سُئل فبراير 4، 2021 بواسطة ( 1. 0ألف نقاط) من القائل فاقض ما انت قاض ، نسعد بزيارتكم في موقع تلميذ وبيت كل الراغبين في الحصول علي المعلومات الصحيحة ونود أن نقدم لكم الاجابة النموذجية لسؤال: من القائل فاقض ما انت قاض ؟ و الجواب الصحيح يكون هو سحرة فرعون، وقد قالوها لفرعون. 1 إجابة واحدة من القائل فاقض ما انت قاض ؟
( قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات) أي: لن نختارك على ما حصل لنا من الهدى واليقين. ( والذي فطرنا) يحتمل أن يكون قسما ، ويحتمل أن يكون معطوفا على البينات. يعنون: لا نختارك على فاطرنا وخالقنا الذي أنشأنا من العدم ، المبتدئ خلقنا من الطين ، فهو المستحق للعبادة والخضوع لا أنت. ( فاقض ما أنت قاض) أي: فافعل ما شئت وما وصلت إليه يدك ، ( إنما تقضي هذه الحياة الدنيا) أي: إنما لك تسلط في هذه الدار ، وهي دار الزوال ونحن قد رغبنا في دار القرار.
يقول ابن كثير في السيرة النبوية عن عثمان بن مظعون رضي الله عنه يوم أن نزل بجوار الوليد بن المغيرة فقال: لما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من البلاء وهو يروح ويغدو في أمان من الوليد بن المغيرة قال: والله إن غدوي ورواحي في جوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني لنقص كثير في نفسي! فمشى إلى الوليد بن المغيرة فقال له: يا أبا عبد شمس، وفت ذمتك، وقد رددت إليك جوارك. قال: لم يا بن أخي؟ لعله آذاك أحد من قومي؟ قال: لا، ولكني أرضى بجوار الله عز وجل، ولا أريد أن أستجير بغيره. قال: فانطلق إلى المسجد فاردد على جواري علانية كما أجرتك علانية. قال: فانطلقا، فخرجا حتى أتيا المسجد، فقال الوليد بن المغيرة: هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري. قال: صدق، قد وجدته وفيا كريم الجوار، ولكني قد أحببت ألا أستجير بغير الله، فقد رددت عليه جواره ثم انصرف عثمان رضي الله عنه، ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر في مجلس من قريش ينشدهم، فجلس معهم عثمان فقال لبيد: * ألا كل شيء ما خلا الله باطل * فقال عثمان: صدقت. فقال لبيد: * وكل نعيم لا محالة زائل * فقال عثمان: كذبت، نعيم الجنة لا يزول.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حُدثت عن وهب بن منبه ( لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا) أي على الله على ما جاءنا من الحجج مع بينة ( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ) أي اصنع ما بدا لك ( إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) أي ليس لك سلطان إلا فيها، ثم لا سلطان لك بعده.
فقال لبيد: يا معشر قريش، والله ما كان يؤذى جليسكم، فمتى حدث هذا فيكم؟ فقال رجل من القوم: إن هذا سفيه في سفهاء معه، قد فارقوا ديننا، فلا تجدن في نفسك من قوله. فرد عليه عثمان حتى شرى أمرهما، فقام إليه ذلك الرجل ولطم عينه فخضرها، والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ من عثمان، فقال: أما والله يا بن أخي إن كانت عينك عما أصابها لغنية، ولقد كنت في ذمة منيعة قال: يقول عثمان: بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله! وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس. وكأنه يقول.. لكفار قريش "اقض ما أنت قاض" يقول ابن الأثير في الكامل وهو يروي قصة مقتل عبدالله بن الزبير فيذكر وصية أمه أسماء بنت أبي بكر فيقول: يا أماه قد خذلني الناس حتى ولدي وأهلي ولم يبق معي إلا اليسير ومن ليس عنده أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا، فما رأيك؟ فقالت: أنت أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو فامض له فقد قتل عليه أصحابك ولا تمكن من رقبتك يتلعب بها غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت أهلكت نفسك ومن قتل معك، وإن قلت كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفت فهذا ليس فعل الأحرار ولا أهل الدين، كم خلودك في الدنيا؟ القتل أحسن!
تُدهشني قوة رجل قضى سبعة وعشرين عاماً من عمره في زنزانة ضيقة لا يبصر إلا ظُلمة ولا يسمع إلا تلوثاً ولا يشعر إلا عذابًا، رجل مثل نيلسون مانديلا كيف تجاوز زيارات الموت المتكررة في أيامٍ طويلة من العتمة، ثم يخرج بعد طول الأمل وقلبه لا يحمل أدنى كراهية للحياة، بل ويمضي ويقضي ما هو قاض وينفذ رسالته، من أين استمد كل هذا السلام؟ وهو قد عاش جُلّ عمره فيما أشبه بتابوت على سطح الأرض، لا شك أنه تجاوز نفسه وتجاوز الكون كله بما فيه من عنف وأسى وعنصرية وأحزان سحيقة، وارتقى جنح رسالته التي خُلق لها ولا شيء آخر.