هذه فضيحة بكل المقاييس، أن يصل رئيس مؤسسة دستورية ينتمي للسلطة التشريعية لجر صحافيين للقضاء لمجرد أنهم اجتهدوا وحصلوا على أخبار في ملف عادي يهم جمهورهم، حتى وإن كانت هناك مادة غابرة في طيات قانون لا يعرفه أحد تعاقب على النشر، فالعبرة يا سيدي بالمقاصد وليس بالظاهر والمكتوب. نعم لمعاقبة الصحافيين إذا تواطؤوا مع الخارج ضد بلدهم أو أفشوا أسرار الدفاع الوطني أو الأمن الداخلي، أو حتى إذا أساؤوا استعمال السلطة التي بين أيديهم، إنهم ليسوا فوق القانون، ولكن، لا يمكن للصحافيين المغاربة أن يجمعوا أقلامهم وينتظروا حتى يطلعوا على جميع القوانين والأنظمة الداخلية لجميع المؤسسات والهيئات في البلاد قبل أن يزاولوا مهنتهم التي لا تشبه باقي المهن. إن لنا مدونة خاصة لا نحتكم إلا لها ومجلسا لأخلاقيات المهنة يزاول قضاء الزملاء، وما عدا ذلك فهو قمع لحرية الصحافة واستعداء لها، واعتداء سافر على حق المغاربة في إعلام جاد ومهني. ودعونا نختم هذه المقامة السوريالية بالدعاء للعلي القدير أن يلهمنا الصبر حتى لا يطير رشدنا، والجلد حتى نستمر في مزاولة مهنة لا يمكن أن يحترفها بهذه المواصفات وفي هذه الظروف إلا مغبون، آمين ولعنة الله على الظالمين.
(لعنة الله) الطرد من رحمته والعذاب الدائم في جهنم. (الظالمين) المشركين والكافرين ومن على شاكلتهم. /هود: 18/].
اهـ. وعلى هذا، فإنه لا حرج في لعن من تُيقن أنه مات على النصيرية، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الْمُسَمَّوْنَ بِالنُّصَيْرِيَّةِ، هُمْ وَسَائِرُ أَصْنَافِ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ، أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، بَلْ وَأَكْفَرُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَضَرَرُهُمْ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ مِنْ ضَرَرِ الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ مِثْلُ كُفَّارِ التَّتَارِ، وَالْفِرِنْجِ وَغَيْرِهِمْ... اهــ. وأما الحي منهم: فإنه لا يُلعن، ويجوز بل قد يتعين أن يُدعى عليه بأن ينتقم الله منه ويأخذه ويهزمه, ومن لعنه فإن له سعة في قول من أجاز ذلك ممن ذكرنا سابقا، ويجوز الفرح بمقتل جنودهم وإن كان فيهم مسلم مغرر به، لأن في موتهم كفا لشرهم ونجاة للمؤمنين من بلائهم، وقد قال المناوي في فيض القدير في شرح حديث: لا تظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك ـ وهو حديث لا يصح: نعم أفتى ابن عبد السلام بأنه لا ملام في الفرح بموت العدو من حيث انقطاع شره عنه وكفاية ضرره. اهـ. وقد ذم الله تعالى جنود فرعون، كما ذم فرعون ، فقال تعالى: إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ {القصص: 8}.