فهذا مختصر أحكام زكاة الفطر والعيدين من كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة وهو كتاب من إعداد: نخبة من العلماء.. الحمد لله الكريم المنان، والصلاة والسلام على المبعوث بالرحمة للإنس والجان، أما بعد: فهذا مختصر أحكام زكاة الفطر والعيدين من كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة وهو كتاب من إعداد: نخبة من العلماء ، كما أنه (واضح العبارة، سهل التناول، يستفيد منه العامة والخاصة في عباداتهم ومعاملاتهم) كما جاء في مقدمته، فهذا الاختصار دليل إلى الكتاب الأصل ولا يغني عنه. أولًا: زكاة الفطر: ويقال لها: صدقة الفطر: وسميت بذلك: لأنها تجب بالفطر من رمضان ، ولا تعلق لها بالمال، وإنما هي متعلقة بالذمة، فهي زكاة عن النفس والبدن. وهي واجبة على كل مسلم كبير وصغير، وذكر وأنثى، وحر وعبد. ويستحب إخراجها عن الجنين إذا نفخت فيه الروح، وهو ما صار له أربعة أشهر. ويجب على المسلم أن يُخرجها عن نفسه، وعمن تلزمه نفقته، من زوجة أو قريب، وكذا العبد. وشروطها: الإسلام، ووجود ما يفضل عن قوته، وقوت عياله، وحوائجه الأصلية في يوم العيد وليلته. ومن حِكَمِهَا: تطهير الصائم مما عسى أن يكون قد وقع فيه في صيامه، من اللغو والرفث.
قالوا: وهذا أخذ بالقيمة، والناس هنا هم الصحابة. أما استدلاله بالنظر فقد قال: إن المقصد من زكاة الفطر هو إغناء الفقير وذلك يتحقق بالإطعام وبإعطاء القيمة. هذا، وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية جواز إخراج القيمة إذا كان في ذلك مصلحة للفقير، فقد قال في مجموع الفتاوى: "وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز، وعند أبي حنيفة يجوز، وأحمد ـ رحمه الله ـ قد منع القيمة في مواضع، وجوزها في مواضع، فمن أصحابه من أقر النص، ومنهم من جعلها على روايتين. والأظهر في هذا: أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه... إلى أن قال رحمه الله: "وأما إخراج القيمة للحاجة، أو المصلحة، أو العدل فلا بأس به". [7] ثانياً: مقاصد زكاة الفطر: نستطيع أن نحدد مقاصد زكاة الفطر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: " فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ" فيمكن أن نستنبط من ذلك أن مقاصد زكاة الفطر هي: 1- تطهير الصوم مما عسى أن يكون شابه من لغو أو رفث أو نحو ذلك مما يتنافى مع آداب الصوم، فهي تجبر الصوم كما تجبر السنن الرواتب الصلوات المفروضة.
ويسن أن تصلى في الصحراء خارج البنيان، ويجوز صلاتها في المسجد الجامع، مِنْ عذر كالمطر والريح الشديدة، ونحو ذلك. ووقتها كصلاة الضحى بعد ارتفاع الشمس قدر رمح إلى وقت الزوال، ويسن تعجيل الأضحى في أول وقتها، وتأخير الفطر. وصفتها: ركعتان قبل الخطبة ، يكبِّر في الأولى بعد تكبيرة الإحرام والاستفتاح، وقبل التعوذ ستاً. وفي الثانية قبل القراءة خمساً، غير تكبيرة القيام، ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ثم يقرأ بعد الاستعاذة جهراً بغير خلاف، ويقرأ الفاتحة ، وبعدها في الأولى بـ (الأعلى)، وفي الثانية بالغاشية، أو(ق)، و(القمر)، وموضع الخطبة في صلاة العيد بعد الصلاة، ولا يسن لمن فاتته قضاؤها. ويسن أن تؤدى في مكان بارز وواسع، خارج البلد، يجتمع فيه المسلمون لإظهار هذه الشعيرة، وإذا صليت في المسجد لعذر فلا بأس بذلك، ويسن تقديم صلاة الأضحى وتأخير صلاة الفطر. ويسن أن يأكل قبل الخروج لصلاة الفطر تمرات، وألَّا يطعَم يوم النحر حتى يصلي. ويسن أن يتجمل المسلم، ويغتسل، ويلبس أحسن الثياب، ويتطيب ويبكر ويمشي، ويكثر الذكر بالتكبير والتهليل، ويخالف الطريق. ويسن أن يخطب في صلاة العيد بخطبة جامعة شاملة لجميع أمور الدين، ويحثهم على زكاة الفطر، ويبين لهم ما يخرجون، ويرغبهم في الأضحية، ويبين لهم أحكامها، وتكون للنساء فيها نصيب.
ثانيًا: لا يُشترط في إخراجها الاقتصار على: (التمر، والزبيب، والشعير، والأَقط) الواردة في حديث أبي سعيد الخدري الذي رواه البخاري، بل يمكن إخراجها مما يقتاته الناس من الطعام، قال ابن القيم _رحمه الله_ في "إعلام الموقعين": "وهذه كانت غالبَ أقواتهم بالمدينة، فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم كمن قوتهم الذرة أو الأرز أو التين أو غير ذلك من الحبوب. فإن كان قوتهم من غير الحبوب كاللبن واللحم والسمك: أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائنًا ما كان، هذا قول جمهور العلماء، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره؛ إذ المقصود سَدُّ خُلَّةِ المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم". ثالثًا: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّه لا يجوز إخراج زكاة الفطر نقدًا لمستحقيها؛ لأن الأصل في العبادات التوقيف، وقد ورد الشرع بالنص على الطعام، وهو ما عمل به الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده، كما أنَّ الحكمة من زكاة الفطر _كما سبق_ إطعام الفقراء والمساكين ليلة العيد ويومه، لا توفير حاجاتهم من الملبوسات، والمساكن، وغيرها، فتلك تلبيها الزكاة والصدقات الأخرى. لكن يجوز دفعها نقدًا لمن يقوم بشراء الطعام، ثم يوزعه على مستحقيها، وفي هذه الحالة تُقوَّم الزكاة بغالب قوت أهل البلد، فإن قُوُّمت بالأرز مثلاً فيكون مقدار الصاع الواحد (2.
ذات صلة لمن تعطى زكاة الفطر شروط زكاة الفطر حُكم زكاة الفطر تُعَدّ زكاة الفطر عند جمهور الفقهاء واجبة على كلّ مسلم ومسلمة، وقد حدّدها الشارع بصاع* من حِنطة، أو شعير، أو تمر، ويُشار إلى أنّها فُرِضت في السنة الثانية من الهجرة في شعبان من العام نفسه الذي فُرِض فيه الصيام، والدليل على وجوبها ما يأتي: [١] ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِن رَمَضَانَ علَى النَّاسِ، صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، علَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، مِنَ المُسْلِمِينَ). [٢] ما رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: (كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كانَ فِينَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ، عن كُلِّ صَغِيرٍ، وَكَبِيرٍ، حُرٍّ، أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِن طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِن أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ علَى المِنْبَرِ، فَكانَ فِيما كَلَّمَ به النَّاسَ أَنْ قالَ: إنِّي أَرَى أنَّ مُدَّيْنِ مِن سَمْرَاءِ الشَّامِ، تَعْدِلُ صَاعًا مِن تَمْرٍ فأخَذَ النَّاسُ بذلكَ.
جميع الحقوق محفوظة 1998 - 2022