النوم المُبكّر؛ ليستيقظ المسلم نشيطاً يقوم الليل، واتِّباع سُنَن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك، كقراءة المُعوَّذات، وأذكار النوم، والنوم على الجَنب الأيمن، وقراءة آية الكرسي، والآيتَين الأخيرتَين من سورة البقرة. التقليل من الأكل، والشُّرب، وفضول الأعمال التي قد تُتعب الجسم، واجتناب المعاصي، والحرص على قيلولة النهار، والصلاة تطوُّعاً في الليل تكون مَثنى مَثنى. وقت قيام الليل يمتدّ هذا الوقت المبارك حتى طلوع الفجر، وفي ذلك دليل على رحمة الله -تعالى- ولُطفه بعباده؛ ليتَّسِع لهم وقت مُناجاته، وليسألوه من خيرَي الدُّنيا والآخرة، وفي ذلك حَثٌّ للعباد على استغلال هذا الوقت في الدُّعاء، والاستغفار؛ ابتغاء استجابة الله -تعالى-. [٢٠] المراجع ↑ أ. د. محمد بن إبراهيم بن سليمان الرومي (2013)، قيام الليل (الطبعة الأولى)، الرياض: دار كنوز إشبيليا، صفحة 29-60. بتصرّف. ↑ سورة السجدة، آية: 16-17. ↑ سورة الذاريات، آية: 15-17. ↑ سورة الزمر، آية: 9. فضل صلاة الوتر وقيام الليل المفضل. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن سلام، الصفحة أو الرقم: 2485، صحيح. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1163، صحيح.
والآيات الدالة على فضل قيام الليل كثيرة، والنبي عليه الصلاة والسلام كان كثيرًا ما يتهجد بالليل، ويقول: أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نِيام؛ تدخلوا الجنة بسلامٍ [1] ، وكان النبي ﷺ في الأغلب يصلي إحدى عشرة ركعة، يُسلِّم من كل اثنتين، ويُوتر بواحدةٍ، وربما أوتر بتسعٍ أو بسبعٍ أو خمسٍ، ولكن الأغلب أنه يصلي إحدى عشرة، وربما صلى ثلاث عشرة، يُطيل في قراءته وركوعه وسجوده عليه الصلاة والسلام. فضل صلاة الوتر وقيام الليل أو قراءة سورة. أما كون المرء لا تأكل الأرضُ جسدَه إذا كان يُصلي الليل: فهذا لا أعلم له أصلًا، وليس هناك دليل شرعي يدل على ذلك إلا أجساد الأنبياء، فإن الله حرَّم على الأرض أن تأكلها، كما صحَّ بذلك الخبر عن رسول الله ﷺ. أما الروح: فإن المؤمن روحه تصعد إلى الجنة، فتأكل من ثمارها في صورة طائر، كما صح به الخبر عن رسول الله ﷺ فإنه قال: روح المؤمن طائر مُعلَّق في شجر الجنة [2] رواه الإمام أحمد وغيره بإسنادٍ صحيحٍ. وأما أرواح الشهداء: فقد أخبر ﷺ أنها تكون في أجواف طيرٍ خُضرٍ تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تعود إلى قناديل معلَّقة تحت العرش، ويُعيد الله الأرواح إلى أجسادها إذا شاء، كما يُعيدها عند السؤال في القبر، فيسمع السؤال ويُجيب إن كان صالحًا، ويتردد إن كان كافرًا، وهكذا تُعاد الأرواح إلى أجسادها عند البعث والنشور.
[٤] بيَّنَ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ قيام الليل من أسباب دخول الجنّة ، وهو وَعدٌ من الله لعباده؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ وأطعِموا الطَّعامَ وصلُّوا والنَّاسُ نيامٌ تدخلوا الجنَّةَ بسلامٍ) ، [٥] ولا تكون ثمرة قيام الليل في الآخرة فقط؛ فالذي يقوم الليل يشعر بحلاوة، ولَذّة، وراحة، وسكينة في الدُّنيا أيضاً. فضل صلاة الوتر وقيام الليل والنهار. بيَّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ أفضل الصلاة بعد صلاة الفَرض هي صلاة قيام الليل؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (وأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ). [٦] وضَّحَ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ قيام الليل شَرَف المؤمن وعِزّه؛ فهو إثبات حُبّه لله -تعالى-، وإخلاصه له، وإيمانه به، فيُجازيه الله؛ فيرفع مكانته ومنزلته، وهو من الفضائل التي يستحقّ أن يُغبَط عليها المسلم؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عن جبريل -عليه السلام-: (شرفَ المؤمنِ قيامُهُ بالليلِ). [٧] بيَّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ قيام الليل سببٌ لتحقيق رحمة الله -تعالى- بالعبد، وبالأمّة؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (رحمَ اللهُ رجلاٌ قامَ من الليلِ فصلَّى وأيْقظَ امرأتَه فصلتْ فإن أبَتْ نضحَ في وجهِها الماءَ, رحم اللهُ امرأةً قامتْ من الليلِ فصلَّت وأيقظتْ زوجَها فصلَّى ، فإن أبَى نضحتْ في وجهِه الماءَ).
