء فحال بينهم الحر وبين الانصراف.. فقال الحسين: ثكلتك أمك ما تريد منا ؟ فقال الحر: أما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل هذه الحال ما تركت ذكر أمه بالثكل كائناً من كان، والله مالي إلى ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما نقدر عليه، ولكن خذ طريقا نصفاً بيننا لا يدخلك الكوفة ولا يردّك إلى المدينة حتى أكتب إلى ابن زياد فلعل الله يرزقني العافية ولا يبتليني بشيء من أمرك. ثم قال للحسين (عليه السلام): إني أذكّرك الله في نفسك فإني أشهد لئن قاتلت لتُقتلنّ.