وقال ابن عباس وابن مسعود: أول الفساد قتل زكريا. وقال ابن إسحاق: فسادهم في المرة الأولى قتل شعيا نبي الله في الشجرة; وذلك أنه لما مات صديقة ملكهم مرج أمرهم وتنافسوا على الملك وقتل بعضهم بعضا وهم لا يسمعون من نبيهم; فقال الله - تعالى - له قم في قومك أوح على لسانك ، فلما فرغ مما أوحى الله إليه عدوا عليه ليقتلوه فهرب فانفلقت له شجرة فدخل فيها ، وأدركه الشيطان فأخذ هدبة من ثوبه فأراهم إياها ، فوضعوا المنشار في وسطها فنشروها حتى قطعوها وقطعوه في وسطها. وذكر ابن إسحاق أن بعض العلماء أخبره أن زكريا مات موتا ولم يقتل وإنما المقتول شعيا. وقال سعيد بن جبير في قوله - تعالى -: ثم بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار هو سنحاريب من أهل نينوى بالموصل ملك بابل. فاذا جاء وعد اولاهما بعثنا عليكم عبادا. وهذا خلاف ما قال ابن إسحاق ، فالله أعلم. فجاسوا خلال الديار قيل: إنهم العمالقة وكانوا كفارا ، قاله الحسن. ومعنى جاسوا: عاثوا وقتلوا; وكذلك جاسوا وهاسوا وداسوا ، قاله ابن عزيز ، وهو قول القتيبي. وقرأ ابن عباس: ( حاسوا) بالحاء المهملة. قال أبو زيد: الحوس والجوس والعوس والهوس: الطواف بالليل. وقال الجوهري: الجوس مصدر قولك جاسوا خلال الديار ، أي تخللوها فطلبوا ما فيها كما يجوس الرجل الأخبار أي يطلبها; وكذلك الاجتياس.
تابع في فإذا جاء وعد الآخرة إنّهم موصوفون بكونهم: (عبادًا لنا أولي بأس شديد)، سيُبعثون عليكم من جديد بمهمّاتٍ وتكاليفَ محددةٍ لهم من الله تعالى بدقة، وهي ثلاثةٌ كما يلي: أولاً: (ليسوءوا وجوهكم). ثانياً: (وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة). ثالثًا: (وليتبروا ما علوا تتبيرًا). وسيكون زوالكم في المرّتين متماثلًا ومتشابهًا، فإساءة الوجه هي ذات الإساءة، والجوس خلال الديار هو الجوس ذاته، ودخول المسجد (بيت المقدس) هو ذات الدخول، والقتل هو القتل، والتتبير هو التتبير، والإخراج هو الإخراج، والرحيل هو الرحيل. ولا أشكُّ في أنَّ الإفساد الثاني والأخير لبني إسرائيل في الأرض المباركة (فلسطين) هو هذا الإفساد الذي نراه بأعيننا الآن، وهو المتمثِّل في هذا الكيان الجاثم فوق الأرض العربية، والمُسمَّى(إسرائيل)، وهو الذي تمَّ الإعلان عنه في 15/5/1948م. وإنَّ ممَّا يجعلني متيقِّنًا من أنَّ الكيان الإسرائيلي القائم حاليًا على أرض فلسطين هو الإفساد الثاني والأخير لبني إسرائيل ما يلي: 1. هذا الإفساد الذي نراه سبقه ردٌّ للكرَّة لبني إسرائيل على العرب، وهو ما صرَّحت به هذه الآية: (ثم رددنا لكم الكرة عليهم). القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الإسراء - الآية 5. 2. الإمداد الواضح لبني إسرائيل بالأموال والبنين، (وأمددناكم بأموال وبنين).
