كانت بنو تميم قد اختلفت آراءهم أيام الردة... إذ أقبلت عليهم سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان التغلبية من الجزيرة... وقد ادّعت النبوة، ولما مرت ببلاد بني تميم دعتهم، إلى أمرها... فاستجاب لها عامتهم...! وقال عطارد بن حجاب فيها: أمست نبيتنا أنثى نطيف بها وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا وقد كان مسيلمة الكذاب لعنه الله ، شرع لمن اتبعه أن الأعزب يتزوج فإذا ولد له ذكر فيحرم عليه النساء حينئذ إلا أن يموت ذلك الولد الذكر فتحلّ له النساء حتى يولد له ذكرا... ويقال إنه لما خلا بسجاح سألها: "ماذا يوحى إليها؟ فقالت: وهل يكون النساء يبتدئن... ؟ بل أنت ماذا أوحي إليك... ؟ فقال: " ألم تر إلى ربك كيف فعل بالحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحثا، " قالت: وماذا... ؟ فقال: إن الله خلق للنساء أفراجا، وجعل الرجال لهن أزواجا، فنولج فيهن قعسا إيلاجا، ثم نخرجها إذا نشاء إخراجا، فينتجن لنا نحالا إنتاجا...! فقالت: أشهد أنك نبي... فقال لها: "هل لك أن أتزوجك و آكل بقومي وقومك العرب؟" قالت: نعم... ثم أقامت عنده ثلاثة أيام، ثم رجعت إلى قومها فقالوا: ما أصدقك... ؟ فقالت: لم يصدقني شيئا...! فقالوا قبيح على مثلك، أن تتزوج بغير صداق، فبعثت إليه تسأله صداقا.... فقال أرسلي إلي مؤذنك... سجاح بنت الحارث التميمي. فبعثته إليه، وهو شبت بن ربعي ـ فقال: "ناد في قومك، إن مسيلمة بن حبيب رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمد... " فكان هذا صداقها عليه ـــ لعنه الله الكذاب.
اقرأ أيضا: النبوة والمسألة السياسية… حين وجد العرب في ادعاء النبوة سبيلا لسياسة الناس! 3/1 من اللافت للنظر أننا لم نعثر على تعاليم دين سجاح، ولم نجد إلا القليل من سجع منسوب لها متفرقا في بطون كتب التراث، ونجد أن أبا الفداء يقول بأنها أسلمت وحسن إسلامها وماتت في البصرة، كما نجد أن ابن الأثير يقول بأنها ماتت عند أخوالها التغالبة وانقطع ذكرها… ولا أعتقد شخصيا بأن امرأة مثلها ينقطع ذكرها بجرة قلم. [ 1] سيد القمني، "العرب قبل الإسلام"، وأبو علي القالي، "الأمالي"، ج1/ص126. [ 2] جواد علي، "أديان العرب قبل الإسلام"، ص111 [ 3] المسعودي، مروج الذهب ، ج2/ص311 [ 4] كتاب الردة، الواقدي، ص170 [ 5] ابن حجر، الإصابة، ج8 ص641 لقراءة الجزء الأول: مكانة المرأة العربية قبل الإسلام من خلال مظاهر التأنيث عند العرب الوثنيين 1/3 لقراءة الجزء الثاني: مكانة المرأة العربية قبل الإسلام: الآلهة الإناث ورمزية تقديس الأنثى عند العرب 2/3
فنطقوا: ما أصدقك فنطقت: لم يصدقني شيئا. فنطقوا: إنه قبيح على مثلك حتى تتزوج بغير صداق، فبعثت إليه تسأله صداقا فنطق: أوفدي إلي مؤذنك. فبعثته إليه وهوشبت بن ربعي. فنطق: ناد في قومك إذا مسيلمة بن حبيب رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمد يعني صلاة الفجر وصلاة العشاء الآخرة فكان هذا صداقها عليه. كانت مشهورة بالكذب، وكانت العرب تقول: ( فلان أكذب من سجاح) نظرا لما اشتهر عنها من الكذب، كانت تعود بنسبها من جهة أبيها إلى بني يربوع، ومن هنا كانت على قرابة مع مالك بن نويرة، بينما تعود بنسبها من جهة أمها إلى بني تغلب الذين كانوا يقيمون في بلاد الرافدين، وهذا ما جعل الرواة يقولون بأنها كانت نصرانية على دين بني تغلب. وعندما بدأت حركات الردة خاصة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت بردة طليحة ومسيلمة، بدأت بإعلان نبوتها وتبعها عدد كبير من بني تغلب وبني يربوع وسارت إلى منطقة نجد حيث أوفدت إلى مالك بن نويرة تقترح عليه مهاجمة المدينة المنورة معاً. ثم اتفقا على مهاجمة بعض القبائل المعادية لبني تميم وتغلب.