ثم قال: وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ أمره أن يعلم، وهذا توكيد، و(أن) هذه بمنزلة إعادة الجملة مرتين أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ولم يقل: واعلم أني عزيز حكيم، وإنما أظهر لفظ الجلالة لما فيه من تربية المهابة، فهذا مقام عظمة لله -تبارك وتعالى، وهو إحياء للموتى، ولا أحد يستطيع أن يُحي الموتى إلا الله -تبارك وتعالى. وجاء بالجملة الاسمية وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ التي تدل على الثبوت، فهذه أوصاف ثابتة لله -تبارك وتعالى، وكذلك (العزيز) و(الحكيم) كل ذلك على وزن (فعيل) يعني صيغة مبالغة، فالله -تبارك وتعالى- بالغ العزة، وهو أيضًا بالغ الحكمة، لا يُغالب ، وأيضًا يضع الأمور في مواضعها، ويوقعها في مواقعها، واجتماع هذين الاسمين فيه كمال ثالث، وهو أن العزة في المخلوقين قد تكون سببًا لشيء من العسف والقهر والتسلط بغير حق والظلم، ونحو ذلك، لكن إذا كان معها حكمة، فهذا هو الكمال، فتكون هذه العزة مزمومة بالحكمة. وكذلك قد توجد الحكمة بالنسبة للمخلوقين، لكن ليس معها عزة، فيكون ضعيفًا، ولا رأي لمن لا يُطاع مهما كانت حكمته، لكن إذا كان معها عزة، فيستطيع أن يُحقق بها ما يُريد، فهذا لا شك أنه غاية الكمال، فلا تكتمل الحكمة إلا مع العزة، ولا العزة إلا مع الحكمة.
(12) في المطبوعة: "وجائز أن يكون لقبا والله تعالى أعلم" ، حذف "يلقب به" ، وهو وهو ثابت في المخطوطة ، وزاد ما ليس في المخطوطة. (13) انظر تفسير "الضلال" و "مبين" فيما سلف من فهارس اللغة (ضلل) (بين).
المشهد الأول: هي أطيب خلق الله بشهادة الجميع، كنت أراها بحجابها الطويل والذي يتناسب مع ملابسها الفاتنة في كل مرة كانت النساء تغار من فكرة أنها لا تغادرُ مكانها إلا وقد عدلت من هيئتها وشكلها وعند لقائي بها كانت الدعوة التي لم تفارقها:" ربي يرزقك بابن الحلال الطيب فالطيبون للطيبات".! تباعدت الأيام ومرت لألتقيها من جديد، مطلقة وطليقها فضح كل أسرار زواجها، ولم يترك لها شيئاً تستترّ به و كدت لا أعرفها.! الطيبون للطيبات هكذا تحفك تلك العبارة المستلهمة من آية كريمة وردت في سورة النور بالذكر، كلما جاء أحد على ذكر الزواج، وكأنه يقصدُ بذلك المعنى الذي نفهمهُ خلال قراءتنا الأولى، أنت جيد فلن يكتب الله لك سوى الجيد، أنتِ طيبة والله لن يكتب لك سوى طيباً، والحياة بصورها المتعددة ليست بهذه المثالية وبهذه السهولة، إنها معرض الفتن والاختبارات "لقد خلقنا الإنسان في كبد"، فكيف بها إن كان حتمياً أن يهدي الله كل شخص لما يكافئه من زوج، كيف بها إن نلنا مرادنا ولم يتقطع طريقنا ابتلاء وتمحيص؟!
تعامل رسول الله مع زوجاته بلطف ولين، وضبط النّفس في المواقف التي تحتاج إلى ذلك، والتأني في إصدار الأحكام، فقد كان يسأل عنها لمّا مرضت رغم أنّها لم تجد منه اللّطف الذي اعتادته منه. المراجع ^ أ ب سورة النور ، آية:11 ↑ صالح المغامسي، شرح المدائح النبوية ، صفحة 4، جزء 11. بتصرّف. ↑ سعيد حوّى (1995)، الأساس في السنة وفقهها/ السيرة النبوية (الطبعة 3)، القاهرة:دار السلام، صفحة 722، جزء 2. بتصرّف. ↑ محمد بن طه (2012)، الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية بترتيب أحداث السيرة النبوية (الطبعة 2)، القاهرة:دار ابن حزم ، صفحة 279. بتصرّف. ↑ محمد متولي الشعراوي ، تفسير الشعراوي/ الخواطر ، القاهرة:مطابع أخبار اليوم ، صفحة 972، جزء 2. بتصرّف. ↑ مقاتل بن سليمان (1423)، تفسير مقاتل بن سليمان (الطبعة 1)، بيروت:دار إحياء التراث، صفحة 189-188، جزء 3. بتصرّف. الطيبون للطيبات والخبيثون للخبيثات تفسير. ↑ محمد بن عثيمين (1421)، شرح العقيدة الواسطية (الطبعة 6)، المملكة العربية السعودية:دار ابن الجوزي، صفحة 342، جزء 1. بتصرّف. ↑ سورة النور ، آية:22 ↑ محمد بن عثيمين (1426)، شرح رياض الصالحين ، الرياض:دار الوطن للنشر، صفحة 489-490، جزء 3. بتصرّف. ^ أ ب سليمان الندوي (2003)، سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها (الطبعة 1)، دمشق:دار القلم، صفحة 131-132.
كما حدثنا أبو زرعة، قال: ثنا العباس بن الوليد النرسي، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة: ( لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ): مغفرة لذنوبهم ورزق كريم في الجنة.