فعليك بالبُعد عن أسباب الشرِّ، والحذر من أسباب الشرِّ، وحفظ الوقت في طاعة الله، مع سؤال الله التوفيق والهداية، لا تغفل، فالعبد مسكينٌ، إن خُلي بينه وبين شيطانه ونفسه الأمَّارة بالسوء هلك، فلا بدّ من سؤال الله، تضرَّع إلى الله، واستعن بالله أن يُعينك على طاعته وذكره، وأن يُعينك من شرِّ نفسك وهواك وشيطانك، وأن يحفظ عليك وقتك. فاستعن بالله، واصدق، وأبشر بالخير، فمتى صدقتَ مع الله واتَّقيته أعانك جلَّ وعلا، كما قال سبحانه: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا [آل عمران:120]، والشيطان من الأعداء، فمَن صبر على طاعة الله، وترك محارم الله، واتَّقى الله؛ لم يضرّه عدوه، كفاه الله شرَّ عدوه. استعن بالله ولا تعجز موسوعة الحديث. رزق الله الجميع التوفيق والهداية، وحفظ علينا وعليكم ديننا، وتوفَّانا جميعًا مسلمين، وعمَّر هذه الجامعة بالخير، ووفَّق القائمين عليها بكل خيرٍ. وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه. فتاوى ذات صلة
لذلك ينبغي للإنسان أن يستشعر هذا المعنى وهو عظيم فقره لعون الله وإعانته في إدراك المطالب ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ ، استعن بالله في كل أمورك، ولا تقل هذا ما يحتاج استعانة هذا حاصل ويسير بل استعن في اليسير قبل العظيم؛ لأنك إذا عودت نفسك الاستعانة بالله في الأمور اليسيرة السهلة، وأيقنت أنه لا يمكن أن تدركها لولا تيسير الله لها، وتيسير الله ـ تعالى ـ لك في تحصيلها، ولولا إعانة الله ـ تعالى ـ لك في إدراكها ما أدركتها، فإنك إذا كنت هذا في الأمور الصغيرة التي تراها يسيرة فإنك ستكون في الصعاب والمشاق وكبير الأمور على كمال الاستعانة. ثم قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تعليله النهي عن "لو"، قال: « فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَان » وهو الوساوس، وعدم الرضا بقضاء الله ـ تعالى ـ وقدره، و "لو" لها أحوال في الاستعمال يأتي إن شاء الله ـ تعالى ـ بيانها في مجلس قادم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والله أعلم.
قال المهلب: (أما استعاذته صلى الله عليه وسلم من الجبن، فإنَّه يؤدي إلى عذاب الآخرة؛ لأنَّه يفر من قرنه في الزحف فيدخل تحت وعيد الله لقوله: وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ [الأنفال: 16] الآية، وربما يفتن في دينه، فيرتد لجبن أدركه) [1772] ((شرح البخاري)) لابن بطال (5/35). - وعن عبادة بن الوليد بن عبادة عن أبيه عن جده قال: ((بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم)) [1773] رواه البخاري (7199)، ومسلم (1709). انظر أيضا: أولًا: الترغيب في الشَّجَاعَة في القرآن الكريم.
ذكر في ترجمة الكسائي أنه بدأ في طلب علم النحو ثم صعب عليه، فوجد نملة تحمل طعاما تريد أن تصعد به حائطا، كلما صعدت قليلا سقطت ، وهكذا حتى صعدت; فأخذ درسا من ذلك، فكابد حتى صار إماما في النحو. فمتى حرص العبد على الأمور النافعة واجتهد فيها وسلك أسبابَها وطرقَها، واستعان بربه في حصولها وتكميلها؛ كان ذلك كمالَه وعنوان توفيقه. فالكسل أصل الخيبة والفشل ، فالكسلان لا يدرك خيرًا، ولا ينال مكرمة، ولا يحظى بِدِين ولا دنيا. ومن كان حريصًا ، ولكنه في غير الأمور النافعة -إما على أمور ضارة، أو أمور مفوِّتة للمنافع والكمال-؛ كانت ثمرة حرصه الخيبة وفوات الخيرات، وحصول الشرور و المضرَّات. أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم ا لخطبة الثانية ( اسْتَعِنْ بِاَللَّهِ, وَلَا تَعْجَزْ) وإن أصابك شيء هو خلاف ما تطلبه وتؤمله من فوت منفعة أو حصول مضرة فكلاهما مصيبة « وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. واستعن بالله. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ».
