السؤال: في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من يوم طلعت شمسه إلا وملكان يناديان: اللهم أعط منفقاً خلفاً وممسكاً تلفاً". هذا، ولكننا نرى عكس الحديث في الحياة! اللهم اعط منفقا خلفا واعط ممسكا تلفا. نرى أناسا ينفقون ويتصدقون ويفعلون الخير. وهم في ضيق من العيش، ونرى غيرهم ممسكين بخلاء لا ينفقون مليما واحدا لوجه الله، وحالتهم المادية في ازدياد فهل هذا الحديث صحيح أم مكذوب؟ وإذا كان صحيحا فأين خلف المنفقين، وتلف الممسكين؟ جواب فضيلة الشيخ: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الحديث المذكور حديث صحيح، متفق عليه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً". وقد ورد في معنى الحديث أحاديث أخر، كلها تؤيد هذا المعنى، منها ما رواه مسلم والترمذي عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا ابن آدم، إنك إن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك". وهل هناك أصدق من كتاب الله الذي يقول في الحث على الإنفاق، والانتصار على دواعي البخل: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:268)، ويقول تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (سبأ:39).
حديث «ما من يوم يصبح العباد فيه.. » ، «اليد العليا خير من اليد السفلى.. » تاريخ النشر: ١٨ / محرّم / ١٤٢٨ مرات الإستماع: 41571 اللهم أعطِ منفقاً خلفاًً اليد العليا خير من اليد السفلى الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: ففي باب النفقة على العيال أورد المصنف -رحمه الله-: حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقاً خلفاًً، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكاً تلفاً [1] ، متفق عليه.
5/548- وعن أبي هُريرة قَالَ: قالَ رَسُول اللَّه ﷺ: مَا مِنْ يَوْمٍ يُصبِحُ العِبادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا متفقٌ عَلَيْهِ. 6/549- وعنه : أَن رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: قَالَ اللَّه تَعَالَى: أَنْفِق يَا ابْنَ آدمَ يُنْفَقْ عَلَيْكَ متفقٌ عَلَيْهِ. 7/550- وعن عبداللَّهِ بن عَمْرو بن العَاصِ رضي اللَّه عنهُما: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رسول اللَّه ﷺ: أَيُّ الإِسلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: تُطْعِم الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ متفقٌ عَلَيْهِ. 8/551- وعنه قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: أَرْبَعونَ خَصْلَةً –أَعلاهَا: مَنِيحَةُ العَنْز- مَا مِن عَاملٍ يَعْمَلُ بخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابهَا وَتَصْدِيقَ مَوْعُودهَا إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّه تَعَالَى بِهَا الجَنَّةَ رواه البخاري. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه. أما بعد: فهذه الأحاديث فيها الحثّ على النَّفقة والإحسان والجود والكرم، وأنه ينبغي للمؤمن إذا كانت عنده سعة أن يُنْفِق ويُحْسِن، كما في الحديث الصَّحيح، يقول النبيُّ ﷺ: ما من يومٍ يُصْبِح فيه الناسُ إلَّا وينزل ملكان، يقول أحدُهما: اللهم أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقول الثاني: اللهم أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا ، فهذا يدل على فضل عظيم للإنفاق، وأن صاحب النفقة تدعو له الملائكة بالخلف، فينبغي الإكثارُ من ذلك.
والخلاصة: أن الأحاديث في هذا الباب تدل على أنه لا عدوى على ما يعتقده الجاهليون من كون الأمراض تعدي بطبعها، وإنما الأمر بيد الله سبحانه، إن شاء انتقل الداء من المريض إلى الصحيح وإن شاء سبحانه لم يقع ذلك، ولكن المسلمين مأمورون بأخذ الأسباب النافعة، وترك ما قد يفضي إلى الشر. أما قوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا طيرة)) فالمعنى إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية من التطير بالمرئيات والمسموعات مما يكرهون وتردهم عن حاجتهم فأبطلها النبي صلى الله عليه وسلم. وقال في الحديث الآخر: ((الطيرة شرك الطيرة شرك))[9]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك))[10]، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من ردّته الطيرة عن حاجته فقد أشرك، قالوا: وما كفارة ذلك يا رسول الله؟ قال: أن يقول اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله إلا غيرك))[11]. وأما الهامة: فهو طائر يسمى البومة، يزعم أهل الجاهلية أنه إذا نعق على بيت أحدهم فإنه يموت رب هذا البيت، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا صفر)) فهو الشهر المعروف، وكان بعض أهل الجاهلية يتشاءمون به، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وأوضح صلى الله عليه وسلم أنه كسائر الشهور ليس فيه ما يوجب التشاؤم.
