- إن الذين آمنوا وعملو الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ، [ 265] أخرج الحافظ السلفي عن محمد بن الحنفية انه قال في تفسير هذه الآية: لا يبقى مؤمن إلا وفي قلبه ود لعلي وأهل بيته.
الزرندي الحنفي - نظم درر السمطين - رقم الصفحة: ( 85) - وعن البراء (ر) قال: قال رسول الله (ص) لعلي: يا علي قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في صدور المؤمنين مودة فانزل الله: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا. - وروى الواحدي في تفسيره عن عطا عن إبن عباس (ر) إنها نزلت في علي مامن مسلم إلا ولعلي في قلبه محبة. إعراب قوله تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا الآية 96 سورة مريم. الموفق الخوارزمي - المناقب - رقم الصفحة: ( 278) 268 - قوله تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ، قال إبن عباس: هو علي بن أبي طالب (ع). 269 - وروى زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي (ر) قال: لقيني رجل فقال يا أبا الحسن أما والله انى لأحبك في الله ، فرجعت إلى رسول الله (ص) فأخبرته بقول الرجل ، فقال رسول الله: لعلك يا علي اصطنعت إليه معروفا ؟ قال: فقلت: والله ما اصطنعت إليه معروفا ، فقال رسول الله: الحمد لله الذي جعل قلوب المؤمنين تتوق اليك بالمودة ، قال فنزل قوله تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا. القندوزي - ينابيع المودة - الجزء: ( 2) - رقم الصفحة: ( 360 / 456) - [ 29] وعن محمد بن الحنفية في قوله تعالى: سيجعل لهم الرحمن ودا ، قال: لا يبقى مؤمن إلا وفي قلبه ود لعلي وأهل بيته ، أخرجه الحافظ السلفي.
وهذا التفاوت في تفسير المراد من قوله سبحانه: { سيجعل لهم الرحمن ودا} سيجعل لهم الرحمن ودالا يترتب عليه نتائج عملية تذكر، بل الظاهر من مجموع هذه الأقوال أن المنضبطين بأحكام الشرع، والعاملين بأوامره ونواهيه، فإن الله راض عنهم في الدنيا، بتوفيقهم في أعمالهم، وتسديدهم في مسيرتهم، ثم هو سبحانه يوم القيامة يتوج هذا الرضا الدنيوي بالرضا الأخروي، فيجعل لهم مودة ومحبة في قلوب عباده المؤمنين، وأوليائه الصالحين.
واختلف فيمن نزلت فقيل في علي - رضي الله تعالى عنه - روى البراء بن عازب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب: قل يا علي اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في قلوب المؤمنين مودة فنزلت الآية ذكره الثعلبي ، وقال ابن عباس: نزلت في عبد الرحمن بن عوف جعل الله تعالى له في قلوب العباد مودة لا يلقاه مؤمن إلا وقره ولا مشرك ولا منافق إلا عظمه وكان هرم بن حيان يقول: ما أقبل أحد بقلبه على الله تعالى إلا أقبل الله تعالى بقلوب أهل الإيمان إليه ، حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم ، وقيل: يجعل الله تعالى لهم مودة في قلوب المؤمنين والملائكة يوم القيامة. قلت: إذا كان محبوبا في الدنيا ، فهو كذلك في الآخرة ، فإن الله تعالى لا يحب إلا مؤمنا تقيا ، ولا يرضى إلا خالصا نقيا ، جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه. روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل - عليه السلام - فقال: إني أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض ، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل - عليه السلام - ، وقال: إني أبغض فلانا فأبغضه ، فيبغضه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه ، قال فيبغضونه ، ثم توضع له البغضاء في الأرض.
الثاني: أن يحصل لهم (الود) يوم القيامة، فيحببهم الله إلى خلقه بما يعرض من حسناتهم، وينشر من ديوان أعمالهم، وأنهم يكونون يوم القيامة بمقام المودة والتبجيل. فالمعنى: سيجعل لهم الرحمن أحباء من الملائكة، كما قال تعالى: { نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة} (فصلت:31)، وأيضاً يجعل بين أنفسهم أحباء، كما قال تعالى: { ونزعنا ما في صدورهم من غل} (الأعراف:43). وهذا المعنى للآية ذهب إليه ابن عاشور ، مستدلاً له بسياق الآية؛ وذلك أن الآيات السابقة لهذه الآية تفيد أن المشركين آتون يوم القيامة مفردين، وذلك مشعر بأنهم يحتاجون إلى من يعينهم مما هم فيه ويخرجهم مما يعانونه، وأنهم مغضوب عليهم، ثم أعقب ذلك بذكر حال المؤمنين الصالحين، وأنهم على العكس من حال المشركين. الثالث: فُسرت الآية أيضاً، بأن الله سيؤتي المؤمنين محبوبهم ومرادهم، ومنه محبته سبحانه، فـ (الجعل) في الآية، كالإلقاء في قوله تعالى: { وألقيت عليك محبة مني} (طه:39)، فيكون معنى (جعل الود) بحسب هذا القول: سيعطيهم الرحمن ودهم، أي: محبوبهم في الجنة؛ إذ الود والمحبة سواء، يقال: آتيت فلاناً محبته، وجعل لهم ما يحبون، وجعلت له وده، ومن كلامهم: وددت أن لو كان كذا، أي: أحببت.
قال ابن عباس وأبو العالية وعكرمة: يعني صوتاً، وقال الحسن وقتادة: هل ترى عيناً أو تسمع صوتاً والركز في أصل اللغة: هو الصوت الخفي، قال الشاعر: فتوجست ركز الأنيس فراعها *** عن ظهر غيب والأنيس سقامها.
