وانظر وتأمَّل كيف يُقْسِم النبي ثلاثًا وعلى ماذا؛ فعن عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: "وَاللهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لا يُؤْمِنُ". قيل: من يا رسول الله؟ قال: "الَّذِي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ" [14]. وهو هنا لا ينفي الإيمان عمَّن يؤذي جاره، بل عن الذي لا يأمن جاره من أذاه، إنه تعبير عن حُسن الخُلق لا عن الإيذاء؛ لأن الجار يأمن جاره أو لا يأمنه من مجمل ما يراه منه من أخلاق، والذي قصده النبي r في هذا الحديث ليس من يؤذي جاره، بل الذي كانت أخلاقه لا تُطَمْئِن جاره فيأمن شروره. تلك لفتة عظيمة لا يُعرف أن لها سابقًا في التاريخ، ولا في أفكار البشر، ونعم.. إنها دين الله، ووحي السماء. قصه قصيره عن حسن الخلق. ورسم النبي r صورة لرجل من أمته كان يُصَلِّي وينفق ويصوم، ولكن أخلاقه لم تستقم، فأخبر أنه سيأتي يوم القيامة لا ليدخل الجنة بل ليدخل النار، يقول النبي r: "أَتَدْرُونَ مَا الْـمُفْلِسُ؟". قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: "إِنَّ الْـمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ" [15].
من أخلاق الصحابة والسلف كان أويس القرني إذا رماه الصبيان بالحجارة يقول: يا إخوتاه، إن كان ولابد. . فارموني بالصغار لئلا تدموا ساقي فتمعنوني من الصلاة وخرج إبراهيم بن أدهم إلى بعض البرارى فاستقبله جندي فقال: أين العمران؟ فأشار إلى المقبرة، فضرب رأسه فشجه فلما أخبر أنه إبراهيم، جعل يقبل يده ورجله فقال: إنه لما ضرب رأسي سألت الله له الجنة لأني علمت أنى أؤجر بضربه إياي فلم أحب أن يكون نصيبي منه الخير ونصيبه منى الشر وأجتاز بعضهم في سكة، فطرح عليه رماد من السطح فجعل أصحابه يتكلمون. قصه عن حسن الخلق للاطفال قصيره. فقال: من استحق النار فصولح على الرماد ينبغي له أن لا يغضب. جاء في البخاري من حديث ابن عباس رضى الله عنهما، أن رجلاً استأذن على عمر رضى الله عنه، فآذن له فقال له: يا ابن الخطاب، والله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر رضى الله عنه، حتى هم أن يوقع به .
ملخص المقال حث الإسلام على حسن الخلق وجمال الأخلاق، حتى إن الغاية من رسالة الإسلام هي حسن الخلق حسن الخلق هو المعنى الذي بحثت عنه البشرية كثيرًا، وتطلعت إليه منذ ظهور الفلاسفة في القديم، وتخيلوا أن يسود هذا المعنى، فكتبوا مثلاً عن (المدينَة الفاضلة)، ولما بدا لهم أنها حُلم مستحيل، اكتفى العالم الآن أن يسمِّي هذا المعنى بـ (الإنسانية). قصة عن حسن خلق رسول الله – Hanan Saud. ولفظ (الإنسانية) في المعنى الغربي يقترب في القاموس الإسلامي من معنى "الرحمة"، والرحمة كلها ليست إلا جزءًا من حسن الخُلق في الإسلام؛ لأنه أعم من ذلك؛ فمنه الصبر واحتمال الأذى ومساندة الحق، يقول الحارث المحاسبي: "ومن علامة حسن الخلق احتمال الأذى في ذات الله، وكظم الغيظ، وكثرة الموافقة لأهل الحق على الحق، والمغفرة والتجافي عن الزِّلَّة" [1]. بل الإمام الغزالي يقول: "وليس حسن الخلق كف الأذى، بل احتمال الأذى" [2]. فضل حسن الخلق مدح الله تعالى رسوله r بحُسن خلقه فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]. وقد جعل النبي r التفاوت في الإيمان بين المسلمين هو حُسن الخلق، حتى إن أحسنهم أخلاقًا هو أكملهم إيمانًا؛ روى البزار عن أنس بن مالك t أن النبي r قال:"إِنَّ أَكْمَلَ الْـمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَإِنَّ حُسْنَ الْـخُلُقِ لَيَبْلُغُ دَرَجَةَ الصَّوْمِ وَالصَّلاةِ" [3].
في صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « «يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير» » في صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « « يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير » » وأصحاب هذه القلوب التي تشبه قلوب الطير حالهم عجيب ، وقد ذكر الشراح في تفسير الحديث عدة معان كلها محتملة ، ولا مانع من الجمع بينها. - منها ان قلوبهم تشبه قلوب الطير في التوكل على الله حق التوكل ، فهذه الطيور الضعيفة تغادر أوكارها في الصباح جائعة وتعود آخر النهار وقد شبعت ، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً، وتروح بطاناً " - ومنها ان قلوبهم تشبه قلوب الطير في الرقة والحنان ، فلا قساوة فيها ولا غلظة ولا صلابة مذمومة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " « لا تنزع الرحمة إلا من شقي » " - ومنها أن قلوبهم تشبه قلوب الطير في شدة الخوف والوجل ، والطير من أكثر الحيوان خوفا وفزعا ، وأصحاب تلك القلوب من أشد الناس خوفا من الله وهيبة من عظمته وجبروته. فاللهم ارزقنا حسن التوكل عليك وحدك ، والخوف منك لا من أحد سواك، ورقة القلب ورحمته بخلقك ، واجعلنا من أهل الجنة ، وسائر عبادك المسلمين.
لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي اضغط هنا تنزيل الصورة: ملف نصّي أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير. رواه مسلم بالضغط على هذا الزر.. سيتم نسخ النص إلى الحافظة.. حيث يمكنك مشاركته من خلال استعمال الأمر ـ " لصق " ـ شارك:
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.