هل فككتَ القيود التي حَفرتَ فوق زنديَّ فجوه أخوك أنا!
عدٍّ قراحٍ منبعه وهذي خلاصة تجربة عدّة عقود وبْخط وافين الخصال موقَّعَه مضمونها يروي معاطيش الكبود ويلقى بها العاقل مناه ومطمعه.
ذات صلة أجمل شعر عن الأخ شعر عن الأخ الأخوة الأخوة كلمة أكبر مما نتصور، فهي تعبر عن صوت لا شعوري نصدره عندما نشعر بالألم!! يا ترى ما السر في قول كلمة (أخ) عند الشعور بالألم أو الشعور بالتعب أو حتى المرض؟ إنّ هذه الكلمة محفورة في العقل الباطني والذي يعتبر أن الأخ هو السند في الأوقات العصيبة، فكم من طفل مات والداه وتربى بين يدي أخيه الكبير، ولا يعرف الإنسان قيمة الأخ إلّا في حالة الفراق، فبالفراق يشعر الإنسان بقيمة ما فقده بإحساسه بالفراغ العاطفي الكبير الذي من شأنه أن يبعده عن الآخرين، وفي هذا السياق بالتحديد تكثر الكلمات والأشعار، وكم من أخ لك لم تلده أمك، فما بالك بأخيك الذي من بطن أمك، تفكر في معاني هذه الأشعار لعلك تأخذ الأخوة الصادقة بعين الاعتبار، فالأخوة هي أغلى ما تملك العائلة.
قال تعالى: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ـ الحجرات:10). تحمل هذه الآية الكريمة أمرا مهما وملزما للمسلمين بأن يصلحوا ما بينهم من خلافات، وأن يحافظوا على الأخوة بينهم، وأن يبذلوا كل جهد ممكن للإصلاح بين المتخاصمين من المؤمنين، لأن قوة الأمة في وحدتها وتماسكها، أما الضغائن والخلافات فإنها بداية النهاية لأي أمة وتؤدي إلى الضعف والفرقة والتفكك وتتيح الفرصة للانتهازية السياسية ولأصحاب المصالح والأجندات الخاصة والذين يتربصون بالأمة الإسلامية ويعملون من أجل تقويض وحدتها والعصف بتماسكها وإعادتها إلى عصور الجاهلية بما كان سائدا بها من حروب ونزاعات. وقد بادر صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد بما عهدناه عن سموه من حكمة بالتحرك بين الاشقاء في مسعى محمود لاحتواء الأزمة ورأب الصدع، قبل أن تخرج علينا بعض وسائل الإعلام الأجنبية والعربية لتزعم بأن هناك تطوع من بعض القوى الأجنبية لتلعب دور الوسيط في تسوية ما أسمته بالنزاعات بين الدول الشقيقة، وهو أمر ليس مقبولا للجميع أن يكون الوسيط من خارج البيت وأن نتيح الفرصة لقوى خارجية للتدخل في شؤوننا الداخلية وهموم بيتنا الواحد.
فأشارت جملة { إنما المؤمنون إخوة} إلى وجه وجوب الإصلاح بين الطائفتين المُتبَاغِيَتَيْن منهم ببيان أن الإيمان قد عَقَد بين أهله من النسب الموحَى ما لا ينقص عن نسب الأخوة الجسدية على نحو قول عمر بن الخطاب للمرأة التي شكت إليه حاجة أولادها وقالت: أنا بنت خُفاف بن أيْمَاء ، وقد شهد أبي مع رسول الله الحديبية فقال عمر «مرحبا بنسب قريب». ولما كان المتعارف بين الناس أنه إذا نشبت مشاقّة بين الأخوين لزم بقية الإخوة أن يتناهضوا في إزاحتها مشياً بالصلح بينهما فكذلك شأن المسلمين إذا حدث شقاق بين طائفتين منهم أن ينهض سائرهم بالسعي بالصلح بينهما وبثِّ السفراء إلى أن يرقعوا ما وهى ، ويرفعوا ما أصاب ودهَى. وتفريع الأمر بالإصلاح بين الأخوين ، على تحقيق كون المؤمنين إخوة تأكيد لما دلت عليه { إنما} من التعليل فصار الأمر بالإصلاح الواقع ابتداء دون تعليل في قوله: { فأصلحوا بينهما ، وقوله: { فأصلحوا بينهما بالعدل} [ الحجرات: 9] قد أردف بالتعليل فحصل تقريره ، ثم عقب بالتفريع فزاده تقريراً. وقد حصل من هذا النَظم ما يشبه الدعوى وهي كمطلوب القياس ، ثم ما يشبه الاستدلال بالقياس ، ثم ما يشبه النتيجة. ولمَّا تقرر معنى الأخوة بين المؤمنين كمالَ التقرّر عُدل عن أن يقول: فأصلحوا بين الطائفتين ، إلى قوله: { بين أخويكم} فهو وصف جديد نشأ عن قوله: { إنما المؤمنون إخوة} ، فتعين إطلاقه على الطائفتين فليس هذا من وضع الظاهر موضع الضمير فتأمل.
مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 24/10/2015 ميلادي - 11/1/1437 هجري الزيارات: 21577 الإصلاح من المصالحة؛ وهو رفع النِّزاع والفرقة، وإطفاء الثائرة بين الناس، وإزالة الفساد الذي دب بينهم، بسبب الخصام والنزاع على أمرٍ من أمور الدنيا. والإصلاح بين المؤمنين إذا تنازعوا واجب لا بد منه؛ لتستقيم حياة المجتمع، ويتجه نحو العمل المثمر، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ﴾ [الحجرات: 9]. وهو أيضاً من مقتضيات الأخوة، ولوازم التقوى، وبه تستمطر الرحمات من الله؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10]، فرحمة الله قريب من المحسنين الذين يصلحون بين الناس؛ إذن: الإصلاح نوع من أنواع الإحسان، ولهذا يأتي بمعنى الإحسان؛ قال تعالى: ﴿ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88]. وضده الإفساد؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ [الأعراف: 56]،لذلك كان من علامات المنافقين ووسمهم؛ السعي في الفساد، ومحاربة الإصلاح، ثم ادعاء خلاف ذلك؛ كما أخبر الله عنهم: ﴿ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 11]، بينما حقيقتهم قوله: ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 12].