الكلمة المفتاحية الأكثر ترداداً هذه الأيام على ألسنة المسؤولين أعضاء اتحاد المقاولين السياسيين في لبنان، الموزعين بين مجلس النواب والحكومة وأحزاب المافيا السياسية، هي كلمة "حقوق المودعين". الجميع يؤيد المحافظة على حقوق المودعين، ويكاد البعض أن يتولى تنفيذ عمليات انتحارية خاطفة بحجة الدفاع عن حقوق المودعين المزعومة، بعد أن شاركت الأغلبية الساحقة من الطغمة الحالية في إهدار هذه الحقوق وتضييعها. نجوم ساحة المبارزة حول الحقوق المهدورة انتقلوا الآن إلى مجلس النواب، تركيزاً على مشروع قانون الكابيتال كونترول. فقد بات متعارفاً عليه أن هذا القانون كان يجب أن يقر فور انفجار الأزمة المالية الاقتصادية عام 2019، إبان وصول حكومة حسان دياب. الدول الطبيعية في العالم، والتي وقعت في مثل أزمتنا، وهي كثيرة، سارعت إلى إقرار الكابيتال كونترول فور اندلاع المشكلة، لكي تحافظ على الرساميل في خزائنها ومصارفها وتحميها من التسرب خارج البلاد. أوكرانيا: في ما يتجاوز صحة بوتين العقلية (تحليل) | الشرق الأوسط. في لبنان تصرف الجميع عكس هذا الاحتمال. القوى السياسية المسيطرة، وبمعرفة مسبقة وخطط معدة، تقاطعت مصالحها مع حاكمية مصرف لبنان على عدم إقرار الكابيتال كونترول، لكي تبقي الأمور بيدها وتحت سيطرتها.
يدور همس بين الخبراء الغربيين في السياسة الروسية أن الرئيس فلاديمير بوتين سيضغط زر إطلاق الأسلحة النووية إذا شعر أنه يقترب من هزيمة محققة في أوكرانيا. ورغم أن الحرب الحالية والأزمة السابقة عليها توفران الشواهد الكافية للاعتقاد أن حصر ما يجري هناك بمخاوف موسكو من تمدد حلف شمالي الأطلسي وتهديده الأمن الروسي، لا تكفي لوضع هذا التطور العالمي في سياقه السليم. ذاك أن المسألة لا ترتبط بالسلامة العقلية لبوتين أو بمستوى التضليل الذي تمارسه وسائل الدعاية التابعة له ضد الجمهور الروسي ذاته. بل إن الأمر يصل إلى رؤية قيامية (أبوكاليبسية) لا ترى فائدة من وجود العالم أصلا إذا كانت روسيا فيه ذليلة وتابعة. تدمير أوكرانيا من وجهة النظر هذه، أسهل من تسليمها إلى الغرب الذي سيستغلها لتطويق روسيا وفرض معادلات جديدة هدفها إعادة موسكو إلى ما كانت عليه في تسعينات القرن الماضي: أرض للفوضى تديرها عصابات إجرامية. دعونا من صحة بوتين النفسية قليلا، ولنتفق أن الرواية الروسية التي لا تفتقر إلى مؤيدين، تقوم على أن الرئيس الحالي استعاد بعض المكانة لروسيا على الساحة الدولية. هل ينتمي هذا النوع من التفكير إلى القرن التاسع عشر؟ هل تشكل السلطة في روسيا «مافيا المافيات» بقيادة «زعيم زعماء المافيا» بوتين؟ يقلل أصحاب الرواية المذكورة من أهمية هذين السؤالين ليؤكدوا أن الغرب ما زال يفشل في الاعتراف بأن عقد التسعينات قد انتهى وأن لروسيا مجموعة من القيم لا تتفق مع مدونة السلوك الغربية.
لا تخلو دولة من وجود مهاجرين، ولكنّ الهجرة من الدول الطبيعية تمتاز ب "الإنتقائية المتبادلة" النابعة من إرادة المهاجر والدول المضيفة، وهي لا تُثير غضب أحد ولا يمكنها أن تكون عنصر استغلال في الحملات الإنتخابية، في حين أنّ الهجرة المشكو منها هي تلك الهجرة التي يتسبّب بها نهج الحكّام. في واقع الحال، إنّ المهاجِر، في هذا الزمن، هو ضحية وطنه الذي "طرده" بعدما أقفل أمامه سبل العيش، كما هو "ضحية" اليمين المتطرّف الذي يُلقي عليه تبِعة كلّ أمراض المجتمع.