لا طيرة: والطيرة هي التشاؤم؛ إذ كان أهل الجاهلية إذا أرادوا الخروجَ في سفرٍ، فإنَّهم يعتبرون مرور الطيرِ عن يمينهم استبشارًا لهم، ومروره علن يسارهم تشاؤمًا لهم، فجاء الإسلام ونهاهم عن ذلك. ولا هامة: والهامة هي طيرٌ يطيرُ بالليل، أو بومةٌ، وفيما يأتي ذكر اعتقادهم في كلا الأمرين: الطير الذي يطير بالليل: كانوا يعتقدون أنَّه روح القتيل الذي لم يتمَّ الثأر له. البومة: وكانوا يعتقدون أنَّ سقوطها في بيتِ أحدهم يعني حدوث مصيبةٍ لأهل هذا البيت. ولا صفر: وهو أحد الشهور القمرية، وهو شهرٌ يقع فيه الخير والشرَّ، وقد بيَّن النبيُّ في هذا الحديث أنَّ لا شي يق إلى بقدرٍ من الله. وفرَّ من المجذوم: وهنا أمر من النبيِ للمسلمِ بأن يبتعد عن المريضِ بالجذام؛ ليعلِّم المسلم بأن يأخذ بالأسباب، والجذام هو عبارة عن مرضٍ تتآكل بسببه أعضاء الإنسان. كما تفرُّ من الأسد: كفرورك خوفًا من الأسد. شاهد أيضًا: صحة حديث خير يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة التوفيق بين محتوى الحديث في ظاهرِ الحديث الشريف تناقضًا، لكن في الحقيقة أنَّن لا تناقض بين محتوى الحديِثِ الشريفِ، وفيما يأتي التوفيقَ بين لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وبين وفر من المجذوم، إذا أنَّه في الشطر الأول من هذا الحديث الشريف يبيِّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الأمراض لا تعدي بطبعها، لكنَّها تعدي إذا شاء الله -عزَّ وجلَّ- للسليم أن يُصاب بهذا المرض، وقد يُخالط السليم المريضِ ولا يُصاب بالمرض، مع ذلك على المسلم أن يأخذ بالأسباب ويبتعد عن المريض، من غيرِ اعتقادٍ منه بأنَّه سيُصاب بالعدوى لا محالة إذا اقترب منه.
Ma$Ter:: مراقب عام:: #1 حكــم التشـــاؤم بالطيــور والحيــوانــات؟ قال رسول الله -ﷺ-: "لا عَدوى، ولا طيَرةَ، ولا صفرَ، ولا هامَّة". [أخرجه أبو داود(٣٩١١)]. قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: "أما قوله -ﷺ-: "ولا طيرة" فمعناه: إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية من التطير بالمرئيات والمسموعات مما يكرهون وتردهم عن حاجتهم فأبطلها النبي -ﷺ- وقال في الحديث الآخر: " الطيرة شرك الطيرة شرك". وقال -عليه الصلاة والسلام-: "إذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك". [أخرجه أبو داود]. وروي عنه -ﷺ- أنه قال: "من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك قالوا: وما كفارة ذلك يا رسول الله؟ قال: أن يقول: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك". [أخرجه أحمد]. وأما الهامة: فهو طائر يسمى البومة، يزعم أهل الجاهلية أنه إذا نعق على بيت أحدهم فإنه يموت هذا البيت، فأبطل النبي ﷺ ذلك". [مجموع الفتاوى لابن باز رحمه الله]. "فإذا رأى مثلا عند سفره، قابل مثلا بعيرا ما أعجبه، أو حمارًا ما أعجبه، أو إنسانا ما أعجبه، فلا يهمه ذلك وليقل::اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك" ولا يرجع عن حاجته.
