وفي الوقت نفسه فقدّ استغل قسطنطين ملك الروم انتفاضة الجزيرة على أبي العباس ودخل مدينة ملاطية، وقاليقلا، وانتصر على المسلمين. ولاية الشام في عهد أبو العباس السفاح: كان عبد الله بن علي يتتبع مروان بن محمد من حرّان، إلى منبج، فقنسرين، فحمص، فبعلبك، فكان كلما وصل عبد الله بن علي إلى مدينة استقبله أهلها، وبايعوه، ودخلوا في طاعته، فلما وصل إلى دمشق حاصرها وقادته، وعليها الوليد بن معاوية بن مروان وهو ختن مروان، عنده ابنته أم الوليد، ففتحت دمشق أبوابها في العاشر من رمضان عام (132 هجري). وقتل الوليد بن معاوية، وذهب عبد الله بن علي إلى الكسوة فالأردن فبايعوه أهلها، ثم سار إلى فلسطين فنزل بيسان، ثم مرج الروم، ثم نهر أبي فُطْرُس، وجاء كتاب أبي العباس إلى عبد الله بن علي أن يوجّه أخاه صالح بن علي ليُلاحق مروان بن محمد ويلتفت هو إلى أمور الشام. وبقي بعدها صالح بن علي أميراً على فلسطين. أما عبد الله بن علي فقد ذهب إلى محاربة حبيب بن مرة المري في منطقة البلقاء، والبَثنيّة، وحوران، وهو أحد قادة مروان. ابو العباس السفاح. وفي هذه الأثناء ذهب أبو الورد إلى مجزأة بن الكوثر بن زفر بن الحارث الكلابي بقنسرين، وقد كان من أصحاب مروان وقواده، فلما هزم مروان وجاء عبد الله بن على لقيه أبو الورد وبايعه ودخل في طاعته.
أعطنا حقنا الذى جعله الله لنا فى هذا المصحف. قال: فأشفق عليه الحاضرون أن يعجل السفاح عليه بشيء أو يترك جوابه فيبقى ذلك مسبة عليه وعليهم. فأقبل السفاح عليه غير مغضب ولا منزعج، فقال: إن جدك عليا، كان خيرا منى وأعدل، وقد ولى هذا الأمر فأعطى جديك الحسن والحسين وكانا خيرا منك، شيئا قد أعطيتكه وزدتك عليه، فما كان هذا جزائى منك. قال: فما رد عليه عبد الله بن حسن جوابا، وتعجب الناس من سرعة جوابه وجدته وجودته على البديهة. وروى الخطيب البغدادى أن السفاح نظر يوما فى المرآة - وكان من أجمل الناس وجها - فقال: اللهم لا أقول كما قال سليمان بن عبد الملك: أنا الخليفة الشاب، ولكن أقول: اللهم عمرنى طويلا فى طاعتك ممتعا بالعافية. فما استتم كلامه حتى سمع غلاما يقول لآخر: الأجل بينى وبينك شهران وخمسة أيام. وفاة أبو العباس السفاح أول خليفة عباسى.. ما يقوله التراث الإسلامى - اليوم السابع. فتطير من كلامه وقال: حسبى الله لا قوة إلا بالله عليه توكلت وبه أستعين. فمات بعد شهرين وخمسة أيام. وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر على أشهر الأقوال. وصلى عليه عمه عيسى بن علي، ودفن فى قصر الإمارة من الأنبار. وترك: تسع جبات، وأربعة أقمصة، وخمس سراويلات، وأربعة طيالسة، وثلاث مطارف خز. وقد ترجمه ابن عساكر فذكر بعض ما أوردناه، والله أعلم.
صفاته كان السفاح ذا قدر وفير من الذكاء والدهاء والعزم والفهم، وقال عنه ابن دحية الكلبي: " كان السفاح كريمًا سخيًّا بالأموال، حسن الأخلاق، متألفًا للرجال، ماضيَ العزيمة، صعبَ الشكيمة، ذا سطوة على الأعداء، متواضعًا للأولياء والأصحاب، زاد في أعطيات الناس، وكان يأكل معهم الطعام". وفاته مرض السفاح بالجدري وهو بالانبار، وتوفي يوم 13 من شهر ذي الحجة سنة 136هـ عن عمر ناهز اثنين وثلاثين سنة، وخلفه أخوه أبو جعفر المنصور. المصادر 1. كتاب الدولة العباسية للشيخ محمد الخضري بك. 2. كتاب تاريخ الدولة العباسية للدكتور محمد سهيل طقوش. 3. أبو العباس عبد الله السفاح. كتاب التاريخ الإسلامي (الدولة العباسية) للمؤرخ محمود شاكر.
القول في تأويل قوله تعالى: ( ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ( 59)) يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين: لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن ، فكشفن شعورهن ووجوههن. ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن; لئلا يعرض لهن فاسق ، إذا علم أنهن حرائر ، بأذى من قول. ثم اختلف أهل التأويل في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به فقال بعضهم: هو أن يغطين وجوههن ورءوسهن فلا يبدين منهن إلا عينا واحدة. تفسير قوله تعالى: يدنين عليهن من جلابيبهن. ذكر من قال ذلك: حدثني علي قال: ثنا أبو صالح قال ثني معاوية عن علي عن ابن عباس ، قوله ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة. حدثني يعقوب قال ثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن محمد ، عن عبيدة في قوله ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) فلبسها [ ص: 325] عندنا ابن عون قال: ولبسها عندنا محمد قال محمد: ولبسها عندي عبيدة قال ابن عون بردائه فتقنع به ، فغطى أنفه وعينه اليسرى وأخرج عينه اليمنى ، وأدنى رداءه من فوق حتى جعله قريبا من حاجبه أو على الحاجب.
(محاسن التأويل ـ 13 / 208 ، 309). 24ـ المفسر العلامة مفتي الديار المصرية السابق الشيخ حسنين محمد مخلوف رحمه الله ت 1355هـ: قال عند تفسيره لقول الله تعالى: { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ}: (( يسدلن الجلابيب عليهن حتى يسترن أجسامهن من رءوسهن إلى أقدامهن. والإدناء التقريب ، ولتضمنه معنى السدل أو الإرخاء عُدِّي بعلى. تفسير يدنين عليهن من جلابيبهن اسلام ويب. والجلابيب جمع جلباب وهو ثوب يستر جميع البدن يعرف بالملاءة أو الملحفة)) اهـ (صفوة البيان لمعاني القرآن ص 537).