ووقت الوتر وقيام الليل من بعد صلاة العشاء... كلُّها وقت، في أوَّل الليل، وسط الليل، تقول عائشة: "من كلِّ الليلِ أوتر النبيُّ –عليه الصلاة والسلام-" من كلِّ الليل، تارةً يوتر أولَ الليل وتارةً وسط الليل وتارةً آخر الليل، وانتهى وتره، تقول: وانتهى وتره إلى السحر، خلاص قبيل الفجر، هذا آخر الوقت. لاينز – الصفحة 1647 – موقع لاينز. قال عليه الصلاة والسلام: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» ، يعني ثنتين ثنتين ما تُقرَنُ أربعا، لا، إلَّا الوتر يمكن وصله ثلاث متصلة بسلامٍ، أو خمس بسلامٍ، أو سبع بسلامٍ، كلُّ هذا جاء عن النبيِّ –عليه الصلاة والسلام-، فكلُّ الليل وقتٌ لقيام الليل، والوتر أوَّل الليل وسط الليل آخر الليل، وأفضله آخر الليل، آخر الليل هذا هو وقت النزول الإلهيِّ، ولهذا أخبر عليه الصلاة والسلام عن ربِّه حيث يقول: "ينزلُ ربُّنا إلى السماءِ الدُّنيا كلَّ ليلةٍ" كلّ ليلة، كلَّ ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: "من يدعوني؟ من يسألُني؟ من يستغفرُني؟" يعني فآخر الليل وقت من أوقات الإجابة، من أوقات الإجابة. والله ينزل إلى السماء الدُّنيا كيفَ شاء، ما يُكيَّف، ولا يُفكَّرُ، ما يجوز أن تفكِّر كيف ينزل الربُّ تعالى؟ نؤمن به ونعلم ونؤمن هذا هو منهج أهل السُّنَّةِ، أهل السُّنَّة يؤمنون بما أخبر الله به عن نفسه، وأخبر به عنه رسوله –عليه الصلاة والسلام-، لكن لا يُكيِّفون، لا يقولون: "كيف"، ولا يفكرون في الكيفيَّة، لا تفكِّرْ كيف ينزل الربُّ، كيف هو مستوٍ على العرش، كيف، كلُّ هذا ممنوعٌ.
فالقلب الذي يشتغل بهذه الشواغل، ويجعلها غاية حياته ،لا جرم يغفل عن ذكر الله، فيزيده الله غفلة، ويملي له فيما هو فيه، حتى تفلت الأيام من بين يديه، ويلقى ما أعده الله لأمثاله الغافلين، الذين يظلمون أنفسهم وغيرهم. خطبة عن قوله تعالى (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم. إن حياة المسلم ثمينة ؛ لأنها منوطة بوظيفة ضخمة، ذات ارتباط بهذا الوجود، وذات أثر في حياة هذا الوجود الكبير، وهي أعز وأنفس من أن يقضيها في عبث ولهو، وخوض ولعب، في غفلة عن ربه، وعن وظيفته. وكثيرا من اهتمامات الناس في هذه الأرض ،تبدو عبثاً ولهواً ولعباً ،حين تقاس إلى اهتمامات المسلم ،الناشئة من تصوره لتلك الوظيفة الضخمة، ومن ثم تبدو اهتمامات الآخرين صغيرة هزيلة ،في حس المسلم المشغول بتحقيق وظيفته الكبرى ،التي كلفه بها من خلقه واستخلفه. ألا فما أخطر الغفلة على البشرية ، ولذلك فاعلموا أن من أهم مضار الغفلة: أولها: أنها تجلبُ الشطانَ وتُسخطُ الرحمنَ، ثانيها: أنها تُنزل الهم والغم في القلب وتبعد عنه الفرح وتميت السرور، ثالثها: أنها مدعاة للوسوسة والشكوك، رابعه ا: أنها تورث العداوة والبغضاء وتذهب الحياء والوقار بين الناس، خامسها: أنها تبلد الذهن وتسد أبواب المعرفة، سادسها:أنها تُبعد العبد عن الله وتجره إلى المعاصي، الدعاء
فَوافَقَ وفَرِحَ لَمّا أنَّ الإنْصافَ كانَ طَبْعَهُ.
