لا تصالح/ ولو توَّجوك بتاج الإمارة/ كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ.. ؟/ وكيف تصير المليكَ…/ على أوجهِ البهجة المستعارة؟ كيف تنظر في يد من صافحوك… فلا تبصر الدم… في كل كف؟/ إن سهماً أتاني من الخلف… سوف يجيئك من ألف خلف (… لا تصالح/ ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام/ وارْوِ قلبك بالدم…/ واروِ التراب المقدَّس…/ واروِ أسلافَكَ الراقدين…/ إلى أن تردَّ عليك العظام! (…). لا تصالح/ ولو ناشدتك القبيلة/ باسم حزن «الجليلة»/ أن تسوق الدهاءَ/ وتُبدي -لمن قصدوك- القبول/ سيقولون: ها أنت تطلب ثأراً يطول/ فخذ -الآن- ما تستطيع: قليلاً من الحق… في هذه السنوات القليلة/ إنه ليس ثأرك وحدك،/ لكنه ثأر جيلٍ فجيل (…). لا تصالح ولو قيل إن التصالح حيلة/ إنه الثأرُ/ تبهتُ شعلته في الضلوع…/ إذا ما توالت عليها الفصول…/ ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس) فوق الجباهِ الذليلة! (…). / لا تصالحْ، ولو حذَّرتْك النجوم/ ورمى لك كهَّانُها بالنبأ…/ لا تصالحُ… إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة: النجوم… لميقاتها والطيور… لأصواتها والرمال… لذراتها/ والقتيل لطفلته الناظرة. كل شيء تحطم في لحظة عابرة: الصبا- بهجةُ الأهل- صوتُ الحصان- التعرفُ بالضيف- همهمةُ القلب حين يرى برعماً في الحديقة يذوي- الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ- مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة/.
(9) ولو وَقَفَت ضد سيفك كلُّ الشيوخ والرجال التي ملأتها الشروخ هؤلاء الذين يحبون طعم الثريد وامتطاء العبيد هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم، وسيوفهم العربية، قد نسيتْ سنوات الشموخ فليس سوى أن تريد أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد وسواك.. المسوخ! (10) لا تصالحْ
(6) ولو ناشدتك القبيلة باسم حزن "الجليلة" أن تسوق الدهاءَ وتُبدي -لمن قصدوك- القبول ها أنت تطلب ثأرًا يطول فخذ -الآن- ما تستطيع: قليلاً من الحق.. في هذه السنوات القليلة إنه ليس ثأرك وحدك، لكنه ثأر جيلٍ فجيل وغدًا.. سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً، يوقد النار شاملةً، يطلب الثأرَ، يستولد الحقَّ، من أَضْلُع المستحيل ولو قيل إن التصالح حيلة إنه الثأرُ تبهتُ شعلته في الضلوع.. إذا ما توالت عليها الفصول.. ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس) فوق الجباهِ الذليلة! (7) لا تصالحْ، ولو حذَّرتْك النجوم ورمى لك كهَّانُها بالنبأ.. كنت أغفر لو أنني متُّ.. ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ. لم أكن غازيًا، لم أكن أتسلل قرب مضاربهم أو أحوم وراء التخوم لم أمد يدًا لثمار الكروم أرض بستانِهم لم أطأ لم يصح قاتلي بي: "انتبه"! كان يمشي معي.. ثم صافحني.. ثم سار قليلاً ولكنه في الغصون اختبأ! فجأةً: ثقبتني قشعريرة بين ضلعين.. واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!
فقد أمل دنقل والده وهو في العاشرة من عمره مما أثر عليه كثيراً واكسبه مسحة من الحزن تجدها في كل أشعاره. حياته [ عدل] رحل أمل دنقل إلى القاهرة بعد أن أنهى دراسته الثانوية في قنا وفي القاهرة التحق بكلية الآداب ولكنه انقطع عن الدراسة منذ العام الأول لكي يعمل. عمل أمل دنقل موظفاً بمحكمة قنا وجمارك السويس والإسكندرية ثم بعد ذلك موظفاً في منظمة التضامن الأفروآسيوي، ولكنه كان دائماً ما يترك العمل وينصرف إلى كتابة الشعر. كمعظم أهل الصعيد، شعر أمل دنقل بالصدمة عند نزوله إلى القاهرة أول مرة، وأثّر هذا عليه كثيراً في أشعاره ويظهر هذا واضحاً في أشعاره الأولى. مخالفاً لمعظم المدارس الشعرية في الخمسينيات استوحى أمل دنقل قصائده من رموز التراث العربي، وقد كان السائد في هذا الوقت التأثر بالميثولوجيا الغربية عامة واليونانية خاصة. عاصر أمل دنقل عصر أحلام العروبة والثورة المصرية مما ساهم في تشكيل نفسيّته وقد صُدِم ككل المصريين بانكسار مصر في عام 1967 وعبّر عن صدمته في رائعته "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" ومجموعته "تعليق على ما حدث ". شاهد أمل دنقل بعينيه النصر وضياعه وصرخ مع كل من صرخوا ضد معاهدة السلام ، ووقتها أطلق رائعته "لا تصالح" والتي عبّر فيها عن كل ما جال بخاطر كل المصريين، ونجد أيضاً تأثير تلك المعاهدة وأحداث شهر يناير عام 1977م واضحاً في مجموعته "العهد الآتي".
كان ديوانه الأول الذي صدر عام 1969 بعنوان "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" هو الذي شهره عربيًا، وجسّد فيه إحساس الإنسان العربي بنكسة 1967. بيانات أخرى اسم الأب: فهيم محارب دنقل. أسماء الأخوة: أنس. اسم الزوجة: عبلة الرويني. الديانة: مسلم. الأصل: من أصول مصرية. مجموعاته الشعرية: "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" عام 1969. "تعليق على ما حدث" عام 1971. "مقتل القمر" عام 1974. "العهد الآتي" عام 1975. "أقول جديدة عن حرب البسوس" عام 1983. "أوراق الغرفة 8" عام 1983. أشهر قصائده: قصيدة "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة". قصيدة "لا تُصالِح". قصيدة "خطاب غير تاريخي". قصيدة "حمامة". قصيدة "العشاء". الهوايات: القراءة، وإلقاء قصائد المدح النبوية في المناسبات الدينية. سبب الوفاة: مرض السرطان. فيديوهات ووثائقيات