الخطبة الأولى: إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، وصفيُّه وخليله، وأمينه على وحيه، ومبلِّغُ الناس شرعَه، ما ترك خيراً إلا دلَّ الأمّة عليه، ولا شرّاً إلا حذّرها منه، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: معاشر المؤمنين -عباد الله-: اتقوا الله -تعالى- وراقبوه في السر والعلانية، والغيب والشهادة مراقبة من يعلم أنّ ربَّه يسمعه ويراه. عباد الله: يقول الله -تبارك وتعالى-: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً) [مريم: 96].
ثم توالت الأحداث والأزمات بعد ذلك: زيارة السادات القدس عام 1977، اتفاق كامب ديفيد 1979 بين مصر وإسرائيل، الثورة الإيرانية، الحرب العراقية- الإيرانية، الاجتياح الإسرائيلي للبنان، ثم الاجتياح العراقي للكويت عام 1990. مجيء الحدث الأخير في نهاية مسلسل أحداث كبيرة جعل منه الحدث الأكبر الذي مثل، ولا يزال، أكثر المنعطفات خطورة على الجميع، فبعد الاجتياح العراقي استمرت كرة الأزمات في التدحرج لما هو أخطر بكثير مما تصور البعض قبل هذا الحدث. سيسجل التاريخ أن دخول القوات العراقية الكويت، وحرب التحرير أو عاصفة الصحراء التي أعقبت ذلك، كانا المنعطف الذي قاد إلى الغزو الأميركي للعراق 2003، ثم احتلاله لما يقرب من عشر سنوات، فإعادة تأهيل إيران ولاية الفقيه من خلال هذا العراق المحتل. وكان سعود الفيصل من بين الأصوات القليلة التي عبرت مبكراً عما يمكن أن ينطوي عليه هذا المآل بلغة لم تعهدها الدبلوماسية السعودية من قبل. كان ذلك في خريف 2005، وفي حديث إلى «مجلس الشؤون الخارجية» في نيويورك بالولايات المتحدة. حينها قال مخاطباً الحضور: «حاربنا معاً (يقصد عاصفة الصحراء) لإبقاء إيران خارج العراق، بعدما أخرج الأخير من الكويت.
والآن نسلم كل العراق لإيران من دون أي مبرر». كان تسليم العراق بدأ في عهد الإدارة الجمهورية للرئيس جورج بوش الابن. سيأتي الرئيس الديموقراطي باراك أوباما بعد ذلك ويستكمل عملية التسليم بسحب القوات الأميركية بالكامل من العراق، وإخلاء الساحة للنفوذ الإيراني. والأكثر من ذلك بدء التفاوض النووي مع إيران، ووضع ما يمكن أن يكون أسس إعادة العلاقة بين واشنطن وطهران. والحقيقة أن الحال العراقية بما انتهت إليه تمثل فشلاً عراقياً مأسوياً، لكنها في الوقت نفسه تمثل حال فشل عربية أيضاً. وعندما تأخذ مسار الأحداث ومآلاتها لما قبل عام 1975، وكذلك لما بعد هذا التاريخ، تدرك صدق ما قاله وزير الخارجية السعودي للصحافي الأميركي عام 2009. ينقل هذا الصحافي عنه أنه «بعد كل تلك السنوات (أي منذ 1975)، يعتبر أن إرثه تميز بالكثير من الإخفاقات وليس الكثير من النجاحات». وهو يقصد بالإخفاقات هنا ما يتعلق منها بالقضايا العربية الكبيرة، خصوصاً القضية الفلسطينية، كما أشير من قبل. وهذه شجاعة في مواجهة الحقيقة لم يعتد عليها السياسيون العرب، خصوصاً أن مسؤولية الإخفاقات في القضايا العربية لا تقع على عاتق سعود الفيصل تحديداً، ولا على بلد بعينه من دون الآخر.
تمثل وفاة الأمير سعود الفيصل علامة فارقة بالنسبة إلى السعودية. برحيل وزير الخارجية السابق تكون المملكة خسرت صوتاً كان يتمتع إقليمياً ودولياً بقبول واسع، واحترام كبير، وكسب ذلك ليس لأنه كان يمثل دولة إقليمية كبيرة فحسب، بل بشخصيته التي تميز بها، إذ عُرف عن سعود الفيصل ثلاثة أمور: تهذيب يتداخل مع ذكاء لماح، وصلابة موقف تعكس قناعة متجذرة، وقاموس يخلو من اللغو حتى في أصعب اللحظات. في عام 2009 تحدث سعود الفيصل من مكتبه في الرياض إلى صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، حينها كان أكمل 35 سنة في وزارة الخارجية. وقال عن هذه السنين للصحيفة الأميركية: «لم نعرف في كل ذلك الوقت لحظة فرح واحدة، كل ما رأيناه حتى الآن لحظات أزمات، ولحظات صراع». ثم أضاف: «كيف يمكن أن ترى لحظة سعادة في أي شيء يحدث حولك، ولديك شعب مثل الشعب الفلسطيني يعيش كما هي حالهم الآن». قال ذلك قبل ما يقرب من السنتين من انفجار الانتفاضات الشعبية في خمس دول عربية، وانزلاقها إلى حروب أهلية، وانهيار دول، واهتزاز عروش وأنظمة. خلال 40 سنة من العمل الدبلوماسي كان من نصيب سعود الفيصل أن يعمل في أكثر المنعطفات التاريخية دقة وخطورة من تاريخ المنطقة، بدأ عمله في الخارجية بعد أقل من ثلاثة أشهر من انفجار الحرب الأهلية اللبنانية صيف 1975.