ثم إذا لم يقدر الله له ما أحب أن يُحَصّله، فليقل قدر الله وما شاء فعل.
ألا وصلُّوا وسلِّموا على خاتم النبيين، وإمام المتقين، ورحمة الله للعالمين، فقد قال -سبحانه- في الكتاب المبين: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]. استعن بالله ولا تعجز. اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة؛ أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الآلِ والصحابةِ والتابعينَ، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعنا معهم بعفوك، وكرمك، وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واحمِ حوزةَ الدين، ودمِّر أعداءَ الدينِ، وسائرَ الطُّغاةِ والمُفسدينَ، وألِّف بين قلوب المسلمين، ووحِّد صفوفَهم، وأصلِح قادتَهم، واجْمَعْ كلمتَهم على الحق يا رب العالمين. اللهم انصر دينكَ وكتابكَ وسنةَ نبيِّك محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- وعبادكَ المؤمنين المُجاهِدين الصادقين.
وهكذا سنة الله تعالى في خلقه حيث لا يوفر فرص الخدمة للدين لمن أراد أن يتقدم، كما أنه من سنته كذلك أن لا يلزم أحدا ما يكرهه وما لا يشتاق إليه، حيث قال:"أنلزمكموها وأنتم لها كارهون"، وهو القائل في كتابه المحكم:" ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا". فعلينا معشر العلماء والطلاب أن نتقدم كلما تسنت لنا فرصة لخدمة الدين أو الدعوة إليها ولا نعجز مهما صغرت أو عظمت في بادي النظر، ولا نتأخر بإلقاء المعاذير المختلفة الأنواع بشأن خدمة الدين، بل نستمد بالله العون واليسر والقبول ونتقدم، ولنعلم موقنين أن الله غني عنا وعن خدمتنا للدين، إن لم نقم بها عن رغبة وطلب فبإمكانه أن يستبدلنا بمن يقوم بها بكل رحابة صدر و ببالغ الشوق والرغبة، نسأل الله تعالى أن يستخدمنا لدينه المتين بالصدق والعافية والإخلاص في مشارق الأرض ومغاربها حتى يأتينا عليه اليقين.
فإذا مات المؤمن انقطع عنه التكليف والابتلاء وانتقل إلى دار الجزاء، فيخلقه الله على هيئة تناسب دار النعيم ، فيعطيه قدرة على إدراك ما كان عاجزا عنه في الدنيا. وعلى سبيل المثال: الإنسان عاجز في هذه الدار ، عن أن يطيق النظر إلى نور وجه الله الكريم؛ لكن هذا العجز يزيله الله عن المؤمنين في الجنة ، فيخلقهم على هيئة لها طاقة برؤية الله تعالى ، وتتنعم بذلك ، بل هو أعظم وأجل نعيم للمؤمنين في الجنة ؛ كما أخبر بذلك الوحي؛ قال الله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ القيامة/22 - 23. وعَنْ صُهَيْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ رواه مسلم (181). ماذا بعد الخلود في الجنة toyota spare parts. وبعد أن كان المؤمن في الدنيا يتمتع بها على وجه فيه نقص لضعفه وعجزه، يُخلَق في الآخرة على هيئة تحقق له كمال التمتع بنعم الله تعالى عليه في الجنة، وإلى هذا أشارت نصوص الوحي؛ ومن ذلك: فعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ، وَلَا يَتْفُلُونَ وَلَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ.