وهذه الآية تتصل بقوله تعالى أول السورة: { أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} [سورة الزخرف: 5] أي نواصل لكم الذكر؛ فمن يعش عن ذلك الذكر بالإعراض عنه إلى أقاويل المضلين وأباطيلهم { نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} أي نسبب له شيطانًا جزاءً له على كفره، والمعنى يُعرض عنه أو يتعامى ويغفل عنه، ولأنه غفل عن شيء هام لا ينبغي أن يغفل عنه أو يعرض يعاقبه الله. { فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} قيل في الدنيا، يمنعه من الحلال، ويبعثه على الحرام، وينهاه عن الطاعة، ويأمره ب المعصية ؛ وهو معنى قول ابن عباس. وقيل في الآخرة إذا قام من قبره؛ قال سعيد الجريري. وفي الخبر: أن الكافر إذا خرج من قبره يشفع بشيطان لا يزال معه حتى يدخل النار. وأن المؤمن يشفع بملك حتى يقضي الله بين خلقه؛ ذكره المهدوي. وقال القشيري: والصحيح فهو له قرين في الدنيا والآخرة. وعن ابن عباس { نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} أي ملازم ومصاحب. ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين - مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. قيل: يعني ملازم له يضله ويوسوس له، { فَهُو} كناية عن الشيطان؛ على ما تقدم. وقيل عن الإعراض عن القرآن؛ أي هو قرين للشيطان. { وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} أي وإن الشياطين ليصدونهم عن سبيل الهدى، { وَيَحْسَبُونَ} أي ويحسب الكفار { أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} وقيل: ويحسب الكفار إن الشياطين مهتدون فيطيعونهم.
حالٌ ووضعيَّةٌ بيَّنَتها لنا هذه الآية الكريمة، فيجب على المؤمن تدقيقُ النظر إليها واستيعابها، ناظرًا بذلك إلى نفسه وأعماله وأفعاله، مُشخِّصًا لحاله ووضعه في ظلال هذه الآية العظيمة. هل هو ذاكرٌ للرحمن، ناظر متوقِّف عند آياته ونِعَمه، وما يستتبعه من عقيدة صافية، وعملٍ صالحٍ؟ أو أنه مُعرضٌ عن ذِكْر الرحمن؛ ولذلك فقد ظهر وقُيِّض له شيطانٌ فهو له قرين، وبان ذلك من خلال أفعاله وأعماله؟!
وقال ابن عباس: إن الله استبطأ قلوب المؤمنين ، فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن. وقيل: نزلت في المنافقين بعد الهجرة بسنة. وذلك أنهم سألوا سلمان أن يحدثهم بعجائب التوراة فنزلت: الر تلك آيات الكتاب المبين إلى قوله: نحن نقص عليك أحسن القصص الآية ، فأخبرهم أن هذا القصص أحسن من غيره وأنفع لهم ، فكفوا عن سلمان ، ثم سألوه مثل الأول فنزلت: ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق فعلى هذا التأويل يكون الذين آمنوا في العلانية باللسان. ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض. قال السدي وغيره: ألم يأن للذين آمنوا بالظاهر وأسروا الكفر أن تخشع قلوبهم لذكر الله. وقيل: نزلت في المؤمنين. قال سعد: قيل يا رسول الله لو قصصت علينا فنزل: نحن نقص عليك فقالوا بعد زمان: لو حدثتنا فنزل: الله نزل أحسن الحديث فقالوا بعد مدة: لو ذكرتنا فأنزل الله تعالى: ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ونحوه عن ابن مسعود قال: ما كان بين إسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين ، فجعل ينظر بعضنا إلى بعض ويقول: ما أحدثنا ؟ قال الحسن: استبطأهم وهم أحب خلقه إليه. وقيل: هذا الخطاب لمن آمن بموسى وعيسى دون محمد عليهم السلام لأنه قال عقيب هذا: والذين آمنوا بالله ورسله أي: ألم يأن للذين آمنوا بالتوراة والإنجيل أن تلين قلوبهم للقرآن ، وألا يكونوا كمتقدمي قوم موسى وعيسى ، إذ طال عليهم الأمد بينهم وبين نبيهم فقست قلوبهم.
حالٌ ووضعيَّةٌ بيَّنَتها لنا هذه الآية الكريمة، فيجب على المؤمن تدقيقُ النظر إليها واستيعابها ، ناظرًا بذلك إلى نفسه وأعماله وأفعاله، مُشخِّصًا لحاله ووضعه في ظلال هذه الآية العظيمة.