فالكلمة نوعان: إما من رضوان الله، أو من سخطه. كم ستجمع أيها المسكين، ومن أي نوع؟ تأمل قول الحبيب المصطفى: (لا يُلْقِي لها بالًا). ووالله إنه لهو وصف دقيق لواقع غالب حديث الناس. لا عقل ولا تدبر فيما نقول، ولا إدراك لعاقبة ذلك. ها هي وسائل النشر والإعلان والفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل نقل الكلام، المكتوب والمنطوق والمصور والأفلام، تمتلئ بالكلام من سخط الله. بل إن الكثير من هذه الوسائل متخصص في هذا النوع من الكلام. احذر أيها العاقل أن تجمع دون أن تدري هذا النوع من الكلمات. فالكلمة الواحدة من سخط الله يهوي بها الإنسان في جهنم. فهل يحصي هذا الإنسان كم سيهوي بها في جهنم. لذلك حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: « وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟! »؛ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. قوا أنفسكم وأهليكم ناراً. وهذا يدل على عظم خطر الكلام، فإما بالخير وإما بالشر، فالواجب التثبت في أمره والحذر، فإذا تكلمت فإما لك وإما عليك، وقد سبق قوله تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، وقوله سبحانه: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].
وللحد من تأثير النّفس على الإنسان في دفعه نحو الخطيئة، لا بدّ له من مجاهدة نفسه، ليكبح جماح الشّهوات والرّغبات والغرائز فيها، وليسيطر عليها ويهذّبها ولا يستجيب لها إلاّ في حدود الشرع الشريف فقط. وجهاد النّفس ليس بالأمر السهل، بل هو صعب وشاق وعسير، يحتاج إلى صبر قوي، فالنبي «صلى الله عليه وآله» وصفه بالجهاد الأكبر، فيروى أنّه «صلى الله عليه وآله» استقبل سريّة قد قدمت من جهاد العدو، فقال: (مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي الجهاد الأكبر، قيل: يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس) 2. فكما أنّ جهاد العدو لصعوبته يحتاج إلى صبر شديد وقوي يتحلّى به المجاهد، فكذلك المجاهد لنفسه يحتاج إلى أن يتمتع بصر قوي وشديد، أشد وأقوى من الصبر الذي يحتاجه المجاهد في سوح القتال، فنفس الإنسان هي أعدى أعدائه، ففي الرّواية عن النبي «صلى الله عليه وآله» أنّه قال: (أعدى عدوّك نفسك الَّتي بين جنبيك) 3.
حدثني محمد بن عمرو ، قال: ثنا أبو عاصم ، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، [ ص: 492] عن مجاهد ، في قول الله: ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا) قال: اتقوا الله ، وأوصوا أهليكم بتقوى الله. حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) قال: قال: يقيهم أن يأمرهم بطاعة الله ، وينهاهم عن معصيته ، وأن يقوم عليه بأمر الله ، يأمرهم به ويساعدهم عليه ، فإذا رأيت لله معصية ردعتهم عنها ، وزجرتهم عنها. قوا انفسكم واهليكم نارا … – مدرسة أهل البيت عليهم السلام. حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال: ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله: ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا) قال: مروهم بطاعة الله ، وانهوهم عن معصيته. وقوله: ( وقودها الناس) يقول: حطبها الذي يوقد على هذه النار بنو آدم وحجارة الكبريت. وقوله: ( عليها ملائكة غلاظ شداد) يقول: على هذه النار ملائكة من ملائكة الله ، غلاظ على أهل النار ، شداد عليهم ( لا يعصون الله ما أمرهم) يقول: لا يخالفون الله في أمره الذي يأمرهم به ( ويفعلون ما يؤمرون) يقول: وينتهون إلى ما يأمرهم به ربهم.
قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} [التحريم] قال السعدي في تفسيره: أي: يا من من الله عليهم بالإيمان، قوموا بلوازمه وشروطه. فـ { { قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}} موصوفة بهذه الأوصاف الفظيعة، ووقاية الأنفس بإلزامها أمر الله، والقيام بأمره امتثالًا، ونهيه اجتنابًا، والتوبة عما يسخط الله ويوجب العذاب، ووقاية الأهل والأولاد، بتأديبهم وتعليمهم، وإجبارهم على أمر الله، فلا يسلم العبد إلا إذا قام بما أمر الله به في نفسه، وفيما يدخل تحت ولايته من الزروجات والأولاد وغيرهم ممن هو تحت ولايته وتصرفه. ووصف الله النار بهذه الأوصاف، ليزجر عباده عن التهاون بأمره فقال: { { وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}} كما قال تعالى: { { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ}}. { { عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ} {}} أي: غليظة أخلاقهم، عظيم انتهارهم، يفزعون بأصواتهم ويخيفون بمرآهم، ويهينون أصحاب النار بقوتهم، ويمتثلون فيهم أمر الله، الذي حتم عليهم العذاب وأوجب عليهم شدة العقاب، { { لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}} وهذا فيه أيضًا مدح للملائكة الكرام، وانقيادهم لأمر الله، وطاعتهم له في كل ما أمرهم به.
والرعاية منها ما هو واجب، ومنها ما هو مندوب كما نبه عليه سيدي عبد الله بن أبي جمرة (٣) ، فهي بمعنى الحفظ والأمانة، ومنه قولهم: رعاك الله. أي: حفظك، وراعي الغنم: أي: الحافظ لها والأمين. (١) سبق برقم (٢٤٠٩، ٢٥٥٤، ٢٥٥٨، ٢٧٥١)، وسيأتي برقم (٥٢٠٠، ٧١٣٨). (٢) أخرجه ابن مردويه كما في "الدر المنثور" ٦/ ٣٧٥. (٣) ورد بهامش الأصل: ذكر لي شيخنا المؤلف أنه ابن أبي جبرة -بالباء- وأنه رآه كذلك بمكة، فذاكرته أنا بما قاله الذهبي في "المشبته": بأنه ابن أبي جمرة - بالميم- وأصلحته أنا في خطي على ما قاله الذهبي.
قصة سيدنا يونس للأطفال| قصة يونس مبسطة للاطفال - YouTube
عمرو: آه فهمت، جاء بعد ذلك الحوت وابتلعه. الجد: صحيح، أمر الله هذا الحوت أن يقوم بذلك. عمرو: لماذا يا جدي؟ الجد: لأن سيدنا يونس غادر قومه دون أن يأمره الله بذلك، فأراد الله أن يعلِّمه درساً في الصبر.. فهو نبي. أخذ الحوت يتحرك ويسبح ويصعد وينزل، وفي بطنه حيث الظلام الشديد، أحسّ النبيّ بغلطته، فأخذ يستغفر ويدعو الله: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»، وظلّ يكرِّرها حتى استجاب الله له، وتاب عنه، فأمر الحوتَ أن يذهب إلى الشاطئ ويُخرج النبي من بطنه. عمرو: سبحان الله! لم يمت؟! الجد: كان ضعيفاً جداً هزيلاً متعباً، فأنبت الله شجرة يقطين أكل سيدنا يونس منها وارتوى. قصه سيدنا يونس للاطفال الصغار بالصور. ولما تحسّنت صحته عاد إلى قومه. عمرو: كيف وجدهم؟ هل أخبرهم بما حدث له؟ هل سألوه أين كنت؟ هل سخروا منه؟ ضحك الجد وقال: صبراً يا حبيبي، لم يحدث شيئ مما تخيلتَهُ! المفاجأة أنّ سيدنا يونس وجد قومه، وعددهم مئة ألف وأكثر، وجدهم آمنوا بالله جميعاً كما أراد لهم نبيهم يونس عليه السلام. المؤذِّن يؤذِّن لصلاة العشاء، يقوم الجَد ممسكاً بيد عمرو للوضوء والصلاة، وفي الطريق يخبر عمرو جده ماذا تعلّم من القصة، وكان ما تعلمه كثيراً. تُنشر بالتعاون مع مجلة (منبر الداعيات)