ثم يكون في الجنة فضل ، فينشئ الله خلقا آخر فيسكنهم فضل الجنة ، كما روى البخاري (7384) ، ومسلم (2848) عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( لاَ يَزَالُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ العَالَمِينَ قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ، ثُمَّ تَقُولُ: قَدْ، قَدْ، بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ ، وَلاَ تَزَالُ الجَنَّةُ تَفْضُلُ، حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا، فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الجَنَّةِ). وليس بعد ذلك خلق يُخلق ، أو عالم يوجد ، للابتلاء ، أو الحشر والحساب. والعاقل يعدّ لهذا اليوم عدته ، ويعمل عمل أهل الجنة ، عسى أن يكون من أهلها بفضل الله ورحمته. أما انشغال السائل هذا الانشغال الذي أورثه الحيرة ، فمما لا وجه له ، ولو أن هناك خلقا آخر يخلقهم الله يرثون أهل الأرض بعد يوم القيامة ، لأخبرنا الله بخبرهم ورسوله. فلا نقفو ما ليس لنا به علم ، ونقف عند نصوص الشرع وما دلت عليه. لماذا ( الخلود ) في الجنّة أو النار؟ | شؤون دينية | وكالة أنباء سرايا الإخبارية - حرية سقفها السماء. والأولى بالأخ السائل أن ينشغل بما خُلق لأجله ، من طاعة الله وعبادته ، ويسأل عن سبيل نجاته في ذلك اليوم العصيب. والله تعالى أعلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " والغلط في "القياس" يقع من تشبيه الشيء بخلافه، وأخذ القضية الكلية باعتبار القدر المشترك من غير تمييز بين نوعيها، فهذا هو "القياس الفاسد" كقياس الذين قالوا إنما البيع مثل الربا، وقياس إبليس – أي فيما حكاه الله عنه ( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)-،. ونحو ذلك من الأقيسة الفاسدة التي قال فيها بعض السلف: أول من قاس إبليس، وما عبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس. يعني: قياس من يعارض النص ومن قاس قياسا فاسدا، وكل قياس عارض النص فإنه لا يكون إلا فاسدا، وأما القياس الصحيح فهو من الميزان الذي أنزله الله، ولا يكون مخالفا للنص قط، بل موافقا له. ماذا بعد الخلود في الجنة بدون. " انتهى من "مجموع الفتاوى" (6 / 299 – 300). وأما شرعا؛ فإن الوحي وصف حياة أهل الجنة بأنها سعادة دائمة، لا يلابسها أي حزن. قال الله تعالى: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ، وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ، الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ فاطر/33 - 35. "
السؤال: يقول في سؤاله الثاني: هل يوجد كتاب لابن تيمية -رحمه الله- يقول فيه: بأن الجنة والنار لا خلود فيهن؟ الجواب: ابن تيمية وغيره من السلف كلهم يقولون: إنّ أهل الكفر مخلدون في النار، وأهل الإيمان مخلدون في الجنة، هذا بإجماع أهل السنة والجماعة: أن أهل الجنة مخلدون أبد الآباد، لا موت فيها ولا فناء، بل هي دائمة، وأهلها دائمون.
( وَ) لما تم نعيمهم، وكملت لذتهم ( قَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) وهذا يشمل كل حزن، فلا حزن يعرض لهم بسبب نقص في جمالهم، ولا في طعامهم وشرابهم، ولا في لذاتهم ولا في أجسادهم، ولا في دوام لبثهم، فهم في نعيم ما يرون عليه مزيدا، وهو في تزايد أبد الآباد.... ( لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ) أي: لا تعب في الأبدان ولا في القلب والقوى، ولا في كثرة التمتع. ما الحكمة من الخلود في الجنة؟.. ومن يخلد في النار إلى أبد الآبدين؟. وهذا يدل على أن الله تعالى يجعل أبدانهم في نشأة كاملة، ويهيئ لهم من أسباب الراحة على الدوام، ما يكونون بهذه الصفة، بحيث لا يمسهم نصب ولا لغوب، ولا هم ولا حزن " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 690). ولهذه السعادة الكاملة: فإن أهل الجنة لا يرغبون تركها أبدا ولا يملّون منها؛ كما أخبر بذلك الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ، خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا الكهف/107-108. قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: " فإن قيل: قد علم أن الجنة كثيرة الخير، فما وجه مدحها بأنهم لا يبغون عنها حولا؟ فالجواب: أن الإنسان قد يجد في الدار الأنيقة معنى لا يوافقه، فيحبّ أن ينتقل إلى دار أخرى، وقد يملّ، والجنة على خلاف ذلك " انتهى من "زاد المسير" (3 / 114).