ولما كان تطبيق هذا الأمر يستلزم ابتعاد المصلين جميعا أو بعضهم عن المسجد وتعطيل صلاة الجماعة أو تقليلها ولا يخفى ما في ذلك من المخالفة، ولذلك يقتضي أن يمنع المجذوم من هذه الوجهة ويلحق به كل من به داء معد. والله أعلم). كما علق الألباني على الحديثين؛ «لا يورد ممرض على مصح»، «فمن أعدى الأول» بقوله: (وجملة القول: أن الحديثين يثبتان العدوى وهي ثابتة تجربة ومشاهدة، والأحاديث الأخرى لا تنفيها وإنما تنفي عدوى مقرونة بالغفلة عن الله تعالى، الخالق لها. وما أشبه اليوم بالبارحة، فإن الأطباء الأوربيين في أشد الغفلة، عنه تعالى لشركهم وضلالهم وإيمانهم بالعدوى على الطريقة الجاهلية، فلهؤلاء يقال: «فمن أعدى الأول؟»، فأما المؤمن الغافل عن الأخذ بالأسباب، فهو يذكر بها، ويقال له كما في حديث الترجمة: «لا يورد الممرض على المصح»؛ أخذًا بالأسباب التي خلقها الله تعالى، وكما في بعض الأحاديث المتقدمة: «وفر من المجذوم فرارك من الأسد». هذا هو الذي يظهر لي من الجمع بين هذه الأخبار). اهـ من "السلسلة الصحيحة" (3/45 - ح971). وعليه فالمؤمن يتحرز من العدوى، ويعلم أنه لن يغني حذر من قدر، فيزداد في التوكل على الله تعالى، فالأمر كله لله، وبالله التوفيق.
وقال بعض أهل العلم: إنها دابة تكون في البطن، تسمى: صفر. وكان بعض أهل الجاهلية يعتقدون فيها أنها تعدي، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك. وأما النوء: فهو واحد الأنواء، وهي النجوم، وكان بعض أهل الجاهلية يتشاءمون ببعض النجوم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك. وقد أوضح الله سبحانه في القرآن العظيم أنه خلق النجوم زينة للسماء ورجوماً للشياطين، وعلامات يهتدى بها في البر والبحر، كما قال الله سبحانه: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ[12]، وقال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ[13] الآية، وقال سبحانه: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ[14]. وأما الغول: فهو جنس من الجن يتعرضون للناس في الصحراء، ويضلونهم عن الطرق ويخوفونهم، وكان بعض أهل الجاهلية يعتقدون فيهم، وأنها تتصرف بقدرتها، فأبطل الله ذلك. وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان))[15]، والمعنى: أن ذكر الله يطردها، وهكذا التعوذ بكلمات الله التامات من شرّ ما خلق، يقي من شرها وشر غيرها، مع الأخذ بالأسباب التي جعلها الله أسباباً للوقاية من كل شر.
إن الشخص المتشائم يبالغ في تقييم المواقف والظروف التي يمر بها في حياته ويتوهم حدوث أشياء لا تمت للواقع بصلة وينساق خلفها دون أن يقدم على عمل نافع أو ناجح، وبالطبع سيؤدي به ذلك إلى الفشل، فهو عديم الثقة بنفسه حبيسا لمشاعر سلبية دون أن يعمل على التخلص منها. وقد أشار العلماء إلى أن للتشاؤم أضرارا بالغة سواء على النفس أو الجسد، فهو سبب رئيس للقلق والتوتر ولانخفاض الروح المعنوية، كما أنه يقود إلى ارتفاع ضغط الدم واضطراب في الجهازين العصبي والهضمي. إن من أهم طرق علاج التشاؤم أن ينظر الإنسان إلى الحياة والكون نظرة إيجابية فما من ضيق إلا وسيتبعه فرج: ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج كما أن عليه أن يعزز من ثقته بنفسه ويكثر من قراءة قصص الناجحين الذين استطاعوا أن يجعلوا التشاؤم خلف ظهورهم وينطلقوا في مناحي الحياة، متكلين على الله ثم على قدراتهم وجهودهم.