والجوسان ( بالتحريك) الطوفان بالليل; وهو قول أبي عبيدة. وقال الطبري: طافوا بين الديار يطلبونهم ويقتلونهم ذاهبين وجائين; فجمع بين قول أهل اللغة. قال ابن عباس: مشوا وترددوا بين الدور والمساكن. فاذا جاء وعد اولاهما. وقال الفراء: قتلوكم بين بيوتكم; وأنشد لحسان:ومنا الذي لاقى بسيف محمد فجاس به الأعداء عرض العساكروقال قطرب: نزلوا; قال:فجسنا ديارهم عنوة وأبنا بسادتهم موثقيناوكان وعدا مفعولا أي قضاء كائنا لا خلف فيه. شرح المفردات و معاني الكلمات: جاء, وعد, أولاهما, بعثنا, عبادا, بأس, شديد, فجاسوا, خلال, الديار, وعدا, مفعولا, تحميل سورة الإسراء mp3: محرك بحث متخصص في القران الكريم Sunday, April 24, 2022 لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب
وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، وأبو بكر عن عاصم ، وخلف ( ليسوء) بالإفراد ، والضمير لله تعالى ، وقرأ الكسائي ( لنسوء) بنون العظمة ، وتوجيه هاتين القراءتين من جهة موافقة رسم المصحف أن الهمزة المفتوحة بعد الواو قد ترسم بصورة ألف ، فالرسم يسمح بقراءة واو الجماعة على أن يكون الألف ألف الفرق وبقراءتي الإفراد على أن الألف علامة الهمزة. وضميرا ( ليسوءوا) و ( ليدخلوا) عائدان إلى عبادا لنا باعتبار لفظه لا باعتبار ماصدق المعاد ، على نحو قولهم: عندي درهم ونصفه ، أي نصف صاحب اسم درهم ، وذلك تعويل على القرينة لاقتضاء السياق بعد الزمن بين المرتين: فكان هذا الإضمار من الإيجاز. [ ص: 37] وضمير ( كما دخلوه) عائد إلى العباد المذكور في ذكر المرة الأولى بقرينة اقتضاء المعنى مراجع الضمائر كقوله تعالى وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها. تفسير آية فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا. وقول عباس بن مرداس: عدنا ولولا نحن أحدق جمعهم بالمسلمين وأحرزوا ما جمعوا فالسياق دال على معاد ( أحرزوا) ومعاد ( جمعوا). وسوء الوجوه: جعل المساءة عليها ، أي تسليط أسباب المساءة والكآبة عليكم حتى تبدو على وجوهكم; لأن ما يخالج الإنسان من غم وحزن ، أو فرح ومسرة يظهر أثره على الوجه دون غيره من الجسد ، كقول الأعشى: وأقدم إذا ما أعين الناس تفرق أراد إذا ما تفرق الناس ، وتظهر علامات الفرق في أعينهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا) قضاء قضى الله على القوم كما تسمعون، فبعث عليهم في الأولى جالوت الجزري، فسبى وقتل، وجاسوا خلال الديار كما قال الله، ثم رجع القوم على دخن فيهم. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ، قال: أما المرّة الأولى فسلَّط الله عليهم جالوت، حتى بعث طالوت ومعه داود، فقتله داود. وقال آخرون: بل بعث عليهم في المرّة الأولى سنحاريب، وقد ذكرنا بعض قائلي ذلك فيما مضى ونذكر ما حضرنا ذكره ممن لم نذكره قبل. فإذا جاء وعد أولاهما - YouTube. حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن أبي المعلى، قال: سمعت سعيد بن جبير، يقول في قوله ( بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) قال: بعث الله تبارك وتعالى عليهم في المرّة الأولى سنحاريب من أهل أثور ونينوى، فسألت سعيدا عنها، فزعم أنها الموصل.
( فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ( 5) ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ( 6) إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ( 7)) ( فإذا جاء وعد أولاهما ( يعني: أولى المرتين. قال قتادة: إفسادهم في المرة الأولى ما خالفوا من أحكام التوراة ، وركبوا المحارم. وقال ابن إسحاق: إفسادهم في المرة الأولى قتل شعياء بين الشجرة وارتكابهم المعاصي. ( بعثنا عليكم عبادا لنا ( قال قتادة: يعني جالوت الجزري وجنوده وهو الذي قتله داود. وقال سعيد بن جبير: يعني سنجاريب من أهل نينوى. وقال ابن إسحاق: بختنصر البابلي وأصحابه. وهو الأظهر. ( أولي بأس ( ذوي بطش ، ( شديد ( في الحرب ، ( فجاسوا ( أي فطافوا وداروا ( خلال الديار ( وسطها يطلبونكم ويقتلونكم والجوس طلب الشيء بالاستقصاء. قال الفراء: جاسوا: قتلوكم بين بيوتكم. ( وكان وعدا مفعولا ( قضاء كائنا لا خلف فيه. ( ثم رددنا لكم الكرة ( يعني: الرجعة والدولة ، ( عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ( عددا ، أي من ينفر معهم وعاد البلد أحسن مما كان.