كالحمار يحمل اسفارا تفسير كامل – المحيط المحيط » اسلاميات » كالحمار يحمل اسفارا تفسير كامل أمانة العلم والعمل به من الأمانات الثقيلة التي كتب الله على العباد حملها وجعل النصيب الأكبر منها على عاتق العلماء، فرفع درجات العالمين العاملين بهذا العلم الزاخر، كما حط من قدر التاركين للعلم والخائنين للأمانة التي حملوها، فشبههم في القرأن بالكلاب كما شبههم بالحمير، لانحطاط القدر الذي وصلوا إليه بعد رفعه لهم، وإعلاء شأنهم، فما تفسير تشبيه الله للمتنكب عن العلم كالحمار يحمل اسفارا، ولماذا هذا القدر من المرتبة السفلى قد تردى صاحبها؟!. العلم وعلو شأن حامله لو لم يكفي العلم شرفاً إلا أن فاقده يدعيه ويزعم أنه من أصحابه لكفاه دلالة على عظم قدره، ولو لم يكفي الجهل مذمة إلا أن صاحبه يفر منه ويتنكر أنه يحمله لكفى ذلك تنفيراً عنه وتبشيعاً لشأنه، وقد رفع الله مقام أصحاب العلم فقال (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) كما أن الله قرن نفسه بالملائكة وأصحاب العلم في الشهادة لما لهم من مرتبة سامية ومكانة عالية (هد اللّه أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم) فأي رفعة أكبر من ذلك.
ولكن هذا العلم ضبطه الإسلام بأنه لا يمكن أن يؤتي ثمرته إلا بزكاته وهو العمل به، فلا خير في علم لا عمل به فقد قال الله (كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تزول قدَمَا عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن عِلمه فيمَ فعل)، وقد ربى رسول الله الصحابة رضوان الله عليه على ذلك، وهو العمل بالعلم، فقال علي رضي الله عنه (هتف العلم بالعمل فإن أجابه و إلا إرتحل)، لذلك شبه الله تارك العمل بالعلم بالحمار والكلب، وجعل علمه حجة عليه في الدنيا والآخرة. تفسير كمثل الحمار يحمل أسفارا قال الله تعالى في سورة الجمعة عن التارك للعمل بالعلم (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا)، يقول الامام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية، "يقول تعالى ذاما لليهود الذين أعطوا التوراة وحملوها للعمل بها ، فلم يعملوا بها ، مثلهم في ذلك كمثل الحمار يحمل أسفارا ، أي: كمثل الحمار إذا حمل كتبا لا يدري ما فيها ، فهو يحملها حملا حسيا ولا يدري ما عليه. وكذلك هؤلاء في حملهم الكتاب الذي أوتوه ، حفظوه لفظا ولم يفهموه ولا عملوا بمقتضاه ، بل أولوه وحرفوه وبدلوه ، فهم أسوأ حالا من الحمير; لأن الحمار لا فهم له ، وهؤلاء لهم فهوم لم يستعملوها".
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو ، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (يَحْمِلُ أَسْفَارًا) قال: يحمل كتبًا لا يدري ما فيها، ولا يعقلها. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا) قال: يحمل كتابًا لا يدري ماذا عليه، ولا ماذا فيه. معنى كلمة أسفاراً قوله تعالى : (كمثل الحمار يحمل اسفارا ) - موقع سؤالي. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا) قال: كمثل الحمار الذي يحمل كتبًا، لا يدري ما على ظهره. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا) كتبًا، والكتاب بالنبطية يسمى سفرًا؛ ضرب الله هذا مثلا للذين أعطوا التوراة ثم كفروا. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أَبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أَبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا) والأسفار: الكتب ، فجعل الله مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يتبع ما فيه، كمثل الحمار يحمل كتاب الله الثقيل، لا يدري ما فيه، ثم قال: (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ)... الآية.
وختاما، هل أصبحنا نحن أهل الإسلام مع القرآن ".. كمثل الحمار يحمل أسفارا.. " أي كمثل الحمار يحمل على ظهره كتبًا من كتب العلم، لا ينتفع بها، ولا يعقل ما فيها، ولا يعمل بتوجيهاتها وقيمها.. ؟؟!!. النشرة الإخبارية اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة هسبريس، لتصلك آخر الأخبار يوميا
وفي هذا التنصيص ـ من وجهة نظر علماء اليهود ـ اغتصاب وهدر لمكانتهم، مع أن الله هو الذي أنعم عليهم بذلك، وهو القادر على كل شيء، إن الآية دقيقة في تصوير كل أجزائها، وهي تشير إلى غباء وحماقة اليهود، وتوحي بالاحتقار والتوبيخ. كذلك فإن بالآية تفننًا في قوله تعالى: (... حملوا التوراة ثم لم يحملوها)، وهذا تعبير صادق عن نفوس اليهود المخزية، وإن التصوير الحسي يستمد قوته من مادة الصورة المحسوسة، ونوع هذه الصورة ومدى وقعها على النفس.